نوف النمير: الابتعاث العلمي فتح مجالات للتجربة والنجاح

طالبة الطب السعودية التي احتفى بها وزير خارجية الإمارات تقول والدها الحافز الاول لها

نوف النمير
نوف النمير
TT

نوف النمير: الابتعاث العلمي فتح مجالات للتجربة والنجاح

نوف النمير
نوف النمير

بعد أن هدأت عاصفة التغريدات التي توّجها وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، بتغريدة عن نوف بنت سليمان بن عبد الرحمن النمير، وبعد أن انتشر اسم نوف عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تعاملت مع الخبر بإيجابية وأحيانا بسلبية، من دون معرفة ما وراء هذه التغريدة وما الهدف منها؛ كان لـ«الشرق الأوسط» حديث مع نوف، ليتعرف كثيرون ممن لا يعرفونها على الفتاة السعودية التي أصبحت حديث بلادها والعالم العربي، بسبب تفوقها في دراستها بعالم الطب. فمن هي نوف؟ ولماذا ذكرها الشيخ بن زايد في تغريدة؟
نوف بنت سليمان بن عبد الرحمن النمير تنتمي لعائلة في منطقة القصيم؛ ولدت وترعرعت في مدينة الرياض. التحقت بجامعة الملك سعود بالعاصمة السعودية، وأنهت دراستها بتميز في مستشفى الملك فيصل ومركز الأبحاث، قسم علم الأمراض والطب المخبري.
تعزو نوف نجاحها لعائلتها ولبيئتها، حيث نشأت وترعرعت وتلقت الكثير من المساعدة والاهتمام، في جو عائلي مليء بالعلم والثقافة. سافرت نوف إلى العاصمة البريطانية لندن في منحة ابتعاثية لدراسة تخصص جديد عالميا وذي أهمية كبيرة للمستشفيات المستقبلة، وذلك بدعم من المستشفى «التخصصي» الذي كان قد ابتعثها لدراسة الماجستير في عام 2010، وحصلت على درجة الماجستير بامتياز مما كان دافعا ومحفزا لها للاستمرار في دراسة الدكتوراه في «جامعة لندن»، حينها ضُمّت لبعثات الملك عبد الله والتي ترى انها اتاحت مجالات للتجربة والنجاح امام السعوديين.
تتكلم نوف عن والدها بصفته الحافز الأول الذي بث روح الطموح داخلها، إذ كان من رجال التعليم؛ ووالدتها الشيخة بنت محمد أبا الخيل «منبع الحنان الصادق وبوصلة الأمان في هذه الحياة». ولا تنسى نوف ذكر وطنها الذي تراه أجمل الأوطان. كل هذه الأجواء المحيطة بها وحسبما تقول نوف حثّتها على طلب العلم.
وفي يوم وهي تقرأ عناوين الصحف لفت انتباهها ذكر اسمها «نوف النمير تحصل على أعلى شهادة في مجالها»، لكنها تصف الخبر بأنه غير دقيق؛ فحصولها على الدكتوراه وكونها باحثة في مجال علمي لا يعني أبدا أن شهادتها هي الأعلى. فإخوتها أعلى منها شهادة وكل في مجاله، كما ترى نوف أن الطريق أمامها لا يزال طويلا.
تتذكر دوما في غربتها قول الشاعر «ولا تقنطنّ من النجاح لعثرة، ما لا ينال اليوم يدرك في غد».. لذا لم تقتصر تجربتها في بلاد الغربة على الدراسة فحسب؛ بل كانت سفيرة لوطنها تتعلم وتعلم، كما شاركت في المؤتمرات الدولية وانضمت إلى الجمعية الدولية لعلم الأحياء التطوري، ومن خلالها شاركت في أهم المؤتمرات المتخصصة في سويسرا وبريطانيا وأميركا. كما حضرت مؤتمر الصحة العالمي المنعقد في جنيف 2014، مع الوفد السعودي برئاسة وزير الصحة المكلف عادل فقيه.
كرّمت نوف في مجال علم الوراثة الجزيئي؛ وهو علم يدرس تركيب ووظيفة المورثات على مستوى «DNA» و«RNA» والبروتين، ويسعى لفهم كيفية تناقل المعلومات الوراثية وكيفية حدوث طفرات وراثية في الخلايا وتأثيره، مهتما بفحص مسببات الأمراض الجينة. والمعلوماتية الحيوية (Bioinformatics)، وهو تحليل المعلومات البيولوجية باستخدام الكومبيوتر والتقنيّات الإحصائيّة دُمجت معا في مجال علمي واحد. ويسعى هذا العلم لاستخدام وتطوير قواعد البيانات والخوارزميّات الحاسوبيّة لتسريع وتعزيز الأبحاث البيولوجية وتعريف المركز العالمي لمعلومات البيوتكنولوجي (NCBI).
أمّا نظرة نوف للمستقبل فجميلة ومتفائلة، بل إن المستقبل كما تراه مليء بالمعرفة، وتؤمن بأن «النجاح ليس هدفا بل طريق مليء بالأهداف الجميلة»، وتعتبر أنّ حصولها على شهادة الماجستير والدكتوراه وتميزها العلمي، ما هو إلا أول الأهداف الجميلة في رحلة تجعلها تتطلع بابتسامة صبر لنجاحات قادمة تقدمها لبلدها.
تنهي نوف كلامها بكلمة شكر توجهها للأمير محمد بن نواف سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة، وللملحقية الثقافية متمثلة بالملحق الثقافي الدكتور فيصل أبا الخيل، لدعمهما وجهودهما في دعم موكب الابتعاث. وتعبر عن سعادتها لاختيار الدكتور نجيب الزامل لها شخصية الأسبوع، والذي تلته تغريدات عدة من كتاب ومسؤولين ورجال دين على مستوى الإعلام العربي، كانت من أهمها تغريدة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير خارجية دولة الإمارات، والحديث عن هذا الإنجاز وفخره بها، الذي أسهم في وصول نجاحها للمتابعين والقراء بشكل أكبر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».