منحة للمواهب الفنية الشابة أمام السعوديين في الكلية الملكية للموسيقى بلندن

تطلقها «مجتمع جميل» ومؤسسة «أندريا بوتشيلي»

فادي جميل رئيس «مجتمع جميل» الدولية وأندريا بوتشيلي أحد أشهر مغني الأوبرا العالميين
فادي جميل رئيس «مجتمع جميل» الدولية وأندريا بوتشيلي أحد أشهر مغني الأوبرا العالميين
TT

منحة للمواهب الفنية الشابة أمام السعوديين في الكلية الملكية للموسيقى بلندن

فادي جميل رئيس «مجتمع جميل» الدولية وأندريا بوتشيلي أحد أشهر مغني الأوبرا العالميين
فادي جميل رئيس «مجتمع جميل» الدولية وأندريا بوتشيلي أحد أشهر مغني الأوبرا العالميين

بات بإمكان الفنانين السعوديين الرّاغبين في الالتحاق بالكلية الملكية للموسيقى في لندن (RCM)، إحدى أعظم مدارس الموسيقى في العالم، التسجيل بالمنحة الدراسية الجديدة التي أطلقتها مؤسستا «مجتمع جميل» و«أندريا بوتشيلي» (ABF).
منحة مؤسستي «أندريا بوتشيلي» و«مجتمع جميل» الدراسية مفتوحة أمام طلاب الموسيقى في السعودية ومن جميع أنحاء العالم، وستدعم المنحة الطلاب المتفرغين للدراسة بالكلية، الذين سيحصلون على هذه المنحة تكريماً لما يظهرونه من موهبة خلال فترة اختبار الأداء ولمن هم أكثر حاجة للدعم المادي.
يعد أندريا بوتشيلي أحد أشهر المغنين العالميين والأكثر مبيعاً، وقد اشتهر بعروضه الغنائية على أكبر دور الأوبرا في العالم. في 2011، أسس أندريا بوتشيلي مؤسسة «أندريا بوتشيلي»، وذلك بهدف تمكين الشعوب والمجتمعات ومساعدتهم في التغلب على المصاعب حتى يتمكنوا من تحقيق أهدافهم بالكامل.
وتتشارك مؤسسة «مجتمع جميل»، المؤسسة الخيرية العالمية في كثير من قيمها الرئيسية مع مؤسسة «أندريا بوتشيلي»؛ مثل التركيز على الإبداع، وتحقيق الريادة في الأعمال والابتكار والشباب. وسبق للنجم بوتشيلي أن أوضح في شهر يناير (كانون الثاني) 2019، من على منصة مهرجان شتاء طنطورة في مدينة العلا بالسعودية، كيف أنّ المهندس محمد جميل قد ألهمه على الانخراط في العمل الخيري وتأسيس مؤسسة «أندريا بوتشيلي».
وتلتزم «مجتمع جميل» بتعزيز التعليم ودعم الفنون في السعودية. فقد أنشأت مؤسسة «فن جميل»، التي أسستها في عام 2003 بهدف دعم الفنانين والأعمال الإبداعية، وكذلك «بيت جميل» للفنون التراثية في جدة، الذي ينظم برنامجاً سنوياً وورش عمل تتمحور حول الفنون التراثية في جدة، بالإضافة إلى برنامج «حي التعليم»، الذي يقدم دورة تعليمية مُكثفة مُقدمة للفنانين المعاصرين المُقيمين داخل السعودية. في 1994، أسست «مجتمع جميل» منحة «جميل - تويوتا» الدراسية للطلاب من السعودية وعدد من البلدان الأخرى للدراسة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وقد انضمت من جهتها جامعة الملك عبد العزيز إلى كونسورتيوم التعليم العالي في معمل «عبد اللطيف جميل» العالمي للتعليم في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وهو مركز أبحاث تأسس في عام 2017 بجهد مشترك بين «مجتمع جميل» ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، يسعى إلى البحث واستكشاف الابتكارات في التعليم بالتعاون مع شبكة من المؤسسات الشريكة.
وقد قدم المهندس محمد عبد اللطيف جميل شكره وتقديره لمؤسسة «أندريا بوتشيلي» على تنظيم هذه المنحة، كما قدم شكره للكلية الملكية للموسيقى، في حين صرح فادي جميل، رئيس «مجتمع جميل» الدولية، بمناسبة الإعلان عن المنحة في لندن: «في إطار تحقيق هدفنا في الابتكار من أجل مستقبل أفضل، وجدنا أن الكلية الملكية للموسيقى مؤسسة عالمية تتبنى منهجاً إبداعياً من أجل تقديم التعليم الموسيقي للجميع.
وبالتعاون مع مؤسسة أندريا بوتشيلي، ومدفوعين بإلهام من السيد بوتشيلي نفسه، فإننا ملتزمون بتعزيز الوصول إلى أفضل تدريب موسيقي للمطربين الواعدين والطموحين من جميع أنحاء العالم».
ووفقاً لتصنيف الجامعات العالمي (QS)، فإن الكلية الملكية للموسيقى تعد واحدة من أفضل معاهد الموسيقى في الفنون الأدائية في المملكة المتحدة.
، وتمثل حملة «موسيقى أكثر» فرصة فريدة لا تتاح إلّا مرة واحدة في العمر لإحداث طفرة في الكلية ومضاعفة حجم حرمها الجامعي في جنوب كينغستون. وجنباً إلى جنب مع بناء منشآت جديدة ذات طرازات فريدة، تنفق الكلية الملكية للموسيقى من أجل توسعة نطاق برنامج منحها الدراسية وضمان عدم حرمان أي من المواهب الموسيقية من فرصة الوصول إلى الكلية بسبب افتقارها إلى التمويل. وفي العام الجامعي 2018 - 2019، أنفقت الكلية 3 ملايين جنيه إسترليني في هيئة منح شملت نصف طلابها، وتهدف إلى تقديم الدعم المالي لنحو 75 في المائة من الطلاب بحلول عام 2020.
من جانبه، علق الأستاذ الدكتور كولين لاوسن على المنحة قائلاً: «نحن في غاية الامتنان لمؤسستي أندريا بوتشيلي ومجتمع جميل لدعمهما السخي لحملة (موسيقى أكثر) التي تنطلق تحت مظلة الكلية الملكية للموسيقى، إذ ستتيح هذه المنحة الجديدة للفنانين الشباب فرصة رائعة كل عام للدراسة في الكلية من دون أي أعباء مالية، علماً بأنّ أحد الأهداف الرئيسية لحملة (موسيقى أكثر) يتمثل في جعل التعليم الموسيقي متاحاً للجميع، وأؤكد أن هذه المنحة الخيرية بهذا الشكل مهمة جداً لتحقيق هذه الرؤية».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».