«السدو» السعودي يصنع شعار استضافة الرياض لقمة العشرين

المصمم لـ «الشرق الأوسط» : الفكرة انعكاس لكرم ضيافة العرب ونسيج خيامهم

شعار رئاسة السعودية لقمة العشرين 2020
شعار رئاسة السعودية لقمة العشرين 2020
TT

«السدو» السعودي يصنع شعار استضافة الرياض لقمة العشرين

شعار رئاسة السعودية لقمة العشرين 2020
شعار رئاسة السعودية لقمة العشرين 2020

لفت شعار رئاسة السعودية لمجموعة دول العشرين لعام 2020، أنظار متابعي الدورة المقبلة؛ حيث طغت نقوش «السدو» التراثية على الشعار الذي مزج بين الموروث السعودي الأصيل والطابع العصري المبتكر. وجاء الشعار بعد إقامة جمع لمصممين سعوديين من 25 مصمماً ومصممة، وخلص إلى تصميم 30 شعاراً، جاء من ضمنها الشعار الفائز. وتصدر اسم الشاب السعودي الفنان محمد الحواس بعد أن عكس الهوية المكتوبة لشعار رئاسة المملكة لمجموعة العشرين «فرصتنا لنلهم العالم برؤيتنا»، عبر تمثيل بصري مستلهم من خيوط السدو الملونة، مستوعباً ألوان كل الدول المشاركة في قمة مجموعة العشرين، ومن خلال رسم أقرب ما يكون لحلقة دائرية تعكس أن البداية من المملكة، والوصول في النهاية إلى المملكة بعد الطواف حول العالم.
المصمم السعودي محمد الحواس البالغ من العمر 28 عاماً، نجح في توظيف حواسه وإحساسه في التعبير عن فكرته الملهمة والشغوفة؛ حيث شارك الحواس مع أكثر من 25 مصمماً في معتكف تصميم شعار قمة مجموعة العشرين؛ حيث أبدعوا بتصميم عشرات الشعارات، كان من بينها شعار محمد الحواس، الفائز بالشعار المعتمد للمناسبة. وأوضح الحواس مصمم الشعار، الذي يتكون من قطعة من السدو، كُتب أسفلها اسم المملكة العربية السعودية، وعام رئاستها لمجموعة العشرين باللغة الإنجليزية، ويبرز فيه السدو (وهو أحد أنواع النسيج البدوي التقليدي الذي انتشر في شبه الجزيرة العربية) وقد أدرجته منظمة اليونيسكو العالمية على قائمة التراث غير المادي للبشرية، أن الفكرة الأساسية من الشعار هي انعكاس لكرم ضيافة العرب ونسيج خيامهم وأصالتهم وتفاصيل حياتهم، وتعبيراً عن ترحيب المملكة بالعالم ورؤيتها الطموحة في تنمية الإنسان والمكان.
ويعيد هذا الشعار للأذهان حياكة السدو، بصفتها من الصناعات التقليدية القديمة، والسدو عبارة عن نسيج من الصوف له استخدامات متعددة، وهو العنصر الأساسي في تكوين بيوت الشعر، وكانت صناعة السدو في القدم تعتمد على وبر الجمال وشعر الماعز، والقطن، في حين تعتمد اليوم على الصوف الصناعي، بأدوات تمثل الصناعة وهي المغزل، والنول، والمدرارة، كما أن أبرز ما ينتجه صانعو السدو بيت الشعر، والمزودة، والخرج، والبُسط، وعقل الإبل، والشف، والسنايف.
وقال الحواس إن فكرة «الجانب الآخر من التصميم جاءت بالسدو لتعبر عن المستقبل، بمعنى كيف أن السعوديين متمسكون بثقافاتهم وتقاليدهم، وفي الوقت نفسه يصلون بطموحهم إلى أبعد من الحلم، موضحاً أن الشعار جاء نتيجة لمعتكف استمر عدة أيام، جرب خلالها مجموعة من التصاميم حتى وصل للشكل النهائي. وأضاف: «لطالما كانت الألوان جزءاً من ثقافتنا، نراها في القط العسيري والسدو وفي مختلف الأزياء والتنوع المتناغم لمناطق المملكة، واخترت السدو لأن الخيمة رمز للكرم وتعبر عن تاريخنا وثقافتنا، لينطلق الشعار من ثقافات بلادي الثرية، وتكون الخطوط إيحاء يجسد عزيمة الشباب السعودي في أن يكونوا فاعلين في تحقيق رؤية المملكة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».