الرئيس التونسي ينفى تسريب أسماء وزراء الحكومة الجديدة

الجملي ناشد المواطنين التريث وعدم التسرع

TT

الرئيس التونسي ينفى تسريب أسماء وزراء الحكومة الجديدة

فنّد الحبيب الجملي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، كل التسريبات بخصوص الأسماء المكوِّنة للحكومة المرتقبة، التي تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية المحلية، وقال إنه لا أساس لها من الصحة. داعياً، في شريط فيديو بثّه أمس، إلى التريث وعدم التسرع.
وقال الجملي إنه الآن بصدد الاطّلاع على السير الذاتية للمترشحين، مبرزاً أنه لم يتلقَّ ترشيحات كل الأحزاب السياسية التي ستشارك في الحكومة، وشدد على أنه يسعى لتكوين حكومة ذات كفاءة عالية، على حد تعبيره. مضيفاً أنه سيعلن بعد أسبوع رسمياً عن الحكومة الجديدة، وسيعرضها على البرلمان لنيل ثقته، والحصول على الأغلبية المطلقة المقدرة بـ109 أصوات.
ورشحت حركة النهضة (إسلامي)، الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، الجملي لتشكيل الحكومة الجديدة، وحصل في 15 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على تكليف رسمي من رئيس الجمهورية قيس سعيد، يمنحه مهلة شهر واحد قابل للتجديد مرة واحدة للإعلان عن تركيبة الحكومة، وقد وعد في تصريحات إعلامية سابقة بعدم تجاوز الآجال الدستورية.
وخلال الأسابيع الثلاثة التي قضاها في المفاوضات والمشاورات مع مختلف الأطياف السياسية، سعى الجملي إلى ضمان مساندة قوية لحكومته، عبر إقناع أكبر عدد من قادة الأحزاب بدعم مخططه، وإشراك المنظمات الوطنية لدعمها. غير أنه اصطدم بشروط قوية وضعها بعض الأحزاب للحصول على وزارات بعينها، وهو ما أدى إلى انسحاب حزبَي التيار الديمقراطي وحركة الشعب (لهما كتلة برلمانية تضم 41 مقعداً برلمانياً) من المشاورات، وهو ما سيمثل لاحقاً «نواة صلبة للمعارضة البرلمانية لحكومة الجملي». وتنضم هذه الكتلة البرلمانية إلى كتلة الحزب الدستوري الحر (17 مقعداً برلمانياً)، وكذلك كتلة «حركة تحيا تونس» (14 مقعداً برلمانياً) التي أكدت أن موقعها الطبيعي بعد خسارة الانتخابات البرلمانية هو المعارضة.
وتتواصل المشاورات بين رئيس الحكومة المكلف وقادة الأحزاب في ظل توتر سياسي ناجم عن صراع آيديولوجي بين حركة النهضة، والحزب الدستوري الحر (ليبرالي)، الذي خاض منذ الثلاثاء الماضي، اعتصاماً مفتوحاً داخل قاعة الجلسات في البرلمان، في انتظار فض الخلاف بين الطرفين، وذلك بعد تبادل شتائم وإهانات بين نائبتين برلمانيتين، تنتميان إلى هذين الحزبين.
ويرى مراقبون للشأن السياسي المحلي أن «الحزام السياسي الداعم للحكومة سيكون ضعيفاً»، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المعارضة، التي ستكون مشتتة على اعتبار أن حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب لا يمكنهما التحالف مع الحزب الدستوري الحر (يضم قيادات من حزب التجمع المنحل)، وكذلك حركة «تحيا تونس» المنشقة عن حزب النداء.
ويمكن لهذه الكتل البرلمانية الثلاث، المكونة من 72 صوتاً برلمانياً، أن تلعب دور الثلث المعطل في حال تقديم مبادرات تشريعية للبرلمان، كما أنها قادرة نظرياً على تعطيل عمل الحكومة، خصوصاً بالنسبة إلى الملفين الاقتصادي والاجتماعي.
في المقابل، تشهد حكومة الجملي مساندة كل من حركة النهضة (54 مقعداً برلمانياً)، و«ائتلاف الكرامة» (21 مقعداً)، إضافةً إلى «كتلة الإصلاح الوطني» (15 مقعداً برلمانياً)، و«كتلة المستقبل»، التي يتزعمها الاتحاد الشعبي الجمهوري (9 مقاعد)، وبعض المستقلين. لكنّ قيادات سياسية شاركت في المفاوضات أشارت إلى تداخل الأهداف والمصالح السياسية لعدد من الأحزاب، ما أدى إلى تأجيل الإعلان الرسمي عن المترشحين لحقائب وزارية من قبل رئيس الحكومة المكلف، بعد أن كان الموعد الأولي محدداً في 8 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
وبعد الفيديو الذي نشره الجملي أمس، فإن موعد الإعلان عن الحكومة تأخر لأسبوع إضافي، بغية تقريب وجهات النظر من جديد، وتعميق دراسة الخيارات قبل تشكيل «حكومة كفاءات وطنية»، تحظى بدعم الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية، حتى وإن لم تكن مشاركة بصفة مباشرة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.