تداعيات الأزمة المالية تطال المرضى والمودعين والسلع الغذائية

TT

تداعيات الأزمة المالية تطال المرضى والمودعين والسلع الغذائية

اتخذ طبيب ليال (مريضة كلى في الجنوب) قراراً بتخفيض جلسة من أصل أربع جلسات لغسيل الكلى تخضع لها أسبوعياً، من غير أن ينفي احتمال التخفيض جلسة إضافية، وذلك بسبب تراجع مخزون الأدوية في البلاد، الذي يترافق مع تراجع في مخزون السلع الغذائية بسبب القيود التي وضعتها المصارف على تحويل الأموال إلى الخارج، وسط تفاقم أزمة الغلاء وبروز حالات احتكار للسلع في الأسواق.
ومنذ بدء أزمة شح الدولار في السوق اللبنانية، قبل أكثر من شهرين تقريباً، بدأ المواطن اللبناني يعاني من تبعات ضآلة العملة الخضراء بين يديه، وصل حد فقدانها وتحول حتى راتبه الشهري إلى العملة الوطنية، الأمر الّذي انعكس سلباً على قدرته الشرائية حتى في التعاملات اليومية، بحكم الدولرة التي حكمت اقتصاد لبنان لمدى عقود. ففي الأسابيع الماضية، شهدت السوق اللبنانية بدء انقطاع بعض السلع التي يتمّ استيرادها من الخارج، ما تسبب بغلاء أسعار تدريجي، عانى منه المواطنون والتجار معاً، إذ تقول صفاء مقداد لـ«الشرق الأوسط»: «إن الفاتورة الشهرية لحاجاتي من السوبرماركت ارتفعت نحو 100 دولار تقريباً، رغم أنّني اشتريت نفس السلع».
هذا الغلاء في الأسعار، ورغم أنّه شكل كارثة اقتصادية على كثير من الأسر اللبنانية، فإنّ غالبيتها تمكنت من دفع قيمة مشترياتها بالعملة الوطنية. وكذلك حصل مع عدد كبير منهم لجهة دفع ثمن سعر مستلزمات البناء، إذ ارتفع سعر طن (الإسمنت) ومواد أخرى في السوق.
وبدأ المرضى يعانون بسبب النقص الحاصل في المعدات والمستلزمات الطبية. فحتى الصيدليات بدأت تتحدث عن إمكانية انقطاع الأدوية، بسبب عدم قدرتها على تأمينها من شركات الأدوية التي تستوردها.
المعاناة الصحية بدأت تنتشر في كثير من المستشفيات، ويعاني منها المرضى في مختلف أنحاء لبنان، إذ بدأت التحذيرات تعلو من قبل تجمّع مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبية، وهي تبقى الأصعب في الوقت الراهن، تقابلها صعوبات يعاني منها اللبنانيون في شتى تعاملاتهم اليومية.
تقول آية لـ«الشرق الأوسط»: «لقد تفاجأت بأنّ سائق سيارة أجرة «أوبر» طلب مني أموالا إضافية بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار، ذلك أنّ «أوبر» يعتمد الدولار، وهكذا ارتفع مجموع ما أدفعه يومياً كبدل نقل من مكان سكني وإلى عملي بمعدل 4 دولارات في اليوم»، وتضيف: «هذه الزيادة ستحتم علي دفع 80 دولاراً إضافية شهرياً، وأنا أصلاً أدفع بدل نقل مرتفعاً جداً يقدر بنحو 270 دولاراً شهرياً، لأنّني لا أملك سيارة. والراتب الشهري الّذي أتقاضاه بالكاد يكفي دفع تكاليف سكني ومواصلاتي وجزء من مصروفي الخاص».
وتشرح ريم قانصو، وهي محامية متدرجة تعمل على تخليص معاملات الشركات والأفراد، لـ«الشرق الأوسط» كيف تكون يومياً مضطرة للجوء إلى الصراف من أجل دفع بدل تخليص معاملات قانونية، وتقول: «اضطررت مثلاً، قبل يومين إلى شراء 20 دولارا من الصراف مقابل 36 ألف ليرة لبنانية، أي وفق سعر صرف يبلغ 1800 ليرة، وهو سعر مخالف لسعر الصرف الرسمي المحدد من قبل مصرف لبنان (1515)، وذلك لأنّ بعض الجهات لا تقبل أنّ ندفع بالليرة اللبنانية، وهي العملة الوطنية، مقابل تصديق المعاملات».
من جهتها تقول فرح لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أصبح راتبي بالعملة الوطنية، لا يمكنني الحصول عليه بالدولار، ولدي التزامات يجب أنّ أدفعها بالدولار، وهذه أكثر مشكلة أواجهها في الوقت الراهن».
وبدأت المحال التجارية تعاني مشكلة في دفع بدل مشترياتها من التجار المستوردين، إذ يقول أحد أصحاب المقاهي في منطقة الجميزة في العاصمة بيروت لـ«الشرق الأوسط» إنّه «في الأيام القلية المقبلة، قد لا أتمكن من شراء البن، بسبب فرض التجار دفع قيمة البن المستورد بالدولار، ونحن نقبض من زبائن المقهى بالعملة الوطنية» ويضيف: «نسعى لتأمين الدولار، ولكن البنوك وضعت حدوداً على إمكانية سحب الدولار منها، وإذا أردنا تأمين الدولار من الصرافين فإنّ هذا الأمر سيكبدنا خسارة كبيرة».
وتروي لينا لـ«الشرق الأوسط» كيف أنّها تحاول منذ مدة سحب مبلغ من الدولار من أحد المصارف إلى أنّ تمكنت قبل يومين من سحب 400 دولار فقط».
ويقول علي لـ«الشرق الأوسط»: «لدي 40 ألف دولار في البنك، كنت أدخرها لدفع أول قسط شقة، ولكن اليوم لا أعلم ما هو مصيرها، المصرف وضع قيوداً على سحب أموالنا!».



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.