«الزحمة» تدفع المصريين للهروب إلى السماء و«ركوب الهوا»

يتنقلون خلال ساعات والحكومة تحلها بـ«التاكسي الطائر»

إذا ما تم تطبيق الإسعاف الطائر فسوف تقل نسبة الوفيات نتيجة تأخر سيارات الإسعاف ومعاناتها مع مرور شوارع القاهرة والإسكندرية.
إذا ما تم تطبيق الإسعاف الطائر فسوف تقل نسبة الوفيات نتيجة تأخر سيارات الإسعاف ومعاناتها مع مرور شوارع القاهرة والإسكندرية.
TT

«الزحمة» تدفع المصريين للهروب إلى السماء و«ركوب الهوا»

إذا ما تم تطبيق الإسعاف الطائر فسوف تقل نسبة الوفيات نتيجة تأخر سيارات الإسعاف ومعاناتها مع مرور شوارع القاهرة والإسكندرية.
إذا ما تم تطبيق الإسعاف الطائر فسوف تقل نسبة الوفيات نتيجة تأخر سيارات الإسعاف ومعاناتها مع مرور شوارع القاهرة والإسكندرية.

«زحمة يا دنيا زحمة» أغنية شهيرة للمطرب الشعبي الكبير أحمد عدوية تغنى بها في سبعينات القرن الماضي لكنها لا تزال تعبر عن حال الشعب المصري خصوصا في القاهرة والإسكندرية، حيث أصبح التنقل بالسيارة من مكان لآخر قد لا يحتاج سوى دقائق، إلا أنه بات يستغرق ساعات، وسط تململ وصراخ الأطفال وآلام ومعاناة الكبار والتلوث الذي أصبح يهدد رئات المصريين.
لكن قد تكون أغنية «حبة فوق.. وحبة تحت» هي الأغنية الأخرى لعدوية التي تعبر عن حال المصريين، فور إعلان قائد القوات الجوية الفريق يونس المصري، اليوم عن البدء فعليا في التجهيز الفني لمشروع التاكسي الطائر، بالتعاون والتنسيق مع وزارة الطيران المدني، مشيرا إلى أنه سيتم تنفيذ المشروع في محافظات الدلتا أولا.
وقد أخذت الحكومة هذه الخطوة، بمناسبة الاحتفال بعيد القوات الجوية رقم 41، والذي يوافق 14 أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، وأعلن الفريق «أن الطائرات التي ستستخدم في المشروع ستكون (هليكوبتر)، إلى جانب طائرات النقل الخفيفة المجهزة للاستخدامات المدنية قريبا، مؤكدا أن المشروع سيوفر الكثير من الوقت والجهد، ولن يؤثر على المهام الرئيسية للقوات الجوية».
وقد رأى الطيار المدني تامر محمد (33 عاما) أن هذا القرار سوف يساعد كثيرا رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين والضيوف الأجانب على التحرك بكل يسر وسهولة، وإذا ما تم تطبيق الإسعاف الطائر فسوف تقل نسبة الوفيات نتيجة تأخر سيارات الإسعاف ومعاناتها مع مرور شوارع القاهرة والإسكندرية.
وعلق الطيار الذي لم يمارس المهنة منذ تخرجه من 5 سنوات وحتى الآن مرحبا بالقرار «سوف يساعد وجود التاكسي الطائر على توظيف أكثر من ألف طيار مدني يعانون من البطالة» ووفقا لائتلاف الطيارين المدنين المصريين الذي كان ينظم وقفات احتجاجية كثيرة في الثلاث سنوات الماضية، أن أكثر من 1000 طيار مدني هو أكبر عدد بطالة طيارين تمر به البلاد في تاريخ صناعة الطيران بها.
ويأتي إعلان القوات الجوية عن «التاكسي الطائر» بعد أن استغرق أول فوج سياحي يضم سائحين أميركيين وإنجليز في زيارته أول من أمس لأهرامات الجيزة أكثر من 6 ساعات للوصول إليها، وكان هذا الفوج الأول من السياح من الجنسيتين يأتي لمصر بعد أحداث ثورة 25 يناير (كانون الثاني).
ويرى كثير من المصريين أن هذا المشروع من شأنه أن يروج للسياحة ويرفع من عوائدها خاصة وأن وزير السياحة المصري هشام زعزوع، كان قد صرح أخيرا بأن الفترة الماضية شهدت تراجعاً لعوائد السياحة المصرية بسبب التوترات الأمنية بالبلاد، وأن القطاع السياحي بدأ في التحسن محققاً نحو 40 مليون دولار.
ويرى رجل الأعمال عمرو حمدي، صاحب أحد شركات الملابس القطنية بالقاهرة والإسكندرية أن هذا الخبر يعني حل كثير من المشكلات الناجمة عن عدم تنسيق مواعيد الاجتماعات مع الشركات العالمية، ويبشر بالخير لأنه في حال استقدام أحد الخبراء الأجانب أو أحد المستثمرين الذين يحرصون على الوقت بشدة، سوف يمكننا وجود التاكسي الطائر من إنجاز الصفقات والمهام خلال وقت قليل وأقل بكثير من الوقت الذي يستغرق في المشاوير من وإلى المطار، وكذلك من شأنه تسهيل الانتقال بين القاهرة والإسكندرية لمتابعة المصانع وعقد الاجتماعات في المحافظتين في نفس اليوم.
ويضيف: «وأعتقد أن هذا هو الوقت المثالي لتطبيق تنفيذ المشروع خاصة وأن هناك الكثير من الاستثمارات في منطقة قناة السويس الجديدة والتي سوف تجذب المستثمرين ورجال الأعمال ووجود (التاكسي الطائر) قد يساعد على تنشيط الاستثمارات ودعهما في الفترة المقبلة».
وقد استقبل عدد كبير من المصريين الخبر بسعادة وشعور بالأمل في تحسن أحوال البلاد ووجود مشروعات قد تخفف من حدة الزحام، وتقول السيدة نوال عبد العزيز، موظفة في شركة بمنطقة نائية بالقاهرة، معلقة على الخبر بسعادة: «إذا كانت أسعار هذا التاكسي معقولة سوف تفيدني كثيرا في حال تأخري في العمل ورغبتي في اللحاق بأولادي وقت خروجهم من المدارس» لكنها صمتت متسائلة: «لكن من أين يمكنني ركوب التاكسي الطائر والهبوط به؟! بالتأكيد سيكون في مكان بعيد وسوف أضطر لركوب مواصلات والعودة لزحام الطرق الخانق.. يعني ما فيش فايدة!!».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».