«مسك الخيرية» توثّق التاريخ السعودي بأسلوب القصص المصورة

بالتعاون مع {دارة الملك عبد العزيز}

العساكر والسماري أثناء توقيع الاتفاقية
العساكر والسماري أثناء توقيع الاتفاقية
TT

«مسك الخيرية» توثّق التاريخ السعودي بأسلوب القصص المصورة

العساكر والسماري أثناء توقيع الاتفاقية
العساكر والسماري أثناء توقيع الاتفاقية

وقعت شركة مانجا للإنتاج التابعة لمؤسسة محمد بن سلمان الخيرية (مسك الخيرية) ودارة الملك عبد العزيز مذكرة تفاهم لتنفيذ مشروع توثيق تاريخ الدولة السعودية عبر القصص المصورة (المانجا) والرسوم المتحركة، وتوثيق الشخصيات التاريخية والأحداث المهمة في تاريخ السعودية منذ الدولة السعودية الأولى عام 1744م وحتى تاريخنا المعاصر.
وجرى توقيع المذكرة في مقر مركز مبادرات مسك بالرياض، مؤخراً، بحضور بدر العساكر رئيس مجلس إدارة مركز مبادرات مسك وشركة مانجا للإنتاج والدكتور فهد السماري الأمين العام لدارة الملك عبد العزيز.
وتتضمن المذكرة عرض القصص والرسوم المتحركة في قالب شيق وجذاب موجه للأجيال الناشئة، بهدف تثقيفها وتعريفها بالتضحيات والبطولات التي بذلت.
ومن المخطط أن يبدأ المشروع هذا العام ليستهدف طلاب المدارس والشباب باستخدام فن المانجا الذي يعتبر أساس صناعة الرسوم المتحركة في اليابان والأفلام حالياً في هوليود، كما سيتم الإنتاج بالتعاون مع كبرى الشركات الرائدة في اليابان في هذه المجالات.
وذكر بدر العساكر أن المشروع يأتي في ظل الدعم اللامحدود والعناية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتوثيق تاريخ السعودية والجزيرة العربية وفي ظل توجيهات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان التي تصب دائماً في رعاية الأجيال الشابة برؤية ثابتة ترسخ دور الأجيال السابقة وتبني عليها مجد الأجيال القادمة.
وستتولى دارة الملك عبد العزيز الإشراف العلمي والمراجعة التاريخية للحقائق وتصاميم الشخصيات والبيئات، وسيتم الاستفادة من مخرجات المشروع في المتاحف الوطنية والمطبوعات العلمية والتعليمية ذات العلاقة بتاريخ المملكة.
إلى ذلك، قال الدكتور فهد السماري إن «هذا المشروع العظيم نتاج قيادة عظيمة وعت التاريخ وفكرت في الوطن وشبابه ومستقبله، هو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وارتبط نجاح العمل بإدارته النشطة والمبدعة والمسؤولة». وأضاف، أن توقيع دارة الملك عبد العزيز مع شركة مانجا خطوة نوعية في تقريب التاريخ الوطني للشباب.
ولفت الدكتور عصام بخاري الرئيس التنفيذي لشركة مانجا للإنتاج، إلى أن الشركة ستعمل على هذا المشروع بإشراف ومشاركة الكفاءات السعودية، وستتضمن العقود توفير فرص تدريبية للشباب الموهوبين والموهوبات، إضافة إلى تقديم دورات تدريبية محلية في مجال القصص المصورة (المانجا)، مما سيُسهم في نقل هذه المعرفة من خبراء عالميين وتوطين هذه الصناعة وتعزيز الاقتصاد المعرفي القائم على الإبداع والابتكار.
يذكر أن شركة مانجا للإنتاج سبق أن أطلقت «كنز الحطاب» الذي كان أول عمل سعودي عربي يبث في اليابان عبر أشهر محطات التلفاز، كما وقعت عقد تنفيذ مسلسل رسوم متحركة مع شركة توي أنيميشن وفيلم سينمائي، إضافة إلى إسهاماتها في مجال ألعاب الفيديو وتوفير الفرص التدريبية ورعاية الموهوبين ودعمهم.

... وتعزز الطاقات الإبداعية للأطفال عبر منصة «عوالمنا»
> ينظم مركز المبادرات في مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية «مسك الخيرية» السبت المقبل فعالية «عوالمنا» المخصصة لتوفير أجواء ترفيهية إلهامية تفاعلية لتشجيع الأطفال على اكتشاف مواهبهم وتنمية مهاراتهم.
وتهدف الفعالية التي تقام على مسرح أبو بكر سالم في منطقة البوليفارد بمدينة الرياض ضمن فعاليات #موسم_الرياض، إلى اكتشاف مواهب الأطفال وصقلها من خلال تطوير مهاراتهم الشخصية والأدائية، وتدريب الطفل على أدوات التعلم الذاتي وتطوير قدراته، وإثراء مخيلته وتطوير أفكاره، وابتكار عوالم تناسب عمره يرى من خلالها واقعه بعيون جديدة، وتمكين موهبة الطفل للظهور والمشاركة بإبداعاته أمام أصدقائه وعائلته. كما تأتي الفعالية امتداداً لاهتمام مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية بتنمية المواهب اليافعة واحتضانها مبكراً، وتسليط الضوء على كيفية اكتشافها ودعهما وتوفير البيئة المناسبة لإطلاق الطاقات الإبداعية، فضلاً عن أهمية إيجاد منصة خاصة بالطفل عبر إعطائه المساحة ليكتشف موهبته ويعبر عنها.
ومن المنتظر أن تتضمن الفعالية مسرحية خيالية متكاملة من تمثيل الأطفال، وأنشطة مصاحبة في مجالات الفنون والمهارات والعلوم والتقنية، حيث ستعمل الفعالية على إثارة التساؤلات لدى الجمهور وتحفيز الإلهام لديهم عبر ما سيستعرضه أطفال موهوبين على المسرح من أنشطة إبداعية، وتركز على تعزيز التساؤل لدى الأطفال واليافعين لتحقيق مستوى عالٍ للتعبير عن مواهبهم في مختلف المجالات الإبداعية، فضلاً عن توسيع مداركهم والارتقاء بأفكارهم إلى تجارب عملية ملهمة لمجتمعهم. وتستمر الفعالية ثلاث ساعات من الساعة 5:30 حتى الساعة 8:30 مساءً، ويمكن للراغبين في الحضور مع أطفالهم التسجيل عبر الموقع.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».