اليمن يتفكك.. الشمال في قبضة الحوثيين.. والجنوب يطالب بالاستقلال

بعد سقوط «الحديدة» ومطاريها العسكري والمدني

آلاف من أنصار الحراك الجنوبي يتظاهرون في عدن مطالبين بالانفصال (أ.ف.ب)
آلاف من أنصار الحراك الجنوبي يتظاهرون في عدن مطالبين بالانفصال (أ.ف.ب)
TT

اليمن يتفكك.. الشمال في قبضة الحوثيين.. والجنوب يطالب بالاستقلال

آلاف من أنصار الحراك الجنوبي يتظاهرون في عدن مطالبين بالانفصال (أ.ف.ب)
آلاف من أنصار الحراك الجنوبي يتظاهرون في عدن مطالبين بالانفصال (أ.ف.ب)

أحكم الحوثيون، أمس، سيطرتهم على محافظات شمال اليمن بصورة كاملة، بعد أن استولوا، أول من أمس، على الحديدة التي تعد من أكبر المدن اليمنية، وعلى مينائها الاستراتيجي على البحر الأحمر، ومطارها، في خطوة تؤكد استمرار المتمردين الشيعة المتهمين بتلقي الدعم من إيران في توسيع رقعة نفوذهم في اليمن، فيما بدأ الناشطون في الجنوب تحركا جديدا للمطالبة بالانفصال.
وكانت «الشرق الوسط» أول مطبوعة تنفرد بنشر خبر استيلاء الحوثيين على مدينة الحديدة ومينائها أمس. وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن المتمردين الحوثيين أقاموا نقاط تفتيش في محافظتي الحديدة، في غرب البلاد، وذمار في وسطها، وبسطوا هيمنتهم على نحو 9 محافظات في شمال اليمن. وذكر شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن المسلحين الحوثيين باتوا يسيطرون على محافظة الحديدة؛ وبالتحديد عاصمة المحافظة، بصورة كاملة، والمطارين العسكري والمدني، وبعض المعسكرات في بعض المديريات.
وأكدت مصادر أمنية أمس أن المتمردين الحوثيين سيطروا على المدينة الاستراتيجية من دون مقاومة تذكر. وبدأ الحوثيون منذ الاثنين الانتشار باللباس العسكري في الحديدة التي تعد من أكبر مدن اليمن، وفي المناطق المحيطة بها، وباتوا أمس منتشرين في شوارعها الرئيسة، بحسب مصادر أمنية إضافة إلى مصادر عسكرية ومحلية متطابقة وأخرى من الحوثيين.
وتسهم السيطرة على الحديدة في تعزيز الشبهات حول سعي المتمردين الحوثيين للحصول على منفذ بحري مهم على البحر الأحمر مما يؤمن لهم سيطرة على مضيق باب المندب، الأمر الذي قد تستفيد منه إيران المتهمة من قبل السلطات في صنعاء بدعم الحوثيين. وتذكر السيطرة على الحديدة بسيطرة الحوثيين على صنعاء في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي من دون مقاومة تذكر من السلطات؛ إذ سيطر المتمردون على القسم الأكبر من مقار الدولة من دون مواجهات وفي ظل وجود تعليمات من عدد من الوزراء بعدم مقاومة الحوثيين.
وعلى صعيد آخر، يسعى المتمردون إلى التقدم باتجاه محافظة مأرب في الشرق حيث منابع النفط اليمني. وأكد مصدر قبلي لوكالة الصحافة الفرنسية «وصول مسلحين حوثيين إلى مأرب جوا من مطار صنعاء».
وما زالت الأوساط اليمنية تنتظر المشاورات التي سيجريها رئيس الوزراء المكلف، المهندس خالد محفوظ بحاح، من أجل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في ضوء اتفاق السلم والشراكة الموقع بين الحكومة اليمنية والحوثيين وفي ضوء المبادرة الخليجية. وقالت مصادر سياسية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي التي زارت اليمن، أخيرا، تدرس بجدية فرض عقوبات على بعض معرقلي التسوية السياسية وفي المقدمة الرئيس السابق علي عبد الله صالح وجماعة الحوثي، في حال عدم انسحابهم من العاصمة صنعاء وسحب مسلحيهم من المحافظة.
وفي الجنوب، شارك الآلاف من أنصار الحراك الجنوبي في ساحة «الشابات خور مكثر» في عدن لإحياء الذكرى 51 لثورة 14 أكتوبر (تشرين الأول) ضد الاحتلال البريطاني، ولإطلاق اعتصام مفتوح للمطالبة بالانفصال واستعادة دولتهم السابقة التي كانت مستقلة حتى عام 1990. وقدم أنصار الحراك الجنوبي من محافظات لحج والضالع وشبوة وأبين وحضرموت إلى عدن استجابة لدعوة أطلقت من قبل قيادات فصائل في الحراك الجنوبي حاملين شعارات مطالبة بالانفصال ومناهضة للوحدة مع الشمال. وشوهدت مئات السيارات آتية من المحافظات الأخرى في شوارع عدن وهي تتجه نحو ساحة «الشابات». وبات الآلاف موجودين في ساحة العروض ويرفعون أعلام الدولة الجنوبية السابقة.
ويرى جنوبيون كثر أن ما تشهده صنعاء منذ سيطرة المسلحين الحوثيين على مقرات عسكرية وأمنية ومؤسسات حكومية وعدم قيام أجهزة الدولة بالدفاع عنها وانشغال النظام بالصراع الدائر بين القوى الشمالية، كلها عوامل تؤمن فرصة سانحة لاستعادة دولتهم الجنوبية السابقة.
من جهته، شدد رئيس المجلس الأعلى للحراك الجنوبي حسن باعوم على ضرورة فرض المطالب الجنوبية في هذا الوقت، كما دعا الجنوبيين في المنفى إلى العودة إلى اليمن. وقال باعوم في كلمة وزعها بالمناسبة إن «هذه الحشود.. المرابطة في ساحة الحرية.. منذ مساء (أول من) أمس قد عقدت العزم على الحسم للنضال السلمي المتواصل من سنوات لتفرض اليوم الفعل الثوري الثابت على الأرض وللتأكيد على حق شعب الجنوب الشرعي الجدير اليوم باهتمام المجتمع الدولي بموجب جميع الأعراف والمواثيق الدولية».
من جانبه، قال نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض في كلمة له بالمناسبة: «إن كل الشواهد والمتغيرات الجارية تدل دلالة قاطعة على أنها ستصب في مصلحة قضية شعب الجنوب التحررية العادلة، فلا بد لنا من المسارعة بالاستفادة من تلك المتغيرات ومن المستجدات الحالية، وأن نكون جميعا عند مستوى المسؤولية».
وفي السياق أيضا، قال الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، إن ثورة «14 أكتوبر» هي امتداد للانتفاضات الشعبية والقبلية ضد الاستعمار البريطاني، مشيدا بنضالات وتضحيات الشعب وقواه السياسية في المدن والأرياف. وقال ناصر إن أهم إنجاز حققته الثورة أنها «وحدت الجنوب وأوجدت دولة مهابة في جزيرة العرب ليس فيها مكان للثأر أو الفساد أو الطائفية، وحققت الأمن والاستقرار من المهرة حتى باب المندب»، مشيرا في سياق حديثه إلى أن قوة الحزب الاشتراكي اليمني كانت «تكمن في انحيازه للسواد الأعظم من الشعب وتبنيه قضاياهم، وكان من أهدافه الأولى تأمين الرعاية الاجتماعية للمواطنين»، متمنيا «ألا يتخلى الحزب عن دوره التاريخي والمبادئ التي ناضل من أجلها مع كل القوى السياسية».



بوادر أزمة جديدة بين روما وباريس

ميلوني تتحدث خلال مؤتمر صحافي في روما الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)
ميلوني تتحدث خلال مؤتمر صحافي في روما الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)
TT

بوادر أزمة جديدة بين روما وباريس

ميلوني تتحدث خلال مؤتمر صحافي في روما الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)
ميلوني تتحدث خلال مؤتمر صحافي في روما الثلاثاء الماضي (د.ب.أ)

تكشفت، أمس، بوادر أزمة دبلوماسية جديدة بين باريس وروما على خلفية قضية الهجرة. وأعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني إلغاء زيارة كانت مقررة إلى باريس، بعدما وصف تصريحات وزير الداخلية الفرنسي بأنها «غير مقبولة» لاعتباره أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها.
وقارن جيرالد دارمانان، في تصريحات لإذاعة «آر إم سي»، بين ميلوني وزعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن، قائلاً إن «ميلوني تشبه لوبن. يتمّ انتخابها على أساس قولها إنّها ستحقّق إنجازات، لكن ما نراه أنّ (الهجرة) لا تتوقف، بل تزداد».
من جانب آخر، حمّل دارمانان الطرف الإيطالي مسؤولية الصعوبات التي تواجهها بلاده التي تشهد ازدياد أعداد المهاجرين، ومنهم القاصرون الذين يجتازون الحدود، ويعبرون إلى جنوب فرنسا.
وكان رد فعل روما على تلك التصريحات سريعاً، مع إلغاء وزير الخارجية الإيطالي الاجتماع الذي كان مقرراً مساء أمس في باريس مع نظيرته كاترين كولونا. وكتب تاجاني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقرراً مع الوزيرة كولونا»، مشيراً إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإيطاليا غير مقبولة».
وفي محاولة لوقف التصعيد، أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية توضيحاً قالت فيه إنها «تأمل» أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي.