المصارف الأفريقية وصلت إلى مفترق طرق بشأن المدفوعات

فرص واعدة في قطاع الخدمات المالية

TT

المصارف الأفريقية وصلت إلى مفترق طرق بشأن المدفوعات

قالت دراسة حديثة إن المصارف الأفريقية وصلت إلى مفترق طرق، إذ تتوفر أمامها فرصة فريدة لإحداث نقلة نوعية في كيفية تفاعلها مع السكان الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية، وطرق تعاملها مع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وكيفية دعمها للأعمال الصغيرة في القطاعات ذات معدلات التوظيف المرتفعة، مثل قطاع الزراعة، والتي تزخر بالكثير من الفرص المجزية.
وأشارت دراسة «قبول المدفوعات في أفريقيا» التي عملت عليها «نتورك إنترناشيونال»، مزود الخدمات الداعمة للتجارة الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، إلى توافر الكثير من الفرص التي يمكن للقطاع المصرفي في أفريقيا اغتنامها، مثل: إحداث تحول في ربحية قبول المدفوعات من خلال انخفاض التكاليف، وإيجاد خطوط إيرادات جديدة، واتساع نطاق العمليات.
وخلق ردود فعل إيجابية مواكبة لنشاط إصدار البطاقات، عبر تعزيز فرص الاستخدام وإمكانية حفز ولاء العملاء، مما يتيح للمزيد من التجار الاستفادة من استخدام المنتجات المصدرة لتحقيق مزيد من الإيرادات عبر المعاملات.
وأضافت الدراسة «تعزيز التدفقات النقدية للبنوك من خلال الديون والعملة الصعبة... وإحداث تحول في طريقة إجراء العملاء لمعاملاتهم المصرفية وتعزيز تفاعلهم مع العلامات التجارية لبنوكهم، ودفع عجلة نمو الإقراض للشركات والأفراد، (بالإضافة إلى) إنشاء قناة جديدة لتقديم الخدمات المصرفية تتبنى التكنولوجيا المرنة لتمكين خدمات إضافية».
وتتوقع «نتورك إنترناشيونال» صدارة هذه التغييرات، حيث تتعاون مع عملائها لطرح باقة حلول منصة الدفع إن - جينيوس (N - Genius) في السوق بحلول العام 2020.
وسلطت الدراسة الضوء على التوجهات الرئيسية التي تحفز نمو قبول المدفوعات، وترتكز على ذلك في تحديد الفرص الاستراتيجية الواعدة التي يوفرها قبول المدفوعات للمصارف الأفريقية.
ووفقا لبيان صحافي صادر من نتورك إنترناشيونال، فإن دراسة «قبول المدفوعات في أفريقيا» تندرج في إطار الجهود لدعم الشمول المالي. «ويوفر تسارع نمو المدفوعات الرقمية والحسابات المصرفية فرصاً مهمة أمام مزودي الخدمات المالية لطرح حلول التكنولوجيا المالية الجديدة، والتسهيلات الائتمانية للشركات الصغيرة والمتوسطة، والخدمات المصرفية للأفراد عبر مجتمعات القارة الأفريقية الأسرع نمواً في العالم لناحية الإقبال على الخدمات المالية».
وتحدد الدراسة - التي شملت 9 أسواق - ركائز النمو الأساسية للحسابات المصرفية (41 في المائة من البالغين لديهم حسابات مصرفية)، وأجهزة نقاط البيع (ارتفع متوسط النمو السنوي إلى 26 في المائة)، وعدد معاملات الدفع عبر كل بطاقة (ارتفع متوسط النمو السنوي إلى 61 في المائة). كما تسلط الضوء أيضاً على الفرص غير المستثمرة مع تركّز التعاملات الحالية على قطاع السفر والترفيه والمدن الكبرى.
وفي معرض تعليقه على حجم الفرص المتاحة للأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة والبنوك والشركات التجارية، قال أندرو كي، المدير التنفيذي لشركة «نتورك إنترناشيونال» - أفريقيا: «تظهر دراسة نتورك إنترناشيونال، أن المبالغ التي تتم معالجتها عبر منظومة نقاط البيع التي تستخدم البطاقات تبلغ نحو 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع أكثر من 30 في المائة في بعض الدول».
أضاف ذكي «كشفت دراستنا أيضاً عن وجود فرصة غير مستثمرة مع تسارع نمو الخدمات المصرفية في أفريقيا، والذي يعود جزئياً إلى اتساع قاعدة العملاء الذين يتقنون استخدام أحدث التقنيات الرقمية، والطلب المتزايد عليها من قبل الشركات، وانخفاض تكاليف الأجهزة، وعمليات التسعير المتقدمة والتقنيات التي أصبحت أكثر مرونة».



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.