صدمة في القاهرة بعد قتل صيدلانية طفلتها بأقراص «الفيل الأزرق»

النيابة أودعتها «مستشفى أمراض نفسية»

صدمة في القاهرة بعد قتل صيدلانية طفلتها بأقراص «الفيل الأزرق»
TT

صدمة في القاهرة بعد قتل صيدلانية طفلتها بأقراص «الفيل الأزرق»

صدمة في القاهرة بعد قتل صيدلانية طفلتها بأقراص «الفيل الأزرق»

صدمت قضية اتهام صيدلانية مصرية، بقتل طفلتها بواسطة أقراص «الفيل الأزرق» (أقراص مخدرة ممنوعة من التداول في مصر وعدد من دول العالم)، كثيرا من المصريين أمس، وعبّر عدد كبير من متابعي مواقع التواصل الاجتماعي عن حزنهم الشديد على وفاة الطفلة بهذه الطريقة «الموجعة»، وأبرزت المواقع الإخبارية المصرية أمس، الخبر في صدر صفحاتها الرئيسية، وكثفت من تغطيتها للحادث.
واعترفت الصيدلانية المقيمة في حي النزهة (شرق القاهرة) بقتل طفلتها بأقراص «الفيل الأزرق»، بعد فشل محاولتها التنصل من «الجريمة» أمام المباحث، وقالت في البداية إنّ «صغيرتها تناولت العصير الخاص بها بالخطأ، وإنَّها اعتادت تناول العقاقير المهدئة بسبب معاناتها من الاكتئاب نظراً لوجود خلافات بينها وبين طليقها على حضانة طفلتها الوحيدة كاميليا 6 سنوات»، وفق ما نقلته الصحف المصرية أمس، عن مصادر شرطية.
وتبين من تحقيقات النيابة العامة المصرية أنّ المتهمة لها تاريخ في المرض النفسي، وجرى إيداعها مستشفى الأمراض النفسية والعصبية في العباسية، وكلفت النيابة المستشفى بإعداد تقرير عن حالتها خلال 40 يوما وموافاة النيابة بنتائجه.
وقرّرت نيابة شرق القاهرة الكلية أمس، إيداع الصيدلانية مستشفى الأمراض النفسية والعصبية، بعد أن قرّرت حبسها لاستكمال التحقيق معها بالتهمة الموجهة إليها وهي القتل العمد.
وأفادت تحقيقات النيابة بأنّ الواقعة حدثت منذ خمسة أيام بعدما أبلغت الصيدلانية «ياسمين» بوفاة ابنتها «كاميليا» (6 سنوات) عن طريق تناولها عقاقير «الفيل الأزرق» بالخطأ، وثبت من تحقيقات النيابة العامة وتحريات المباحث عدم صحة رواية المتهمة وأنّها وضعت العقاقير للطّفلة في العصير بقصد قتلها.
التعاطف مع القضايا التي يكون ضحيتها الأطفال في مصر، ليس أمراً جديداً، فمنذ 10 أيام فقط أثارت قضية «أطفال السلم» في مدينة طنطا (دلتا مصر)، تعاطف قطاع كبير من المصريين واهتمام القنوات التلفزيونية بالقضية بشكل لافت، بعدما عثر على طفلين على سلالم إحدى البنايات، بعد ترك الأم طفليها على السلم أمام شقة زوجها (المطرب الشعبي شادي الأمير)، حتى استدعت سيدة من العمارة السلطات المصرية التي أودعت الطفلين في دار رعاية اجتماعية ووقفت الأم يوما كاملا للتّحقيق معها في الواقعة.
وينتج عن أقراص «الفيل الأزرق»، المعروف باسم DMT، هلوسة بصرية وسمعية قصيرة ونشوة وإحساس بالتغير، وهو عبارة عن مسحوق بلوري أبيض مشتق من نباتات معينة موجودة في المكسيك وأميركا الجنوبية وأجزاء من آسيا. ووفق صيادلة فمن الآثار الجانبية المحتملة لأقراص الفيل الأزرق، زيادة معدل ضربات القلب، وزيادة ضغط الدم، ألم أو ضيق في الصدر، اتساع حدقة العين، الغثيان والقيء والإسهال، وعند تناول جرعات أعلى، يمكن أن يسبب نوبات توقف التنفس والغيبوبة، فضلاً عن العواقب الخطيرة التي تحدث لمن يعانون من مشاكل نفسية موجودة سابقا أو مرض عقلي، مثل انفصام الشخصية.
ويعود إطلاق اسم «الفيل الأزرق» على هذه العقاقير في مصر إلى الفيلم الشهير «الفيل الأزرق» بطولة الفنان كريم عبد العزيز، وخلال أحداث الفيلم المقتبس من رواية تحمل الاسم نفسه، كان يدمن أحد أبطال العمل تناول أقراص من المخدرات تسمى «الفيل الأزرق» قادرة على نقل الإنسان إلى عوالم أخرى غير طبيعية.
وفي شهر أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت الأمانة العامة للصّحة النّفسية وعلاج الإدمان، التابعة لوزارة الصّحة المصرية عن نتائج المسح القومي، للاضطرابات النفسية لعينة عشوائية، أنّ نسبة 7 في المائة من العينة الممثلة للمجتمع المصري يعانون من اضطرابات نفسية.
ويؤكد خبراء طب نفسيون أنّه في حالة تشكك المحكمة بارتكاب الجريمة تحت تأثير المرض النفسي، فإنّها تقرر إرسال المتهم للمستشفى من خلال مخاطبة من مكتب النائب العام، لتحديد هل هو مسؤول عن فعله أو لا؟ وما مدى قوته العقلية؟ ويُودع في جناح خاص، ثم يُحول إلى الطّب الشرعي، ويظلّ 45 يوما، ويُتّخذ القرار في هذه الحالة بناءً على عدة سلوكيات، ويوضع تحت الملاحظة لمعرفة إذا كان قام بالفعل ومدركا أو لا، ثم يرسل التقرير للنيابة.
وفي حال ثبوت المرض النفسي للجاني، فإنّه لا يحاكم مثل الأشخاص العاديين، بل يخضع لمعايير أخرى وفق ما تقرره المحكمة حسب طبيعة كل حالة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».