المغنية الفرنسية ديامس تكشف عن مشروع جديد ينطلق من جدة

المغنية الفرنسية ديامس
المغنية الفرنسية ديامس
TT

المغنية الفرنسية ديامس تكشف عن مشروع جديد ينطلق من جدة

المغنية الفرنسية ديامس
المغنية الفرنسية ديامس

ثلاث كلمات غامضة نشرتها المغنية ديامس، مؤخراً، على حسابها في «إنستغرام» دفعت الصّحف الفرنسية إلى التساؤل حول العمل الجديد الذي تستعدّ لإطلاقه من مقر إقامتها في جدة، بالمملكة العربية السعودية، حيث استقرّت بعد أن أدت فريضة الحج. وفي منشور باللغة الإنجليزية مرفق بصورة لها قالت: «العمل في تقدّم». كما كانت قد أعلنت لجمهورها، في منشور منتصف الشهر الحالي، أنّها تعافت من إدمان العقاقير المهدئة التي كانت تتناولها بعد معاناتها من انهيار عصبي سابق.
واعتنقت ديامس، واسمها الأصلي ميلاني جورجيادس، الإسلام من دون أن تتوقف عن نشاطها الفني، في البداية. وفي عام 2012، في عز نجاحها، فوجئ بها معجبوها وهي تقف على المسرح مرتدية قبعة وتحتها منديل يغطي شعرها بالكامل. وانتشر حينذاك خبر اعتناقها الدين الإسلامي. وظهرت تقولات بأنّها وقعت تأثير الرجل الذي تزوجت به وأنجبت منه طفلتها مريم. لكنّها نشرت كتاباً نفت فيه وقوعها تحت تأثير أي كان، وقالت إنّها لم تتعوّد أن يملي عليها أحد ما تفعل. وفي خريف العام نفسه ظهرت في برنامج تلفزيوني شهير بثته القناة الفرنسية الأولى. وفي البرنامج أعلنت بشكل رسمي اعتزالها الفن، وتحدثت عن حياتها الجديدة بعد تعرفها على الإسلام أثناء رحلة لها على جزيرة «موريشيوس»، حيث أشهرت إسلامها، واتخذت لنفسها اسم «سكينة».
وُلِدت ديامس في نيقوسيا لأب قبرصي وأم فرنسية. وبدأت تؤدي أغنيات «الراب» في سن مبكرة، ولقيت نجاحاً فورياً في أوساط الشباب المهاجر. وفي عام 2006، أصدرت أسطوانة بعنوان «في قوقعتي»، بيع منها مليون نسخة. وأصبحت الشابة ذات اللقب القبرصي الغريب والمقيمة في بلدة أُورساي قرب باريس، فنانة معروفة وناطقة باسم شابات الضواحي. كما راحت تخالط النجوم الذين يملكون تأثيراً كبيراً على شباب المهاجرين، أمثال سنوب دوغ، والكوميدي المغربي جمال دبوز. ومع صعود نجمها اتخذت من ديامس اسماً فنياً لها، وهو مختصر «دياموندس»، أي الماس. ومع بلوغها العشرين تطور نشاطها بحيث إنها كانت تدير ثلاث شركات فنية، وتعمل بلا هوادة، وتتذوق متعة أن يكون لها آلاف المعجبين والمعجبات. وبسبب تلك الانتقالة غير المتوقعة وضغوط العمل والشهرة، تعرضت المغنية الشابة لمتاعب صحية، ووقعت أسيرة الحبوب المهدئة. وفي ربيع 2008، حين وقفت تغني في صالة «زينيت» العملاقة في باريس، في الحفل السنوي لتوزيع جوائز الموسيقى، فإنّ المحيطين بها فقط كانوا يعرفون بأنّها خارجة للتو من مستشفى للأمراض العصبية. وقد عادت إلى هناك بعد أيام من الحفل.
في السنة التالية، تعرضت لما يشبه الانتهاك المعنوي، حين نشرت مجلة «باري ماتش» تحقيقاً طويلاً عنها، مع مجموعة صور مختلسة تبدو فيها ترتدي الحجاب وهي تغادر مسجداً في باريس بصحبة زوجها المسلم. وجاء توقيت النشر في عز احتدام الجدل حول صدور قانون يمنع ارتداء النقاب في فرنسا. ورفضت المغنية، يومذاك، التحدث إلى وسائل الإعلام، واكتفت بالقول إنّ الجواب موجود في كلمات الأسطوانة التي كانت تستعد لإطلاقها، وعنوانها «النجدة».
لم تكن ديامس مجرد مغنية شبابية إضافية، بل كانت لها شخصيتها الجذابة ومواقفها السياسية، حيث دعمت نشاط «جمعية العفو الدولية»، وحاربت اليمين المتطرف وحزب الجبهة الوطنية الذي يناصب المهاجرين العداء، وأسست جمعية لرعاية الأيتام في أفريقيا. وهي قد أدركت أنّ إشهارها لإسلامها لن يمر من دون تبعات على مهنتها الموسيقية. وحتى عندما عادت جزئياً إلى الغناء فإنّها اختارت أن تكون عودتها بشكل جديد، ومن خلال الأسطوانات فحسب. وفي الصيف الماضي قالت في تصريح نشرته صحيفة سعودية إنّها أنهت مهنتها الفنية على المسارح، لأنها لم تجد هدوءها النفسي فيها. وأضافت: «كل تلك الأمور، مثل النجاح والفلوس والشهرة لم تسعدني. كنتُ وحيدة وحزينة وأتساءل عن سبب وجودي في الدنيا». وفي مقابلة ثانية مع صحيفة «بوليت» الباريسية قالت إنّ «ديامس كانت الصفحة الأولى من كتاب حياتي، ولكن علي الاستمرار في طريق أتمناه مليئاً باللقاءات والمشاركة إن شاء الله». فهل يكون مشروعها الجديد من ثمار الصفحة الجديدة في حياتها؟



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».