الـ«إيكلير»... والنكهة التي لا تقهر

سرعة تناوله تحوّله إلى «ومضة» الحلويات الفرنسية

إيكلير بالكريمة
إيكلير بالكريمة
TT

الـ«إيكلير»... والنكهة التي لا تقهر

إيكلير بالكريمة
إيكلير بالكريمة

يتلذذ محبو الحلويات الغربية بتذوق الـ«إيكلير»، الحلوى الفرنسية التي لا تقهر. فهي رغم ولادتها الحديثة في القرن التاسع عشر فإنها تعدّ الأشهر والأكثر ازدهاراً في مطبخ الحلويات في العالم. وتتألف هذه الحلوى من عجينة متوسطة السماكة يجري خبزها بالفرن ويتم حشوها عادة بكريمة ذات مذاقات متعددة، كما تغمر سطحها عادة طبقة من الشوكولاته المتجمدة عن طريق تقنية التصقيع (Glacage).
هذه الحلوى المستطيلة الشكل والتي يسيل لها لعاب من يشاهدها من خلف الواجهات الزجاجية في محلات الحلوى، تشهد حالياً تحديثاً ملحوظاً في محتوياتها وفي عملية تزيينها. فاختصاصيو الحلوى يصغرون حجمها مرة ويكبرونه مرات أخرى. ويلونون مكوناتها المتوجة بحبات الفاكهة الطازجة لتتحول إلى لوحة فنية بحد ذاتها. فمذاقها لم يعد يقتصر فقط على كريمة الشوكولاته المشهورة به، بل تعدّى ذلك ليحمل منحى نكهات متجددة. فهي شقّت طريقها لتأخذ خلطات كريمة أخرى يدخل على مكوناتها مذاق القهوة والكاراميل والفانيليا، إضافة إلى غيرها من النكهات المرتكزة على الفاكهة كالموز والفراولة وغيرها.
أما اسم هذه الحلوى والذي يعني «ومضة» فيتردد بأنه يعود إلى انتشار تناولها بشكل سريع في فرنسا مسقط رأسها. فيما يؤكد خبراء آخرون بأن هذه التسمية تعود لإمكانية التهامها بأقل من دقيقة واحدة. وتعدّ أطول قطعة «إيكلير» تم صنعها حتى اليوم وتم تسجيلها في كتاب «غينيس» للأرقام القياسية صنعها حلوانيون سويسريون وبلغ طولها 503 أمتار.
- 4 عناوين عالمية لتذوق أطيب حلوى الـ«إيكلير» في العالم
> «فوشون» في باريس: «فوشون» للحلوى الواقع في شارع الشانزيليزيه الباريسي عليك أن تنسى ما يمكن أن يحرزه تناول أكثر من قطعة «إيكلير» من زيادة على وزنك. فهذا المكان الذي يعدّ من بين أهم العناوين المعروفة لتناول الحلوى الباريسية يقوم بتجديد دائم لحلوى الـ«إيكلير» لتفوق الـ50 نوعاً. فمنها الموسمي الطازج والمصنوع على الطريقة التقليدية بكريمة الباتيسيير وبالشوكولاته وكذلك بالفواكه. وما لا تنتظره من مذاقات الـ«إيكلير» تلك المالحة والمؤلفة من مكونات الدجاج والسلمون وغيرها من اللحوم.
وبالعودة إلى حلوى الـ«إيكلير» في محلات «فوشون» فجديدها «بيبي إيكلير»، أي الصغيرة الحجم والتي لا يزيد حجمها عن 6 سنتيمترات. وحجمها هذا يتيح لك فرصة تذوق أكثر من نوع واحد لتصل إلى 8 نكهات، ومن بينها المحضرة مع الفستق الحلبي والقهوة والتوت واللوز والكراميل والليمون الحامض.
وعادة ما يعلن هذا المكان عن أسبوع خاص بهذه الحلوى ليقصده الزبائن من كل حدب وصوب ويتذوقوا الجديد منه. وهو يتبع في هذا الإطار مواسم خاصة لصناعة أصناف معينة منه تبعاً لطبيعة الفصل السائد من خريف وشتاء وربيع وصيف. فتتحول هذه الحلوى إلى فسيفساء ملونة تتخذ من مكوناتها عناوينها الرئيسية.
- «ميتر شو» في لندن مذاقات «إيكلير» لا تشبه غيرها
بعضهم يصف قطع حلوى الـ«إيكلير» في محلات «ميتر شو» (Maitre choux) اللندني بالمجوهرات المرصعة. فيما يصفها آخرون بـ«ماستر بيس» أي القطعة التي لا شبيه لها في عالم الحلوى. ويعتبر البعض بأن مذاقها لا مثيل له وبأن شكلها خارج عن المألوف كحلم لك يسبق أن راودك. ولا بد أن يسيل لعابك لمشاهدتك واحدة من هذه القطع المكسوة بطبقة كريمة لماعة داكنة أو فاتحة حسب المذاق الذي تطلبه. وبين أنواع الشوكولاته الكنز بالبندق والحليب والفستق الفارسي والشوكولاته الداكنة والمتعددة الأصل، إضافة إلى نكهات قهوة أرابيكا الواضحة فيها وتوت العليق الإسباني، والفانيليا وزبدة الكراميل المملحة وجوز الهند الثلجي وصولا إلى الـ«يوزو باشن» (فاكهة استوائية). أما يواكيم والشيف ميتر شو القيمين على هذا المحل فيعملان على تطوير هذه الحلوى وتحديثها كي تصل إلى أكبر شريحة ممكنة من الناس. فيشعر متذوقها بأنها تلامس قلبه وعاطفته قبل أن تقفز أشكالها الشهية أمام عينيه فتحدث هذا التواصل الممتع ما بين حاستي البصر والذوق. ويقع هذا المحل في ثلاث مناطق لندنية وهي شارع هارينغتون في شمال مدينة كينسيغتون وفي منطقة «soho» وشارع «كينغس رود» في لندن.
> «تشارلي» في بلجيكا حلوى الـ«إيكلير» الأصيلة: لا تتوقع أن تغادر هذا المحل بعد دقائق قليلة من دخولك إليه. فمحل حلويات «تشارلي» الواقع في شارع سانت كاترين في بروكسل، يعد أحد الأفران المشهورة بصناعة الخبز والحلويات على أنواعها وبالتحديد حلوى الـ«إيكلير».
ويعتبر هذا المكان الذي تأسس في عام 2009 عنواناً سياحياً في بلجيكا بقصده كل من يزور العاصمة بروكسل لأن منتجاته هي كناية عن أعمال حرفية مطرزة لا تشبه غيرها في عالم الحلوى. ويجاهر أصحاب هذا المكان بالمواد والمكونات الطبيعية التي يستخدمونها في صناعة الـ«إيكلير» لتحمل طعماً أصيلاً قلما نصادفه في زمن التحديث والعصرنة. ومن أشهر أصناف هذه الحلوى في محلات «تشارلي» تلك التقليدية المحشوة بكريمة الباتيسيير (crème patissiere) وبكريمة الشوكولاته اللذيذة المصنوعة من حبات الكاكاو المستوردة من بلاد غانا الأفريقية.
> «باتاشو» عنوان أطيب حلوى الـ«إيكلير» في بيروت:تأسست محلات «باتاشو» في الأشرفية منذ عام 1956 ومن يقصد منطقة السوديكو في تلك المحلّة لا بدّ أن يتوقف أمام «باتاشو» كي يتذوق قطعة من حلوياته الذائعة الشهرة في بيروت وبينها الـ«إيكلير».
يلتحق أصحاب هذا المحل بموجة التحديث التي تشهدها نكهات حلوى الـ«إيكلير» في العالم. فاسم محلاتهم المنتشرة في عدد من المناطق اللبنانية يرتبط ارتباطاً مباشراً بعجينة الـ(Choux) التي تتفرع منها تلك المصنوعة منها حلوى الـ«إيكلير».
فهم يحضرونها بأصناف متعددة وبينها التقليدية مع كريمة الشوكولاته (فوندان) وعادية. وكذلك حشوة الشوكولاته المخلوطة بفاكهة الموز والمطلي سطحها بطبقة سكر محروق. أما النكهات الأخرى فتتراوح ما بين طعمات فاكهة الفراولة والليمون الحامض والفانيليا والفستق المغمس بماء الورد، إضافة إلى حشوة كريمة الـ«شانتيي» اللذيذة.


مقالات ذات صلة

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».