الشرطة الألمانية تصر على ملاحقة المافيات اللبنانية مع تصاعد شراستها

سرقة متحف دريسدن تذكّر بسرقة شبيهة في برلين قبل عامين... تٌحاكم فيها عصابة لبنانية

الشرطة يحيط بقصر ريزدنزشلوس حيث يوجد متحف «القبو الأخضر» بدريسدن (أ.ف.ب)
الشرطة يحيط بقصر ريزدنزشلوس حيث يوجد متحف «القبو الأخضر» بدريسدن (أ.ف.ب)
TT

الشرطة الألمانية تصر على ملاحقة المافيات اللبنانية مع تصاعد شراستها

الشرطة يحيط بقصر ريزدنزشلوس حيث يوجد متحف «القبو الأخضر» بدريسدن (أ.ف.ب)
الشرطة يحيط بقصر ريزدنزشلوس حيث يوجد متحف «القبو الأخضر» بدريسدن (أ.ف.ب)

الصدمة نفسها التي عاشتها ألمانيا قبل عامين، عندما سُرِقت ليرة ذهبية ضخمة وزنها 100 كلم من متحف في برلين، تعيشها اليوم بعد تعرض متحف آخر في مدينة دريسدن للسرقة.
أسلوب سرقة المجوهرات التي «لا تُقدّر بثمن» من متحف «القبو الأخضر» في دريسدن، وضخامة السرقة، ذكرتا بالحادثة الشبيهة التي وقعت قبل عامين.
حينها ألقت الشرطة القبض على 3 شبان من عائلة رمّو اللبنانية، المعروفة بأنها من أكبر العائلات العربية المتورطة بالجريمة المنظمة في برلين. وبدأت محاكمة هؤلاء الشبان وايسي وأحمد ووسام، الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاماً، مطلع العام الحالي.
ورغم أنه لم يتم العثور على الليرة التي تُقدر قيمتها بأربعة ملايين دولار أميركي، فإن الشرطة عثرت على آثار ذهب في سيارة استخدمها الشبان للهرب، نقاوتها تطابق نقاوة الليرة العملاقة. وهو ما كان كافياً لاعتقالهم وبدء محاكمتهم. أما الليرة، فلا تأمل الشرطة بالعثور عليها، وتعتقد أنها تمت إذابتها وبيعها، أو أنها أُخرِجَت من البلد بعد إذابتها.
جرأة السرقة حينها شكلت صدمة في ألمانيا. فمتحف بود يقع مقابل مقر المستشارية في وسط برلين. والشبان دخلوا عبر النافذة، من دون كثير من التعقيدات. ولم يطلق حينها جرس الإنذار، ما سمح لهم بأخذ راحتهم في سرقة الليرة من داخل قفص زجاجي.
وفي دريسدن، قبل أيام، استخدم السارقون، الذين حددت الشرطة عددهم بأربعة، أسلوباً شبيهاً؛ إذ حطموا الزجاج الذي كان يحمي المجوهرات الثمينة مستخدمين فأساً، بعد أن عطلوا الكهرباء بشكل جزئي عن المتحف. وفي هذه السرقة كذلك، استنتجت الشرطة أن «عصابة جريمة منظمة» تقف على الأرجح خلفها.
ومن بين قطع المجوهرات قطعة ماس من عيار 49 قيراطاً، بقيمة تُقدّر بـ12 مليون دولار أميركي، اشتراها حاكم ساكسونيا السابق «أغسطس القوي»، في القرن الثامن عشر بـ«كثير من الجهد»، بحسب مدير المتحف. وكذلك سُرق سيف فيه 9 قطع من الماس كبيرة و770 قطعة صغيرة. وتعتقد الشرطة أن السارقين لن يبيعوا القطع كما هي، كونها قطعاً فريدة ومن السهل التعرف عليها، بل سينتزعون قطع الماس منها لتهريبها وبيعها.
أما إذا كانت الشرطة ستنجح بالقبض على السارقين ومحاكمتهم، فأمر ما زال غير معروف؛ فهي طلبت من شهود التقدُّم بمعلومات، وقد حصلت على ما يزيد على 200 شاهد حتى الآن. وأما إذا كانت «العصابات العربية» هي المسؤولة أيضاً فما زال مبكراً التأكد منه، إلا أن الضغوط التي تتعرض لها هذه العصابات مؤخراً من قبل السلطات الألمانية، وسوابق لها في تنفيذ سرقات لتمويل نفسها، قد تكون مؤشراً إلى أن تحقيقات الشرطة تصب في هذا الإطار.
فمنذ أشهر وقصص «العصابات العربية» تشكل عناوين أولى في الصحف الألمانية، ومادة نقاش غنية لقنوات التلفزة. قبل أيام رحّلت ألمانيا إبراهيم الميري، زعيم واحدة من أكبر العائلات العربية المتورطة بالجريمة المنظمة، إلى لبنان، للمرة الثانية، خلال أيام. ففي المرة الأولى التي رحل فيها عاد في اليوم التالي عن طريق التهريب إلى ألمانيا، وتقدم بطلب لجوء، متحججاً بأنه يتلقى تهديدات من «حزب الله» في لبنان.
شكلت عودته صدمة لدى الطبقة السياسية في ألمانيا، ودفعت بوزير الخارجية هورست زيهوفر إلى الدعوة لتشديد تأمين حدود ألمانيا مع دول «شينغن»؛ فعملية ترحيله في المرة الأولى اعتبرتها السلطات الألمانية نوعاً من الانتصار على هذه العصابات التي تزداد شراستها مع مرور السنين؛ فهو مسجل على أنه من دون هوية، أي لا يملك الجنسية الألمانية ولا اللبنانية.
وقد بذلت ألمانيا جهوداً جبارة لإقناع لبنان بمنحه جنسيته، كي تتمكن من ترحيله إليه. والميري هو من بين آلاف اللبنانيين الذين جاءوا إلى ألمانيا في السبعينات مع بداية الحرب في لبنان، طالبين للجوء وهم أصلاً غير لبنانيين، من أصول فلسطينية أو كردية قدموا إلى لبنان ولم يحصلوا على الجنسية. ولكن في ألمانيا واجهوا المشكلة نفسها؛ بقي كثير منهم لسنوات من دون جوازات ألمانية أو أوراق إقامة دائمة، غير قادرين على الاندماج بشكل طبيعي، أو العمل حتى بشكل شرعي. وهذا ما يعتقد كثيرون أنه كان الدافع الرئيسي وراء دفع هذه العائلات للتورط في الجريمة المنظمة حتى باتوا من أشهر وأكبر العصابات في ألمانيا. وباتت قصصهم تشكل نوعاً من الهوس لدى الألمان الذين أنتجوا وثائقيات طويلة عنهم، وحتى مسلسلات مستوحاة من قصصهم.
وبدأت الشرطة والإعلام فعلاً بالتنبه لهم في عام 2014، عندما سرق أعضاء من إحدى تلك العائلات محل مجوهرات في أرقى مراكز تجاري في برلين، هو «كا دي في».
وفي العام نفسه، سرقوا كذلك مصرف «شباركاسه»، ثم فجروه بكامله، في عملية شكلت أول صدمة لمدى قوة، وربما شراسة تلك العائلات.
ولسنوات طويلة تجاهلت الشرطة وحتى الإعلام قصص هذه العائلات، خوفاً من اتهامها بالعنصرية. وهو أصلاً ما يستخدمه أفراد تلك العائلات ضد الشرطة بشكل مستمر، لدى إلقاء القبض على أحدهم؛ يبدأون بالصراخ عالياً متهمين الشرطة بأنهم «نازيون». ولكن مؤخرا ومع تزايد جرائهم، وتوسعها، قررت الشرطة في برلين ومدن أخرى ينشطون فيها، بتشديد مضايقاتهم لهم من خلال الانتشار بشكل شبه دائم في مناطقهم، مثل شارع زوننالي المعروف بشارع العرب في نويكولن. وكل بضعة أسابيع، تنفذ الشرطة مداهمات على مطاعم للأراكيل أو محال لبيع الهواتف وغيرها، يستخدمها أفراد العصابات العربية لتبييض الأموال.
وتتخوف الشرطة اليوم من استغلال هذه العصابات للاجئين القادمين جديداً إلى ألمانيا، لتجنيدهم للقيام بأعمال غير شرعية لصالحها، مثل بيع المخدرات أو تنفيذ سرقات صغيرة، مستفيدين من واقع أن لا سجل إجرامياً لهؤلاء الجدد.
وغالباً ما يمكن مشاهدة أفراد تلك العائلات يقودون سيارات فارهة في برلين، بسرعة جنونية. وباتت صور مداهمة الشرطة لسيارة «مرسيدس» ذهبية اللون، رمزاً للبريق الذي يحيط هؤلاء أنفسهم به.
ومؤخراً تحولت بيترا لايستر، المدعية العامة في برلين، إلى «نجمة»، في تعقب أفراد العصابات العربية. وباتت تعرفها الصحافة بأنها «صيادة العصابات العربية» بسبب إصرارها على ملاحقتهم وإدانتهم. ومؤخراً نجحت بالتسبب باعتقال عرفات أبو شاكر، زعيم عصابة لبنانية أخرى، بتهم تتعلق بتهديد عائلة وأطفال مغني راب شهير يدعى بوشيدو، وهو من أصول تونسية كان صديقه وتحولا إلى أعداء، بعد أن قرر بوشيدو الابتعاد عن عائلة أبو شاكر.
ولكن رغم إلقاء القبض عليهم وزجهم في السجن بشكل مستمر، فإن أفراد هذه العائلات غالباً ما يخرجون بعد قضاء فترة وجيزة خلف القضبان، ليعاودوا ممارسة نشاطاتهم بعد الخروج. وما زالت الشرطة عاجزة فعلياً عن جمع أدلة تورطهم بتبييض وتهريب الأموال والاتجار بالمخدرات وجمع الخوات وغيرها من النشاطات الكثيرة غير الشرعية.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.