حضور كبير للسينما المغربية والتونسية في ثاني أيام مهرجان مراكش

المسابقة الرسمية انطلقت بالفيلم الصيني «فتاة الفسيفساء»

احتفاء مغربي بالممثلة التونسية هند صبري في مهرجان مراكش
احتفاء مغربي بالممثلة التونسية هند صبري في مهرجان مراكش
TT

حضور كبير للسينما المغربية والتونسية في ثاني أيام مهرجان مراكش

احتفاء مغربي بالممثلة التونسية هند صبري في مهرجان مراكش
احتفاء مغربي بالممثلة التونسية هند صبري في مهرجان مراكش

في ثاني أيام المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في دورته الـ18. بدأت لجنة تحكيم المسابقة الرسمية مهمتها، بمشاهدة أول فيلمين مبرمجين: «فتاة الفسيفساء» (الصين) لمخرجه زهاي بيكسيالك، و«سوليه» (إيطاليا، بولونيا) لمخرجه كارلو سيروني. فيما كان موعدها أمس مع الفيلمين الثالث والرابع: «والد نافع» (السنغال) لمخرجه مامادو ديا، و«بايبيتيث» (أستراليا) لمخرجته شانون مورفي.
متعة الفن السابع امتدت إلى أفلام مبرمجة ضمن فقرات «أفلام جامع الفنا» و«العروض الخاصة» و«التكريمات» و«بانوراما السينما المغربية» و«القارة الحادية عشرة»، فيما كانت النجمة الفرنسية ماريون كوتيار أول من أخذ الكلمة ضمن فقرة «محادثة مع...»، قبل أن تلتقي بجمهور ساحة جامع الفنا، بمناسبة تقديم فيلم «ماكبت» لمخرجه جوستين كورزيل، والذي تؤدي فيه دور البطولة.

فتاة فسيفساء... وأبوة وهمية
كان لافتا للانتباه تناول أول فيلمين مشاركين في «المسابقة الرسمية» لموضوع حول أوضاع المرأة، في بلدين من قارتين مختلفتين. في «فتاة الفسيفساء»، الذي يؤدي فيه أدوار البطولة وانك يانهوي وإنك شوانجون وزهانك تونسكي وتشين دي وكيي ليكسون وليويينك وكي ليمو، نكون مع «بينك» الحامل رغم أن سنها لا يتجاوز الرابعة عشرة، والتي بمجرد أن أعلنت مسؤولية أحد مدرسيها، تكون قد أطلقت سلسلة من الأحداث والتحقيقات والمواقف التي يهيمن عليها حضور ذكوري قوي، عادة ما يجسده أب غائب، قوات شرطة، صحافي يحقق في النازلة، أو مسؤولون في المدرسة، غيبوا جميعا، من خلال تصرفاتهم ومواجهاتهم ومواقفهم التي تستند في معظمها على انطباعات مبدئية وأحكام مسبقة بدلا من أدلة ملموسة، مصير الفتاة التي توجد في قلب المأساة، والتي تواجه صعوبة في الخروج من المنطقة المبهمة التي يسعى الجميع إلى الإبقاء عليها بداخلها. من الناحية الرمزية، يقدم مخرج الفيلم الفتاة في صورة ضبابية سواء في منزلها أو في محيطها؛ وعدم وضوح هذه الصورة، يعد بمثابة إقرار بالمكانة التي تحتلها المرأة في مجتمع يهيمن عليه الذكور.
أما فيلم «سوليه»، الذي يؤدي فيه أدوار البطولة كل من ساندرا درزيمالسكا وكلاوديو سيكالوسيو وباربارا رونكي وبرونو بوزي، فيتناول حالة «لينا»، التي تغادر بولونيا مع اكتمال حملها، لإنجاب طفلة ستقوم ببيعها للعم إرمانو وزوجته للتبني، من منطلق أن الإجراءات الإدارية التي تهم ذلك تتم بسهولة ويسر بين الأقارب. وإذا كان يتعين على إرمانو في هذا الوقت أن يعتني بلينا، وهو الأمر الذي يقوم به بسخرية أحيانا وبوقاحة أحيانا أخرى، فإن لينا لا تبدي اهتماما بالغا بطفلتها التي لم تولد بعد.

قوة البعد العاطفي
ومن خلال إيلائه عناية خاصة للتفاصيل الدقيقة وبفضل الأداء الجيد لممثليه في تناغم تام مع الشخصيات الرئيسية، يستند فيلم «سوليه» على قوة البعد العاطفي، حيث تبدو الأبوة المؤقتة والوهمية كأنها فهم خاطئ للحياة.
أمس، كان الموعد مع شريطين آخرين، من بين أفلام المسابقة الرسمية. يتعلق الأمر بـ«والد نافع» (السنغال) لمخرجه مامادو ديا، والذي يروي قصة خلاف بين شقيقين يعيشان في قرية صغيرة، شمال السنغال، تواجه تهديدا خارجيا يتمثل في الأصولية الإسلامية المتطرفة، مقدما رسالة تكتسي صبغة دولية، رغم تناوله واقعة محلية.
من جهته، يقوم فيلم «بايبيتيث» بتحويل موقف مأساوي إلى كوميديا خفيفة تتخللها نبرة رومانسية تذكرنا بأن الموت هو مصير كل حياة، لذا يتعين علينا أن نعيشها في سعادة وأمل، وذلك بسرد قصة الشابة ميلا، التي رغم معارضة والديها اللذين يمارسان عليها حماية مفرطة، وفي الوقت الذي يتعين عليها أن تبدأ حصصها من العلاج الكيميائي، تلتقي موزيس، بائع المخدرات المرح والمزعج في نفس الوقت، فتقع في حبه بعد أن منحها رغبة جديدة في الحياة. وبين الخوف من غد غير أكيد والأمل حتى آخر نفس، تحاول ميلا أن تخلق جوا من السعادة في محيطها ومحيط عائلتها.
وفضلاً عن الأفلام الأربعة التي دخلت دائرة المنافسة، في ثاني وثالث أيام المهرجان، ستكون اللجنة أمام مهمة الفصل بين 11 فيلما آخر للفوز بالجوائز الخمس لمهرجان مراكش («النجمة الذهبية» (الجائزة الكبرى)، و«جائزة لجنة التحكيم» و«جائزة أفضل إخراج» و«جائزة أفضل دور نسائي» و«جائزة أفضل دور رجالي»). يتعلق الأمر بأفلام «بومباي روز» (الهند، فرنسا، المملكة المتحدة وقطر) لمخرجته جيتانجالي راو، و«الحمى» (البرازيل، فرنسا وألمانيا) لمخرجته مايا دا رين، و«لين + لوسي» (المملكة المتحدة) لمخرجه فيصل بوليفة، و«مامونكا» (صربيا، البوسنة والهرسك والجبل الأسود) لمخرجه ستيفان ماليزيفيتش، و«ميكي والدب» (الولايات المتحدة) لمخرجته أنابيل أتاناسيو، و«سيد المجهول» (المغرب، فرنسا) لعلاء الدين الجم، و«طلامس» (تونس، فرنسا) لعلاء الدين سليم و«آخر زيارة» (المملكة العربية السعودية) لعبد المحسن الضبعان، و«ليلة مضطربة» (كوريا الجنوبية) لمخرجيه يونك لي جيه وكيم سول، و«وادي الأرواح» (كولوميبا، بلجيكا، البرازيل وفرنسا) لمخرجه نيكولاس رينكون خيلي.
وتضم لجنة التحكيم تسعة أعضاء، بينهم أربع نساء. فإلى جانب الممثلة والمنتجة الأسكتلندية تيلدا سوينتون، الرئيسة، نجد المخرجة الفرنسية ربيكا زلوطوفسكي، والمخرجة البريطانية أندريا أرنولد، والممثلة الفرنسية - الإيطالية كيارا ماستروياني، فضلا عن المخرج البرازيلي كليبر ميندونسا فيليو، والممثل السويدي مايكل بيرسبراند، والكاتب والمخرج الأفغاني عتيق رحيمي، والمخرج الأسترالي ديفيد ميتشو، والمخرج المغربي علي الصافي.

السينما المغربية في المشهد
بين «أحداث بلا دلالة» لمخرجه مصطفى الدرقاوي (1974) و«حب في الدار البيضاء» (1992) لمخرجه عبد القادر لقطع، استعاد جمهور المهرجان عملين ينقلان لجانب من رحلة السينما المغربية في سعيها لإثبات الذات.
عاد العمل الأول، المبرمج ضمن فقرة «بانوراما السينما المغربية»، بجمهور المهرجان 45 سنة إلى الوراء، ليتحدث عن مجموعة من المخرجين، كانوا بصدد إجراء مقابلات بمدينة الدار البيضاء مع أشخاص للتعرف على علاقتهم بالسينما المغربية وانتظاراتهم منها، قبل أن يتغير الموضوع عندما يقررون التحقيق في الدوافع وراء ارتكاب جريمة.

شخصيات معقدة
أما في العمل الثاني، المبرمج ضمن برنامج تكريم الممثلة المغربية منى فتو، فنكون مع شخصيات معقدة تمثل ثورة للأجيال القادمة في المجتمع المغربي، تحديه في إظهار الرغبة الجنسية والصور الجريئة على الشاشة، مع لغة حواراته التي تقدم مزيجا أصيلا من الدارجة المغربية والفرنسية، انطلاقا من تناول قصة سلوى (18 سنة)، التي تعيش في وضعية صعبة منذ إقدام والدتها على الانتحار وهروب شقيقتها، تتشاجر باستمرار مع والدها بسبب قسوته، ومع زوجته بسبب سخريتها منها، قبل أن تجد الدفء، وربما الحب، مع رجلين، أحدهما أكبر منها سنا يعاني اضطرابا في حياته، والثاني شاب مفعم بالحماس.

من تونس... «نورة تحلم»
يمنح مهرجان مراكش للسينما التونسية، في دورة هذه السنة، حضورا في أكثر من فقرة من برنامجه. كانت البداية، ضمن فقرة «العروض الخاصة»، مع فيلم «نورة تحلم» للمخرجة هند بوجمعة، وبطولة لطفي العبدلي وحكيم بومسعودي وإيمان شريف وسيف الدين الظريف وجمال ساسي، إلى جانب هند صبري التي تشارك، أيضا، ضمن فقرة «محادثة مع...». ويتحدث الفيلم عن «نورة»، سيدة في عقدها الرابع، أم لثلاثة أطفال تعمل في مستشفى من أجل كسب لقمة العيش، تقع في حب الأسعد الذي يرغب في الزواج منها، في وقت الذي يدخل فيه زوجها جمال السجن من أجل جريمة سرقة. حين بدأت نورة سرا إجراءات الطلاق من جانبها، يطلق سراح زوجها قبل إكمال عقوبته مستفيدا من عفو رئاسي.
ويشهد برنامج دورة هذه السنة من المهرجان عرض 98 فيلما من 34 دولة، كما يقترح عددا من الفقرات، تشمل «المسابقة الرسمية» و«السهرات المسائية» و«العروض الخاصة» و«القارة الـ11» و«بانوراما السينما المغربية» و«الجمهور الناشئ» و«عروض جامع الفنا» و«عروض المكفوفين وضعاف البصر»، فضلا عن فقرة «التكريمات»، التي تحتفي بالمخرج والمنتج والممثل الأميركي روبرت ريدفورد والمخرج الفرنسي برتراند تافيرنيي والممثلة المغربية منى فتو والممثلة الهندية بريانكا شوبرا.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.