انتخاب عسكري سابق محافظاً لنينوى يفجر جدلاً سياسياً وقانونياً

محافظ أسبق اعتبره «محاولة لنقل الفوضى إلى الموصل»

TT

انتخاب عسكري سابق محافظاً لنينوى يفجر جدلاً سياسياً وقانونياً

أثار قرار لمجلس محافظة نينوى (400 كيلومتر شمال بغداد) انتخاب الفريق المتقاعد نجم الجبوري محافظاً لنينوى، جدلاً سياسياً وقانونياً. وبينما عد محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي أن «المشكلة هي ليست في المحافظ المقال أو المنتخب، بقدر ما هي محاولات من جهات معينة لخلق فوضى وفراغ في محافظة نينوى»، اعتبر الخبير القانوني أحمد العبادي قرار «الإقالة والانتخاب باطلاً من الناحيتين الدستورية والقانونية»، بينما دافع عضو البرلمان عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي عن الانتخاب، وقال إنه «ينسجم مع قانون مجالس المحافظات الذي لا يزال ساري المفعول حتى الشهر الثالث من العام المقبل».
وكان مجلس محافظة نينوى قد انتخب أمس قائد عمليات نينوى السابق الفريق المتقاعد نجم الجبوري محافظاً لنينوى، خلفاً للمحافظ المقال منصور المرعيد. وحصل الجبوري على 23 صوتاً من أصل 24، وهو ما يعني الأغلبية المطلقة. واعتبر الجبوري انتخابه بمثابة انتصار لإرادة أهالي الموصل، وذلك في أول تصريح له بعد انتخابه؛ لكن المحافظ المقال أعلن من جهته عدم اعترافه بجميع قرارات مجلس المحافظة، بما في ذلك جلسة انتخاب الجبوري «كونها تفتقر إلى السند القانوني، وما زلت أمارس مهامي كمحافظ». وقال المرعيد في بيان إنه «لن يتخلى عن مهام عمله إلا بمرسوم جمهوري، مثلما كُلف بذلك من خلال مرسوم جمهوري سابق».
بدوره، يقول الخبير القانوني أحمد العبادي لـ«الشرق الأوسط»، إن «مجالس المحافظات وطبقاً للمادة 7 من القانون الخاص بها رقم 21 لسنة 2008، لا يسري مفعول أي قرار لها بانتخاب محافظ جديد ما لم تستكمل كل الإجراءات القانونية، بما في ذلك الطعن أمام محكمة القضاء الإداري والذي يستمر لمدة 30 يوماً». وأضاف العبادي أنه «في ضوء ذلك يستمر المحافظ المقال أو المستقيل يمارس مهام عمله، حتى يصدر القرار من القضاء الإداري، ويصدر مرسوم جمهوري بإقالته وتعيين محافظ جديد»، مبيناً أنه «طبقاً لكل هذه الإجراءات، فإن قرار انتخاب محافظ جديد لنينوى يعد باطلاً من الناحية الدستورية؛ لأن مجالس المحافظات انتهت مدة عملها، وهي الآن تقوم بمهمة تصريف الأعمال فقط».
من جهته، يرى عضو البرلمان محمد الكربولي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «قرار انتخاب محافظ جديد لنينوى شرعي؛ لأن قانون مجالس المحافظات لا يزال ساري المفعول من الناحية القانونية والدستورية، حتى الأول من الشهر الثالث من العام المقبل»، مبيناً أن «كل ما يعلن بخلاف ذلك غير صحيح، بصرف النظر عما تم اتخاذه من إجراءات من قبل البرلمان، وبالتالي فإن هناك تفسيرات متباينة بين إكمال المدة القانونية بكامل الصلاحيات وبين تصريف الأعمال».
ورداً على سؤال حول ما إذا كان تحالف القوى العراقية يؤيد انتخاب الفريق المتقاعد نجم الجبوري محافظاً لنينوى، يقول الكربولي: «إننا ندعم انتخاب الفريق نجم، ونتمنى له التوفيق في إدارة المحافظة التي تحتاج الكثير لكي تعود إلى وضعها الطبيعي».
وفي سياق متصل، يقول محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي لـ«الشرق الأوسط»، إن «المشكلة حسب رأيي هي ليست بالمحافظ المنتخب أو المقال، بقدر ما هي قضية أخرى تتعلق بجهات (لم يسمها) تتعمد خلق فراغ في نينوى بهدف إثارة الفوضى». وأضاف النجيفي أن «هذه الجهات تتعمد إحداث صراع داخل نينوى، من أجل صرف الأنظار عما يدور في مناطق أخرى من العراق». وأوضح النجيفي أنه «تكرار للسيناريوهات السابقة، إذ كلما يقعون في أزمة يفتعلون أزمة جديدة في المناطق الهشة، لكي يهربوا من أزمتهم الحقيقية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.