البيت الأبيض «طلب» عرقلة التصويت على مشروع قرار «إبادة الأرمن»

السبب التخوّف من تعقيد المفاوضات الجارية بخصوص «إس 400»

TT

البيت الأبيض «طلب» عرقلة التصويت على مشروع قرار «إبادة الأرمن»

أكد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، أنّه تلقى تعليمات مباشرة من البيت الأبيض لعرقلة التصويت على مشروع قرار يصف المجازر التي ارتكبها الأتراك بحق الأرمن في الحقبة العثمانية بالإبادة الجماعية، وذلك خلال زيارة الرئيس التركي إلى واشنطن قبل أسبوعين.
وقال غراهام، في تصريح لموقع «أكسيوس»، «بعد اجتماعنا مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في البيت الأبيض، طلب مني أحد المستشارين في البيت الأبيض عرقلة التصويت على المشروع». وأكّد غراهام أنه وافق مباشرة على الطلب، مضيفاً: «السبب الوحيد الذي أدى إلى موافقتي هو أن إردوغان كان لا يزال في الولايات المتحدة. توقيت التصويت كان غير مناسب. فأنا أحاول إنقاذ العلاقة بين البلدين إذا كان هذا ممكناً».
وتعهد غراهام بأنه لن يقف بوجه محاولة التصويت على المشروع في حال طرحه مجدداً، الأمر الذي حصل بالفعل الأسبوع الماضي، إلا أن المعترض هذه المرة كان السيناتور الجمهوري ديفيد بردو بناءً على طلب البيت الأبيض، حسب الموقع. وقال المتحدث باسم بردو، في بيان، «اعترض السيناتور على المشروع لأنه يتخوف من تأثير تمريره على المفاوضات الحساسة التي تجري حالياً في المنطقة مع تركيا وحلفاء آخرين».
كان غراهام عرقل التصويت مباشرة بعد اللقاء الذي جمعه بإردوغان في البيت الأبيض، بداية الشهر الحالي، وقال غراهام في خطاب ألقاه في مجلس الشيوخ إن أعضاء المجلس لا يجب أن يحاولوا إعادة كتابة التاريخ، وأضاف: «لقد التقيت قبل قليل بالرئيس إردوغان والرئيس ترمب، وتحدثنا عن المشكلات التي نواجهها في سوريا بعد التوغل العسكري التركي. آمل أن تتمكن أرمينيا وتركيا من الحديث سوية وحل هذه المسألة». وقال غراهام حينها إن اعتراضه على التصويت على مشروع القرار هو بسبب قلقه على المستقبل.
جاء اعتراض غراهام بعد أن طرح كبير الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بوب مننديز، مشروع القرار على التصويت، وقال مننديز في خطاب في المجلس: «إن سياسة الولايات المتحدة الخارجية يجب أن تعكس اعترافاً صادقاً بانتهاكات حقوق الإنسان والتطهير العرقي والإبادة الجماعية التي ارتكبت. لا يمكننا تجاهل الأرمن من ضحايا الإبادة الجماعيّة».
بدورها، قالت وزارة الخزانة الأميركية إن ترمب طلب من عدد من المرافق الفيدرالية الأميركية النظر في مخاوف أعرب عنها إردوغان حيال تداعيات تعرض بنك «خلق» الحكومي التركي لعقوبات أميركية.
تأكيد الوزارة جاء في رسالة إلى مكتب السيناتور الديمقراطي رون وايدن، الذي بدأ تحقيقاً في اللجنة المالية في مجلس الشيوخ للنظر في التفاصيل المحيطة بممارسات البنك المذكور.
وكتب نائب مساعد وزير الخزانة فريدريك فوغان، لمكتب وايدن، «عندما أعرب الرئيس التركي إردوغان عن قلقه للرئيس ترمب في أبريل (نيسان) الماضي، حوّل الرئيس المسألة إلى المرافق التنفيذية المسؤولة عن التحقيقات وفرض العقوبات الاقتصادية - أي وزارتي الخارجية والعدل».
وأضاف فوغان: «لقد التقى وزير الخزانة (ستيفن) مونشين مع مسؤولين كبار في الحكومة التركية في مناسبات عدة لمناقشة عدد من المسائل المتعلقة بالسياسة الخارجية والأمن القومي، وقد أثار المسؤولون الأتراك خلال بعض الاجتماعات قضية تأثير العقوبات الأميركية على إيران على بنك (خلق)». وكان المحقّقون الفيدراليون في نيويورك أدانوا الشهر الماضي البنك بتهمة غسل الأموال وتهريب مليارات الدولارات إلى إيران، في انتهاك مباشر للعقوبات الأميركية.
كان مجلس النواب الأميركي مرر بإجماع كبير مشروع قرار الإبادة الجماعية، وذلك بعد استياء المشرعين الشديد من العملية التركية شمال سوريا. وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، قبيل التصويت، الذي جرى الشهر الماضي، «لنكن واضحين اليوم ولنذكر الوقائع في مجلس النواب لتحفر للأبد في وثائق الكونغرس: الأفعال البربرية التي ارتكبت بحق الشعب الأرمني كانت إبادة جماعية».
ويعود تاريخ هذه المجازر إلى عام 1915 خلال الحرب العالمية الأولى. ويقدر الأرمن عدد القتلى في هذه الأحداث بنحو مليون ونصف المليون أرمني، الأمر الّذي تُنكره تركيا بشدّة، وتقول إن العدد مبالغ به، وإنّ ما جرى للأرمن هو نتيجة حرب أهليّة. هذا وتصنف أكثر من 20 دولة هذه الأحداث إبادة جماعية، من بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا. وقد وظّفت تركيا مجموعات ضغط مختلفة في الأسابيع الماضية لإقناع المشرعين بعدم التصويت على مشروع القرار.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.