أرقام صرف الموظفين ترتفع ووزارة العمل تستنفر

25 % من العاملين في القطاع الخاص تم تسريحهم هذا العام

TT

أرقام صرف الموظفين ترتفع ووزارة العمل تستنفر

استُنفرت وزارة العمل اللبنانية بكل أجهزتها، لمواجهة حالات الصرف التعسفي للعمال اللبنانيين من وظائفهم، سواء بشكل جماعي أو إفرادي، وشكل وزير العمل في حكومة تصريف كميل أبو سليمان، لجنة طوارئ تضم ستة من كبار الموظفين في الوزارة لدراسة كل حالة من حالات صرف العمال، وإجراء المقتضى القانوني بشأنها، وإحالة تقاريرها على مجالس العمل التحكيمية، والبت سريعاً بطلبات التشاور التي تقدم بها أرباب عمل إلى الوزارة، بما يخص الإقفال أو صرف العمال.
وأوضح أبو سليمان في بيان مفصل أصدره أمس، أنه «نظراً للأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد، ورد للوزارة عدد كبير من طلبات التشاور التي تقدم بها أصحاب عمل، بالإضافة إلى عدد أكبر من شكاوى الصرف التعسفي». وشدد على أهمية «تحمل المسؤولية المشتركة انطلاقاً من ضرورة التكافل والتضامن الاجتماعي».
وإذ لفت إلى أن «المادة 50 من قانون العمل، تجيز لصاحب العمل إنهاء بعض أو كل عقود العمل الجارية في المؤسسة، إذا اقتضت قوة قاهرة أو ظروف اقتصادية أو فنية هذا الإنهاء، مثل تقليص حجم المؤسسة أو استبدال نظام إنتاج بآخر أو التوقف نهائياً عن العمل»، دعا كل صاحب عمل إلى «إبلاغ وزارة العمل رغبته في إنهاء تلك العقود قبل شهر من تنفيذه، وأن يتشاور مع الوزارة لوضع برنامج نهائي لذلك الإنهاء، تراعى معه أقدمية العمل في المؤسسة واختصاصهم وأعمارهم ووضعهم العائلي والاجتماعي والوسائل اللازمة لإعادة استخدامهم، وأن يتم التعاطي مع هذه المرحلة بطريقة استثنائية».
وأكد الوزير أبو سليمان، أن الوزارة «لا تبت بأي طلب تشاور (لصرف العمال)، إلا بعد الاجتماع مع ممثلين عنهم؛ بهدف الاستماع لوجهة نظرهم». وقال: «في حال لم يستجب صاحب العمل إلى توصية الوزارة التي تم تكوينها بناءً على المستندات المقدمة من صاحب العمل، بالإضافة إلى نتيجة التشاور مع العمال، توصي الوزارة مجلس العمل التحكيمي المختص باعتبار هذا الصرف تعسفياً، وعندها تمتنع وزارة العمل عن إعطاء أو تجديد أي إجازة عمل لعمال غير لبنانيين في هذه الشركة أو المؤسسة لمدة سنة على الأقل»، داعياً «أرباب العمل إلى الأخذ بعين الاعتبار الأرباح التي تم جنيها في السنوات السابقة واستمرارهم، لأطول فترة ممكنة دون صرف عمالهم الذين سيكون وضعهم سيئاً جداً؛ وذلك لعدم توافر فرص عمل في الظروف الراهنة».
وتتضارب الأرقام حول أعداد الموظفين المصرفين تعسفاً من المؤسسات التجارية والسياحية، وأشارت إحدى مؤسسات الإحصاء، في دراسة نشرتها قبل أيام، إلى «صرف نحو 160 ألف موظف خلال العام الحالي؛ ما يعني صرف ما يزيد على 25 في المائة من موظفي القطاع الخاص». لكن الباحث في الشركة «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، اعتبر أن هذا الرقم مبالغ فيه جداً، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المؤسسات السياحية التي تعمل بشكل موسمي، مثل الفنادق والمطاعم الموجودة في المناطق الجبلية المرتفعة، أو المطاعم والمسابح الموجودة على البحر، تصرف عمالها عند انتهاء كل موسم اصطياف؛ لأنها تقفل أبوابها بانتظار الموسم المقبل».
وثمة تخوف من ارتفاع نسبة صرف الموظفين مطلع السنة الجديدة، بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان، ويلفت شمس الدين إلى أن «الخطورة تكمن في تخفيض الرواتب لما يزيد على 50 ألف موظف، وهذا ينعكس سلباً على معيشة هؤلاء وعائلاتهم، خصوصاً أن تخفيض الراتب، يترافق من ارتفاع سعر صرف الدولار إلى حدود الـ2000 ليرة لبنانية، بدلاً من 1500 ليرة؛ ما يعني أن رب العائلة خسر 25 في المائة من قيمة راتبه».
وارتفعت في الآونة الأخيرة نسبة الدعاوى القضائية المقدمة من موظفين مصروفين، وأشار مصدر في مجلس العمل التحكيمي لـ«الشرق الأوسط»، أن نسبة الشكاوى «ارتفعت بنحو 30 في المائة في الشهرين الأخيرين مقارنة مع الفصل الأول للعام الحالي». وأكد أنه «بالاستناد إلى المعلومات المقدمة من الشاكين، فإن معظم حالات الصرف التعسفي، غايتها رغبة أصحاب العمل في خفض المصاريف، وأحياناً استبدال اللبنانيين بعمال أجانب، بما يعفي المؤسسات من تبعات الضرائب واشتراكات الضمان الاجتماعي، وبدل تقديمات المساعدات الطبية والتعليمية ومصاريف النقل وغيرها».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.