مقتنيات أسرة محمد علي توثق ذكرى افتتاح قناة السويس

عبر عرض 22 قطعة نادرة بمتحف «قصر المنيل»

لوحة للفنان الفرنسي إدوارد ريو تمثل افتتاح القناة
لوحة للفنان الفرنسي إدوارد ريو تمثل افتتاح القناة
TT

مقتنيات أسرة محمد علي توثق ذكرى افتتاح قناة السويس

لوحة للفنان الفرنسي إدوارد ريو تمثل افتتاح القناة
لوحة للفنان الفرنسي إدوارد ريو تمثل افتتاح القناة

يمكن إعادة سرد تاريخ قناة السويس في مصر، التي افتتحت أمام الملاحة العالمية للمرة الأولى عام 1869 - عبر مسارات ثلاثة، أولها الإشارة إلى أهمية القناة كأسرع ممر مائي يربط ما بين قارتي آسيا وأوروبا، وثانيها ذكر ما تعرض له البناة المصريون من تعسف وإجبار على العمل تحت ظروف شديدة القسوة، وثالثها سيرة الخديوي إسماعيل الطموح سليل الأسرة العلوية، الذي افتتح في عهده القناة.
وفي معرض «خديوي القناة» اختارت إدارة متحف قصر الأمير محمد علي (متحف قصر المنيل) بمنطقة المنيل بالقاهرة عرض مقتنيات خاصة بالأسرة العلوية، مرتبطة بالفترة التاريخية الخاصة بمراحل افتتاح قناة السويس المختلفة، بمناسبة مرور الذكرى المائة والخمسين على هذا الحدث المهم.
المقتنيات المعروضة يبلغ عددها 22 قطعة نادرة من ضمن محتويات المخازن التابعة للمتحف، التي تتعدى مقتنياتها ثلاثين ألف قطعة، وفق ما يؤكده محمد السيد وكيل المتحف للشؤون الفنية، ويضيف السيد أن المحتويات تخضع لنظام حفظ متطور نظرا لقيمتها التاريخية المهمة، إضافة إلى معالجتها وترميمها بعناية فائقة.
ويضم المعرض حافظة من العاج محلاة بالذهب نقش عليها الأحرف الأولى من اسم الخديوي إسماعيل، وعددا من الأقداح المصنوعة من مادة البورسلين الأبيض، مطبوع عليها صورة الخديوي واسمه، تبدو جميعها في حالة جيدة جداً من الحفظ.
ويزين المعرض كذلك لوحة نادرة للفنان الفرنسي الشهير إدوارد ريو توثق عمليات حفر قناة السويس، يقول عنها وكيل المتحف للشؤون الفنية لـ«الشرق الأوسط»: إن «الخديوي إسماعيل استقدم الفنان الفرنسي خلال الفترة التي سبقت افتتاح قناة السويس، لتوثيق الفعاليات بأعماله الفنية، مع أنه كان معروفاً في زمنه بمساهماته الفنية في رسم شخصيات الروايات الشهيرة لكبار الأدباء مثل جول فيرن، ألكسندر ديماس، وفيكتور هوجو.
يضم المعرض أيضا لوحة نادرة للخديوي إسماعيل، يظهر فيها بجانب ابنه الخديوي توفيق، وأمامهما تمثال نصفي لمحمد علي باشا الكبير، مؤسس الأسرة العلوية. وتعد هذه اللوحة واحدة من مئات اللوحات من ممتلكات المتحف المرسومة لأفراد من الأسرة العلوية وحاشيتهم، ورثها عن العائلة الأمير محمد علي صاحب القصر، وهو ابن الخديوي محمد توفيق، الذي لم ينجح في تحقيق حلمه بحكم مصر طوال فترة حياته، أسوة بوالده.
العملات المعدنية التي صدرت بمناسبة افتتاح قناة السويس حينئذ كانت حاضرة بقوة أيضا بالمعرض، حيث عرضت عدة عملات من ضمنها عملة نقش عليها وجه نابليون الثالث ملك فرنسا وقتها، وعملات تحمل رسومات لامرأة تحمل في يدها شعلة، وفي الأخرى غصن زيتون، بينما دونت على العملة باللغة اللاتينية عبارة: «الشركة العالمية لقناة السويس البحرية».
واحتفت مقتنيات أخرى عرضت بالمعرض باستعادة سيطرة مصر على قناة السويس، تضمنت عملات تذكارية صدرت بمناسبة تأميم قناة السويس عام 1956 على يد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.
وتحرص إدارة المتحف على المشاركة في الاحتفالات التاريخية عن طريق المعارض المؤقتة، التي تكون مناسبة لعرض مقتنيات المتحف المتنوعة، ولا تقتصر فقط على عرض مقتنيات الأمير محمد علي التي جمعها من مختلف البلاد وما ورثه من عائلته، بل تتعدى لتشمل مقتنيات تهدى للمتحف من اللجان المختلفة التابعة لهيئة الآثار، على غرار المقتنيات التي يتم إحباط تهريبها إلى الخارج، إذ تحولها النيابة إلى المتحف إذا كان تاريخها يرجع إلى الأسرة العلوية، وتكون أغلبها من العملات النادرة، وفقا للسيد.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».