تركيا: زيادة خطيرة في حالات الانتحار الجماعي لأسباب اقتصادية

نحو 8 ملايين طفل تحت خط الفقر... و3.5 مليون شخص تقدموا بطلبات مساعدة اجتماعية

مئات المشردين الذين تم ايواءهم في احد استادات اسطنبول (غيتي)
مئات المشردين الذين تم ايواءهم في احد استادات اسطنبول (غيتي)
TT

تركيا: زيادة خطيرة في حالات الانتحار الجماعي لأسباب اقتصادية

مئات المشردين الذين تم ايواءهم في احد استادات اسطنبول (غيتي)
مئات المشردين الذين تم ايواءهم في احد استادات اسطنبول (غيتي)

تصاعدت حالات الانتحار الجماعي في تركيا بشكل كبير خلال الأسابيع الأخيرة في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها منذ العام الماضي، حيث شهد انهيار الليرة التركية وارتفاع التضخم والبطالة ومعدلات إفلاس الشركات، معدلات غير مسبوقة.
خلال أسبوعين فقط انتحرت 3 عائلات تركية بشكل جماعي، فيما يبدو أنها ناتجة عن الضغوط الاقتصادية الشديدة، وفقدان الأمل في تحسن الأوضاع على المدى القصير مع الارتفاع الهائل في تكاليف الحياة والزيادات الجنونية في الأسعار، وبخاصة أسعار المواد الغذائية الرسمية. وبدأت سلسلة حوادث الانتحار الجماعي مع انتحار 4 أشقاء كانوا يعيشون معاً في منزل في حي «فاتح» الواقع في قلب الشطر الأوروبي لمدينة إسطنبول، أعقبه انتحار أسرة بكاملها مكونة من الزوجين وطفليهما في أنطاليا جنوب البلاد، ثم انتحار أب وابنيه في إسطنبول.
وفي كل هذه الحالات كان القاسم المشترك بين أصحابها هو الإصابة بالاكتئاب بسبب تراكم الديون والعجز عن إيجاد عمل، والانتحار بمادة «السيانيد» السامة التي تقود إلى الموت السريع، وعثرت الشرطة وأجهزة التحقيق على بقايا هذه المادة في المنازل التي شهدت حالات انتحار العائلات الثلاث.
وقررت السلطات التركية حظر بيع مادة «السيانيد» السامة لمواجهة تزايد حالات الانتحار.
وقال مراد كوروم، وزير البيئة والتخطيط العمراني التركي: «نقوم حالياً بإجراء تعديلات تشريعية لحظر بيع المنتجات التي تحتوي على مادة السيانيد السامة في السوق وعبر الإنترنت لمواجهة حالات الانتحار التي تزايدت مؤخراً».
وتشير بيانات الإدارة العامة للمساعدات الاجتماعية التابعة لوزارة الأسرة والعمل والخدمات الاجتماعية التركية إلى ارتفاع عدد الأتراك طالبي المساعدات الاجتماعية في 2018 إلى 3 ملايين و494 ألف مواطن، بنسبة زيادة 9.2% تقريباً مقارنةً مع عام 2017، بينما ارتفع إجمالي نفقات المساعدات الاجتماعية بنحو 1.25 مليار دولار في العام ذاته، وأن الانكماش الذي يشهده الاقتصاد التركي أدى إلى زيادة المساعدات وعدد الأسر المحتاجة بنسب كبيرة.
وانكمش الاقتصاد التركي بنسبة 3% في الربعين الأخيرين من العام الماضي ليدخل مرحلة الركود للمرة الأولى منذ عقد كامل، وواصل انكماشه في الربع الأول من العام الجاري بنسبة 2.5%، ما يشير إلى استمرار التباطؤ في العام الجاري أيضاً.
وكشف تقرير لمركز المخاطر التابع لاتحاد المصارف التركية، عن مدى الديون المتراكمة على البلاد، مشيراً إلى أن الشركات والأفراد يغرقون في مستنقع عميق من الديون.
وأشار التقرير إلى أن ديون جميع قطاعات الاقتصاد التركي، تخطت حاجز الـ2.7 تريليون ليرة (نحو 475 مليار دولار)، مشيراً إلى أنه رغم ذلك ما زالت البنوك العامة تعطي قروضاً لأخطر القطاعات من حيث المديونية، كقطاعي الطاقة والإنشاءات. كما أشار التقرير إلى أن 103 آلاف شخص عجزوا في أبريل (نيسان) الماضي عن دفع ديون القروض المستحقة للمصارف، موضحاً أن هذا الرقم كان 84 ألف شخص فقط خلال الشهر ذاته من عام 2018. وأوضح أن عدد الأشخاص الذين خضعوا للملاحقة القضائية بسبب ديون القروض، أو ديون بطاقات الائتمان، بلغ في أول 4 أشهر من عام 2019 نحو 601 شخص، مسجلاً زيادة تقدّر بـ23% مقارنةً مع الفترة ذاتها من العام الماضي.
وقال أيكوت أردوغدو، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، إن عدد الملاحَقين قضائياً من المواطنين بسبب ديون القروض وديون بطاقات الائتمان، زاد في أبريل الماضي بمقدار 24% مقارنةً مع الشهر ذاته من عام 2018، ولفت إلى أنه «في ظل حكم حزب العدالة والتنمية، بات الناس يقترضون لسد احتياجاتهم الأساسية».
وأكد خبراء الاجتماع وعلم النفس أن النسبة الكبرى من حالات الانتحار جاءت بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، وهو ما تحاول الحكومة إنكاره بشتى الطرق. وأعلنت الحكومة، الأسبوع الماضي، عن تشكيل لجنة تحقيق، ومن الأسئلة المطروحة تلك المتعلقة بالسم المستعمل (السيانيد)، الذي يُمنع بيعه نظرياً إلى الأفراد، بينما يجري ترويجه على مواقع الإنترنت بسهولة، وتعهدت وزارة الداخلية بأن تأخذ الإجراءات اللازمة لمنع تلك المبيعات الممنوعة.
وتتحدث وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في تركيا بشكل مكثف عن سلسلة حوادث الانتحار الجماعي، بدءاً من مناقشة الأسباب وصولاً إلى حد الترويج لنظريات المؤامرة على تركيا من جانب أنصار حزب إردوغان. لكن الأمر اللافت هو الإجماع على أن السبب الرئيس هو سوء الأوضاع الاقتصادية في تركيا، وفشل الحكومة في مواجهة الأزمة التي تعصف بالمواطنين.
وأثار رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة كمال كيلتشدار أوغلو، القضية في البرلمان متسائلاً: «لماذا حصل هذا؟ فبالقرب من حاويات النفايات نرى نسوة يبحثن في القمامة عن الطعام. نحن بحاجة إلى دولة اجتماعية. نحن نحتاج إلى مزيد من الاستدامة».
ولفت خبراء إلى أن سلسلة حالات الانتحار لا ينبغي النظر إليها على أنها حالات فردية متفرقة، وأنه من الخطأ اعتبار الانتحار قضية فردية ونفسية بحتة، لأن الانتحار تسبقه في الغالب أسباب اجتماعية، فالمنتحرون هم أناس لا يلقون الاعتبار في المجتمع. ويشعرون بأنهم وحدهم من دون مساعدة. وإذا أُضيف إلى ذلك متاعب اقتصادية واحتياجات أولية مثل الطعام والماء والكهرباء التي لا تلقى الحل، فإن المشكلات تزداد حدة.
من جانبها، عزت القيادية البارزة في حزب الشعب الجمهوري رئيسة فرع الحزب في إسطنبول جنان قفطانجي أوغلو، حوادث الانتحار إلى الصدمة الاجتماعية بسبب الشعور بغياب المستقبل والأمن وصولاً إلى مستويات لا تطاق.
وشهدت تركيا 3 آلاف و69 حالة انتحار خلال عام 2017 من بينها 233 حالة، بسبب ضيق المعيشة والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تشهدها البلاد، حسب تقرير لنائبة حزب الشعب الجمهوري عن مدينة إسطنبول غمزة أكوش إيلغازي. وهذا الرقم جاء قبل تفاقم مشكلات تركيا الاقتصادية في 2018... وجاء أعلى معدلات الانتحار بسبب الأوضاع الاقتصادية في إسطنبول بواقع 34 حالة، و20 في إزمير، و14 في بورصة، و13 بالعاصمة أنقرة، و12 في أنطاليا، و9 في مرسين، و8 في كونيا، و7 في غازي عنتاب و7 في أضنة، إلى جانب حالات في مدن أخرى.
وتفاقمت ظاهرة الانتحار في تركيا بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً بين الشباب، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية.
وأشارت دراسات إلى أن عدد محاولات الانتحار في السنوات الخمس الأخيرة بلغ 60 ألفاً و850 حالة، لقي 16 ألفاً و28 شخصاً منهم حتفهم.
وأظهرت بيانات معهد الإحصاء التركي الرسمي، أن عدد المنتحرين في تركيا خلال الفترة الممتدة بين عامي 2014 و2017 بلغ 9 آلاف و479 شخصاً، وأن غالبية حالات الانتحار وقعت في إسطنبول.
وأوضحت البيانات أن عدد المنتحرين بلغ 7 آلاف و41 رجلاً، والنساء ألفين و438 امرأة، وأن الأزمات الاقتصادية وانخفاض القوة الشرائية لليرة وغرق المواطنين في مستنقع الديون منذ 10 سنوات في ظل حكم حزب العدالة والتنمية، أدت إلى ارتفاع معدل الجريمة ونسبة حالات الانتحار.
وقالت النائبة في البرلمان التركي سيبال أوزدمير، إن تردي الوضع الاقتصادي للمواطنين الأتراك يقف وراء حالات الانتحار المتزايدة في البلاد، وأضافت أن «شرائح عريضة من الشعب التركي باتت تفتقر إلى الحد الأدنى للحياة الكريمة».
ويشير برلمانيون إلى أن هناك محاولات للتعتيم على حالات الانتحار في البلاد، وقالت النائبة عن حزب الشعوب الديمقراطي أيهان بيلجين: «هناك صحافيون اعتُقلوا لأنهم نشروا أخباراً عن موضوع زيادة حالات الانتحار».
وسلطت المعارضة التركية الضوء على التقارير الدولية التي تكشف عدد الأطفال الذين يعيشون تحت خط الفقر في البلاد والذين يعيش معظمهم في المناطق ذات الغالبية الكردية في شرق وجنوب شرقي البلاد.
وحسب بيانات مركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية الصادر في أبريل الماضي، استناداً إلى تقارير هيئة الإحصاء التركية، فإن واحداً من بين كل ثلاثة أطفال في تركيا ينشأ في فقر، بينما يعيش 7 ملايين وألف و6 أطفال في فقر مدقع.



أميركا تفرض قيوداً على شركتين صينيتين لأسباب تتعلق بحقوق الأويغور

الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)
الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)
TT

أميركا تفرض قيوداً على شركتين صينيتين لأسباب تتعلق بحقوق الأويغور

الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)
الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)

أضافت الولايات المتحدة شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية، اليوم (الثلاثاء)، بسبب مزاعم تمكينهما ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، مع مواصلة الرئيس الأميركي جو بايدن الضغط على بكين في الأيام الأخيرة من إدارته.

ووفقاً لـ«رويترز»، ذكرت وزارة التجارة، التي تشرف على سياسة التصدير، في وثيقة، أنها أدرجت شركة «تشوجانغ يونيفيو تكنولوجيز» إلى قائمة الكيانات «لأنها تمكن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك عن طريق المراقبة باستخدام التقنية العالية التي تستهدف عامة السكان والأويغور وأفراد الأقليات العرقية والدينية الأخرى».

وأُضيفت شركة «بكين تشونجدون سكيوريتي تكنولوجيز غروب» الصينية المحدودة إلى القائمة لبيعها منتجات «تمكن مؤسسة الأمن العام الصينية من ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان».

ولم ترد شركة «يونيفيو» بعد على طلب للتعليق. ولم يتسنَّ الوصول إلى شركة «بكين تشونجدون سيكيوريتي» من أجل التعليق.

وتستخدم الولايات المتحدة منذ سنوات قليلة ماضية قائمة الكيانات لمعاقبة الشركات الصينية التي تتهمها بالمساعدة في قمع الصين للأويغور وغيرهم من الأقليات، بما في ذلك شركة المراقبة بالفيديو الصينية «هيكفيجن» في 2019.

وتجبر إضافة أي شركة إلى قائمة الكيانات الموردين الأميركيين للشركة المستهدفة على استصدار ترخيص يصعب الحصول عليه قبل الشحن إلى تلك الشركات. وأُضيفت 6 كيانات أخرى في روسيا وميانمار اليوم أيضاً.