70 مقاتلاً قضوا في أكثر المعارك شراسة بإدلب

نزوح كبير خلال الـ24 ساعة الأخيرة والنظام يستعيد بعض النقاط

نازحون من قصف على معرة النعمان باتجاه معرة شورين بريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
نازحون من قصف على معرة النعمان باتجاه معرة شورين بريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

70 مقاتلاً قضوا في أكثر المعارك شراسة بإدلب

نازحون من قصف على معرة النعمان باتجاه معرة شورين بريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
نازحون من قصف على معرة النعمان باتجاه معرة شورين بريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

لقي نحو 70 مقاتلاً حتفهم في الساعات الـ24 الأخيرة في اشتباكات بين قوات النظام السوري وفصائل متشددة وأخرى معارضة في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، فيما أعلنت قوات النظام السوري استعادة نقاط كانت قد خسرتها في ريف إدلب.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إنّ الاشتباكات أسفرت عن مقتل 36 عنصراً من قوات النظام، و33 من الفصائل المسلحة. وأعلن مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية، أنها «الاشتباكات الأكثر عنفاً في محافظة إدلب منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ» الذي أعلنه النظام وحليفه الروسي.
وفر سكان القرى المتضررة إلى المناطق الشمالية، لينضموا إلى مئات الآلاف الذين خرجوا من المحافظة التي تعاني من العنف منذ اندلاعه في وقت سابق من العام. وقال شخص يدعى حافظ، فر من المنطقة مع زوجته وأطفاله الثلاثة قبل يومين: «نزحت إلى الحدود التركية السورية خوفاً على الأطفال من الطيران الذي يقصف القرى والبلدات في ريف إدلب الشرقي، وارتفاع وتيرة القصف العشوائي... لا أتحمل أن أرى أطفالي تحت الأنقاض».
وتصاعدت صباح الأحد أعمدة الدخان في سماء معرة النعمان، حيث كانت طائرات تنفذ غارات على مواقع لجهاديين ومقاتلين معارضين، بحسب مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية. وقدر المرصد، أمس، عدد القتلى جراء القتال بـ69 مقاتلاً منذ اندلاع المعارك في اليوم السابق. كما قتل 36 على الأقل من جنود النظام السوري.
وأدى هجوم قاده مقاتلو «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) على عدة مواقع تابعة للنظام إلى اندلاع القتال. وأضاف عبد الرحمن أن «قوات النظام شنت (...) هجوماً مضاداً على 4 قرى في جنوب شرقي إدلب، كانت الفصائل المقاتلة والجهادية قد سيطرت عليها»، وتابع: «تمكنت من استعادة هذه القرى بأكملها». وقال قائد ميداني يقاتل في صفوف قوات النظام: «استعاد الجيش السوري بعد معارك عنيفة مع مسلحي المعارضة النقاط كافة التي كان قد خسرها أمس في بلدة أعجاز، بريف إدلب الجنوبي الشرقي، وسقط خلالها قتلى وجرحى من مسلحي المعارضة، مع اغتنام عربة نقل جنود مدرعة. ولا تزال المعارك مستمرة على المحاور كافة التي تقدمت منها المجموعات المسلحة أمس».
وأكد القائد، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة الأنباء الألمانية، أن «سلاح الجو السوري أطلق عشرات الصواريخ على مقرات المجموعات المسلحة في محيط بلدة كفرومة وحاس وسراقب وقرية فروان بريف إدلب، وتم تدميرها ومقتل العشرات من عناصرهم».
ومن جانبها، اعترفت فصائل المعارضة بخسارة بلدة إعجاز. وقال قائد عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير: «انسحبت فصائل المعارضة من بلدة إعجاز بسبب القصف الجوي والمدفعي المكثف من قوات النظام والطيران الروسي، ولا تزال قواتنا ترابط في المزارع والقرى المحيطة بالبلدة، وتخوض معارك مع القوات التي تريد التقدم والسيطرة على القرى المحيطة».
وأكد القائد، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن «القوات النظامية كانت تبحث عن استعادة السيطرة على البلدة بكل الوسائل، وتكبدت عشرات القتلى والجرحى، وقد تم رصد مقتل قائد غرفة عمليات قواتها بريف إدلب، إضافة إلى مقتل 3 ضباط، أحدهم برتبة رائد».
وأضاف: «دفعت الخسائر التي تلقتها تلك القوات منذ انطلاق معركة (ولا تهنوا) أمس، التي تجاوزت 100 قتيل وجريح، بينهم عناصر من (الحرس الثوري) الإيراني والقوات الروسية، إلى تعرض مناطق ريف إدلب كافة لقصف جوي هو الأعنف خلال العام الحالي، استهدف مدن وبلدات: كفرنبل، وسراقب وحاس، ومعرة حرمة، والشيخ إدريس، وكفر سجنة، وكفر رومة، مما أدى إلى مقتل 3 أشخاص، وإصابة أكثر من 20 آخرين، وخلف القصف الجوي دماراً كبيراً في ممتلكات المدنيين».
وسيطرت فصائل المعارضة على بلدات وقرى إعجاز وإسطبلات ورسم الرود وسروج بريف إدلب الشرقي بشكل كامل، وذلك ضمن معركة «ولا تهنوا» التي أطلقتها أمس، رداً على محاولات التقدم المتواصلة والتصعيد في المنطقة. وأفاد مراسل الوكالة الفرنسية أمس بأن «الاشتباكات مستمرة». ويهيمن مقاتلو «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) على محافظة إدلب. ولا تزال غالبية هذه المنطقة، كما مناطق محاذية في محافظات حلب وحماة واللاذقية، خارج سيطرة النظام. وتضم هذه المناطق عدة جماعات متشددة، بالإضافة إلى فصائل مسلحة أخرى، ولكن تقلص نفوذها. وتعد هذه المنطقة واحدة من آخر معاقل المسلحين الذين يقاتلون ضد نظام الرئيس بشار الأسد الذي يسيطر على أكثر من 70 في المائة من البلاد، بحسب المرصد.
وقام الأسد، في 22 أكتوبر (تشرين الأول)، بزيارته الأولى إلى المنطقة منذ بداية الحرب 2011، وعد أن معركة إدلب هي الأساس لحسم الحرب في سوريا.
وشهدت هذه المنطقة أعمال قصف نفذها النظام السوري، بمساندة المقاتلات الروسية، بين نهاية أبريل (نيسان) ونهاية أغسطس (آب). وقتل أكثر من ألف مدني، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما نزح نحو 400 ألف، بحسب الأمم المتحدة. ورغم الهدنة المعلنة في 31 أغسطس (آب)، فإن المعارك والقصف تكثفا في الأسابيع الأخيرة. وقتل أكثر من 160 مدنياً، وما يزيد على 460 مقاتلاً، بينهم من قوات النظام، منذ بدء الهدنة. وأسفر النزاع في سوريا منذ اندلاعه عن مقتل أكثر من 370 ألف شخص ونزوح الملايين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».