أرقام رسمية صادمة عن العنف ضد المرأة في مصر

«الإحصاء»: أكثر من ربع النساء تزوجن قبل بلوغهن 18 سنة

7 % من النساء المصريات تعرضن للتحرش في المواصلات العامة
7 % من النساء المصريات تعرضن للتحرش في المواصلات العامة
TT

أرقام رسمية صادمة عن العنف ضد المرأة في مصر

7 % من النساء المصريات تعرضن للتحرش في المواصلات العامة
7 % من النساء المصريات تعرضن للتحرش في المواصلات العامة

أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، أمس، أرقاماً صادمة عن حالة العنف ضد المرأة في مصر، عبر بيان صحافي نشره على موقعه الرسمي بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي أحياه العالم أمس، أي في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، للمطالبة بوقف العنف ضد المرأة، ووضع تشريعات تجرمه وتعاقب عليه، ويشمل العنف ضد المرأة «العنف الجسدي من قبل الزوج، والعنف النفسي والجنسي، بالإضافة إلى زواج القاصرات، والتحرش الجنسي، وختان الإناث».
وأفاد تقرير جهاز الإحصاء الرسمي، وفقاً لـ«نتائج مسح التكلفة الاقتصادية للعنف الاجتماعي ضد المرأة في الفئة العمرية (18-64) بمصر 2015»، بأن 34 في المائة من النساء اللاتي سبق لهن الزواج تعرضن لعنف بدني أو جنسي من قبل الأزواج، بجانب تعرض نحو 90 في المائة من السيدات للختان، وزواج أكثر من ربع النساء المصريات (27.4 في المائة) قبل بلوغهن 18 سنة.
وذكر جهاز الإحصاء أيضاً أن نحو 7 في المائة من النساء المصريات تعرضن للتحرش في المواصلات العامة، بجانب تعرض نحو 10 في المائة منهن للتحرش في الشارع، وذلك خلال الـ12 شهراً السابقة للمسح.
وترى نهاد أبو القمصان، رئيس مجلس إدارة المركز المصري لحقوق المرأة، أن «أرقام التقرير ليست جديدة بسبب ارتفاع معدلات العنف الأسري في مصر، وضعف وسائل الحماية».
وتقول أبو القمصان لـ«الشرق الأوسط»: «رغم جهود الدولة المبذولة من أجل تقليل حالات العنف الأسري، فإنها تقتصر حتى الآن على حملات التوعية، والاستشهاد بالقيم والأخلاق، وكل هذه الأمور لم تؤتِ ثمارها بسبب غياب الرادع، وهو في رأيي عبارة عن تشريعات قانونية جديدة تطبق على الزوج الذي يمارس العنف ضد زوجته». ولفتت إلى أن المجلس القومي للمرأة، وعدداً من المنظمات الحقوقية، تقدموا بمقترح للحكومة لسن قانون خاص بالعنف الأسري، لكن المقترح لم يطرح للمناقشة العامة أو الخاصة حتى الآن.
وبجانب إشارة تقرير المركزي للتعبئة والإحصاء إلى النسب المرتفعة للعنف الأسري في مصر، فإنه يسلط الضوء كذلك على تراجع نسبة التحرش الجنسي في مصر خلال الآونة الأخيرة، بعد حملات توعية مكثفة ضد الظاهرة التي كانت تعاني منها البلاد بشكل لافت في بداية الألفية الجديدة، وفق أبو القمصان التي أكدت أن الحملات الإعلامية المنظمة نجحت في تقليل نسب التحرش ونسب الختان، فبعدما كان يراهن بعض الذكور على صمت السيدات في أثناء التحرش بهن، فإن الأمور قد تغيرت حالياً، وتستطيع الفتيات الآن أن تتحدث وتحرر ضدهم محاضر في الشرطة، وقد ساهم هذا الرادع القوي، بجانب وعي الفتيات، في تراجع هذه الظاهرة.
ورغم إشارة التقرير إلى تعرض نحو 90 في المائة من سيدات مصر إلى الختان، فإن أبو القمصان تؤكد أن مصر حققت انتصاراً كبيراً في هذا الأمر المتأصل في المجتمع المصري منذ آلاف السنين، بعد حملات التوعية والعقوبات القانونية الرادعة ضد المخالفين.
وينص دستور مصر في عام 2014 على قضية التمييز ضد المرأة من خلال المواد (11| 53| 214)، حيث نصت المادة 11 على أن «تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقاً لأحكام الدستور».
وتبذل مصر جهوداً متنوعة في محاربة العنف ضد المرأة، عبر المبادرات التي أطلقها المجلس القومي للمرأة، والتي من بينها إنشاء «مكتب شكاوى المرأة»، وحملة «مش قبل 18» لمناهضة زواج القاصرات، وحملة القضاء على ختان الإناث بحلول 2030.
ولمواجهة العنف الأسري، خصصت وزارة التضامن الاجتماعي من جانبها بيوتاً آمنة للنساء لإيواء ضحايا العنف من خلال مراكز لاستضافة وتوجيه المرأة أو الفتاة التي تتعرض للعنف وليس لها مأوى، للمشورة أو للإقامة لفترة معينة، ومساعدتها على تخطى الصعاب من خلال 9 مراكز منتشرة على مستوى أنحاء الجمهورية، لكن أبو القمصان ترى أن هذا العدد قليل جداً، مقارنة بعدد سكان مصر الكبير، بجانب ارتفاع معدلات العنف والتفكك الأسري بالبلاد.
وتؤكد أن رؤية وثقافة كثير من السيدات في مصر تغيرت في الآونة الأخيرة، فبعدما كانت تتحمل الزوجة العنف من زوجها من أجل تربية أبنائها، فإنها الآن تترك الأبناء لزوجها أو طليقها، ليتحمل مسؤولياتهم وينفق عليهم، خصوصاً بعد مشاهدة آلاف السيدات اللاتي تعانين في محاكم الأسرة لشهور طويلة للحصول على نفقة الأبناء التي تقدر في النهاية بجنيهات معدودة، وهذا تغير كبير قد سيساهم في زيادة نسبة تشرد الأطفال، والحل الأمثل لهذه القضية هو وجود رادع قانوني قوي سريع ضد المخالفين.
وفي شهر مارس (آذار) الماضي، قدر جهاز الإحصاء عدد السيدات المصريات بـنحو 47.5 مليون نسمة داخل الجمهورية حتى الأول من يناير (كانون الثاني) 2019، وأشار إلى تراجع عدد عقود الزواج على مستوى الجمهورية ليبلغ 887 ألفاً و315 عقداً عام 2018، مقابل 912 ألفاً و606 عقود خلال عام 2017، بينما ارتفع عدد إشهادات الطلاق ليبلغ 211 ألفاً و521 إشهادة عام 2018، مقابل 198 ألفاً و269 إشهادة عام 2017.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».