تراجع النشاط البدني للمراهقين حول العالم

تراجع النشاط البدني للمراهقين حول العالم
TT

تراجع النشاط البدني للمراهقين حول العالم

تراجع النشاط البدني للمراهقين حول العالم

أصبح خمول، أو عدم ممارسة الأطفال والمراهقين للرياضة أو حتى النشاط البدني العادي مثل المشي، من الظواهر التي تثير القلق في الأوساط الطبية نظرا للمخاطر الصحية المترتبة على الحياة الخاملة على المستويين الجسدي والنفسي. ويلعب التقدم التكنولوجي غير المسبوق بالطبع دورا كبيرا في ذلك خاصة بعد تطور الهواتف الذكية بالشكل الذي مكن مستخدميها من أداء الكثير من المهام مثل تصفح الكتب أو مشاهدة الأفلام أو حتى التسوق بدون أن يكونوا مضطرين لمغادرة المنزل.
خمول الأطفال
ورغم التحذيرات الطبية المستمرة من خطورة قلة النشاط البدني إلا أن أحدث الدراسات التي تناولت حجم المجهود البدني للمراهقين أشارت إلى وجود 4 من كل 5 مراهقين لا يمارسون نشاطا بدنيا بشكل كاف تبعا لأعمارهم.
وكانت الدراسة التي تعتبر الأولى من نوعها قد أجراها فريق بحثي من العلماء التابعين لمنظمة الصحة العالمية WHO وتم نشرها في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الجاري في دورية «لانسيت» الطبية لصحة الطفل والمراهق Lancet Child & Adolescent Health journal. وتضمنت بيانات من 146 دولة على مستوى العالم تم جمعها خلال 15 عاما بداية من 2001 وحتى 2016.
وهذه البيانات تشير بوضوح إلى مدى التراجع في النشاط البدني للأطفال والمراهقين حول العالم رغم حجم الجهود المبذولة لحث الأطفال على ممارسة النشاط وهو الأمر الذي يعني أن المشكلة ليست قاصرة على مجتمع معين دون الآخر بغض النظر عن الاختلافات الاقتصادية أو العرقية أو مستوى الرعاية الصحية.
شملت الدراسة بيانات 1.6 مليون طالب تراوحت أعمارهم بين 11 و17 عاما وكانت نسبة 81 في المائة من عينة البحث تمارس النشاط البدني بنسبة أقل من التوصيات التي حددتها منظمة الصحة العالمية تبلغ ساعة ونصفا يوميا من التمرينات الرياضية سواء العادية والتي يمكن أن يقابلها المجهود الحركي العادي لأطفال في مثل أعمارهم، أو التمرينات الشاقة التي يقوم بها المراهقون المنخرطون في رياضات تنافسية vigorous physical activity.
وفي المجمل كانت الفتيات أقل في ممارسة الرياضة من الفتيان. وتقريبا في ثلث دول العالم كانت ممارسة الفتيات أقل بـ10 في المائة من توصيات منظمة الصحة. وبشكل خاص كانت أكبر نسبة للفروق بين الذكور والإناث في ممارسة الرياضة في الولايات المتحدة وآيرلندا حيث بلغت النسبة 15 في المائة واللافت للنظر أن هاتين الدولتين من دول العالم المتقدمة وذلك في الأغلب نتيجة لتعلق المراهقين بالتكنولوجيا.
وأشارت الدراسة إلى أن الفجوة في ممارسة النشاط تبعا للجنس شملت 73 في المائة من الدول. وعلى وجه التقريب كانت نسبة 90 في المائة من الفتيات يمارسن نشاطا بدنيا أقل من التوصيات. وكانت أكبر نسبة من قلة النشاط للفتيات في كوريا الجنوبية بينما احتلت الفلبين المركز الأول بالنسبة للذكور الأقل نشاطا. وفي المجمل حدث تحسن طفيف بالنسبة للذكور حيث انخفضت نسبة الخمول من 80 في المائة إلى 78 في المائة بينما بقيت نسبة الإناث ثابتة كما هي. وأرجع الباحثون ذلك إلى طبيعة الميراث الثقافي في بعض البلدان التي تضع قيودا مجتمعية على مشاركة الفتيات في المسابقات الرياضية أو ممارسة النشاط البدني في الأماكن العامة.
أمراض محتملة
حذرت الدراسة من خطورة التعامل باستهانة مع قلة النشاط البدني للأطفال والمراهقين وأكدت أن هذه البيانات تشير إلى أن صحة الأجيال القادمة في خطر كبير خاصة بالنسبة للفتيات وذلك في ضوء العديد من الدراسات السابقة التي أكدت الصلة الوثيقة بين قلة النشاط البدني والإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني فضلا عن أمراض الجهاز الحركي والعضلات. وفي المقابل فإن النشاط الحركي مفيد على المستويين العضوي والنفسي وينظم الوزن بشكل طبيعي وضروري لصحة المخ وقوة العظام وتعزيز المناعة. وهذه الفوائد الصحية تمتد من مرحلة المراهقة إلى البلوغ وأكدوا أن التقدم التقني ساهم بشكل مباشر في رفع معدلات عدم النشاط والخمول inactivity.
وتأتي أهمية الدراسة من أنها شملت دولا وثقافات مختلفة وتتبعت قلة النشاط البدني في القرن الحالي ولفتت النظر إلى أهمية ما يمكن تسميته النشاط العادي normal activity حيث إن الكثيرين من المراهقين يعتقدون أن كلمة النشاط البدني تعني الاشتراك في فريق نظامي معين والالتزام بتمرينات يومية لفترات طويلة وبالتالي يحجمون عن ممارسة أي نشاط من الأساس. ولكن الخبراء أوضحوا أن مجرد الحركة العادية مهمة، وعلى سبيل المثال فإن الذهاب إلى المدرسة بالدراجة يعتبر نوعا من الرياضة ويقوم بتقوية عضلات الساقين. وحتى التمرينات البسيطة التي يؤديها الطلاب في المدارس في بداية اليوم الدراسي تفيدهم فضلا عن اعتياد الممارسة نفسها.
وأوصت الدراسة بضرورة أن تهتم الحكومات المختلفة بتوفير أماكن للمراهقين وللسكان بشكل عام يتم فيها ممارسة الرياضات المختلفة بشكل مجاني بعيدا عن الأندية النظامية أو التي ربما لا تكون متاحة للجميع وتوفير مساحات أمنة للمشي خاصة لسكان المدن حيث يكون الاعتماد الأكبر على الحافلات بأنواعها المختلفة في التنقلات وتقل الحركة البدنية بعكس سكان الريف.
وشددت الدراسة على مسؤولية الأسرة بالنسبة للأطفال وضرورة وضع جدول معين لتخصيص أوقات محددة للهواتف الذكية أو الكومبيوتر والتركيز على الألعاب الحقيقية بدلا من الإلكترونية. ويفضل أن تقوم الأسرة جميعها بعمل تمرينات رياضية بسيطة في المنزل لتشجيع الطفل على الحركة والنشاط وارتباط الرياضة بالبهجة والترابط الاجتماعي والأسري.

- استشاري طب الأطفال



التوتر قد يؤثر على الذاكرة

التوتر يحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية (جامعة ستانفورد)
التوتر يحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية (جامعة ستانفورد)
TT

التوتر قد يؤثر على الذاكرة

التوتر يحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية (جامعة ستانفورد)
التوتر يحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية (جامعة ستانفورد)

توصّل باحثون في كندا إلى أن التوتر يغير الطريقة التي يجري بها تخزين واسترجاع الذكريات السلبية في الدماغ.

وأوضح الباحثون، في مستشفى الأطفال بتورنتو، أن هذا التغيير يؤدي إلى تعميم الذكريات المؤلمة على مواقف غير مرتبطة بالحادث الأصلي، وهو ما قد يفاقم اضطراب ما بعد الصدمة. ونُشرت النتائج، الجمعة الماضي، في دورية «Cell». والتوتر هو استجابة فسيولوجية وعاطفية تحدث عندما يواجه الإنسان ضغوطاً أو تحديات في حياته اليومية.

ورغم أن هذه الاستجابة قد تكون مفيدة في بعض المواقف، مثل مواجهة اختبار أو تقديم عرض، فإن التوتر المزمن أو الشديد يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية ونفسية، مثل القلق والاكتئاب، ويؤثر على القدرة على التفكير والتركيز.

وخلال الدراسة، استكشف الباحثون العمليات البيولوجية التي تكمن وراء تعميم الذكريات السلبية بسبب التوتر لدى عدد من الأشخاص، وركزوا على كيفية التدخل لتحسين استعادة خصوصية الذاكرة لدى الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة، وهو حالة نفسية تحدث بعد التعرض لتجربة مؤلمة أو مرعبة، مثل الحروب أو الحوادث أو الاعتداءات.

ووجدوا أن التوتر الناتج عن أحداث مؤلمة، مثل العنف أو اضطراب القلق العام، يمكن أن يتجاوز الحدث الأصلي، ما يؤدي إلى تعميم الذكريات السلبية على مواقف غير ذات صلة بالحادث الأصلي.

وعلى سبيل المثال، قد تؤدي أصوات الألعاب النارية أو انفجارات السيارات إلى تفعيل ذكريات خوف غير مرتبطة بالحدث الحالي، ما يعطل يوم الشخص بالكامل.

وبالنسبة للمصابين باضطراب ما بعد الصدمة، قد تكون لهذه الظاهرة عواقب أكبر، مثل زيادة الاستجابة للخوف في مواقف آمنة وغير مهددة، ما يؤدي إلى شعور دائم بالقلق والتوتر، ويؤثر سلباً على جودة الحياة اليومية. ونتيجة لذلك، قد يواجه الشخص صعوبة في التفاعل مع بيئته بشكل طبيعي، مما يزيد معاناته النفسية ويسهم في تفاقم الأعراض.

وفي خطوة نحو العلاج، اكتشف الباحثون طريقة لتقييد هذه الظاهرة، من خلال منع مستقبِلات معينة في خلايا الدماغ، ما قد يساعد في استعادة الخصوصية المناسبة للذكريات، وتقليل الأعراض السلبية لاضطراب ما بعد الصدمة.

وأشار الفريق إلى أن نتائج هذه الدراسة تمثل خطوة مهمة نحو تحسين جودة حياة الأشخاص، الذين يعانون اضطرابات نفسية مرتبطة بالتوتر، وقد تؤدي إلى تطوير تقنيات علاجية جديدة تستهدف تنظيم استجابة الدماغ للتوتر، ما يساعد في تقليل تفاعلات الذاكرة السلبية المُبالغ فيها لدى الأشخاص المصابين باضطراب ما بعد الصدمة أو اضطرابات القلق الأخرى.