راشد الماجد يحلق من الرياض في سماء الإبداع بليلة «السندباد»

قدم حزمة من أجمل أغانيه وكرم من هيئة الترفيه... والجمهور يتنافس على اقتناء أيقونته الموسيقية «العود»

15 ألف شخص رددوا مع الفنان راشد الماجد أجمل أغانية من مدرجات المسرح (الشرق الأوسط)
15 ألف شخص رددوا مع الفنان راشد الماجد أجمل أغانية من مدرجات المسرح (الشرق الأوسط)
TT

راشد الماجد يحلق من الرياض في سماء الإبداع بليلة «السندباد»

15 ألف شخص رددوا مع الفنان راشد الماجد أجمل أغانية من مدرجات المسرح (الشرق الأوسط)
15 ألف شخص رددوا مع الفنان راشد الماجد أجمل أغانية من مدرجات المسرح (الشرق الأوسط)

عاش جمهور العاصمة السعودية الرياض وزوارها حالة من الوله والعشق مع نجم الأغنية الخليجية والعربية الفنان راشد الماجد، في حفله التاريخي الكبير الذي أقيم أول من أمس (الجمعة) على مسرح فنان العرب محمد عبده في «البوليفارد»، ضمن «ليالي الأساطير» وهي إحدى أبرز فعاليات «موسم الرياض» التي أطلقتها الهيئة العامة للترفيه، لتكريم أشهر عمالقة الفن والموسيقى السعوديين.
وتألق الماجد، بحضوره البهي وأدائه الرائع، ليطرب جمهور الرياض في ليلة طربية فريدة، أبدع خلالها بتقديم أجمل أغانيه الرائعة وسط حضور جماهيري كبير وأجواء احتفالية مفعمة بالحب والحماس.
وردد الجمهور العريض والذي قدر بنحو 15 ألف شخص، بكل فرح وسعادة أجمل الأغنيات مع الفنان راشد الماجد الذي صعد إلى خشبة المسرح وسط عاصفة من التصفيق والهتاف من جمهوره ومحبيه.
واستهل الماجد حفله الساهر بأغنية (تخيل)، و(يسألوني)، و(رجاوي)، و(الحل الصعب)، وواصل تميّزه مع أجمل الأغاني (بترجعين)، (مسافر في سما النسيان). ليشعل معها الفنان المسرح طرباً وحماساً مع أغاني (مستغربة)، (والله كريم)، و(يا شوق) و(شرطان الذهب). مقدماً مجموعة متنوعة ومتميّزة من أحلى الأغاني التي تنوعت بين القديم والحديث بقيادة المايسترو وليد فايد. وتم خلال الحفل ولأول مرة في المملكة إتاحة الفرصة لمحبي الفنان راشد الماجد لاقتناء آلته الموسيقية الشخصية والمحببة إليه (العود) من خلال مزاد علني نظم في الحفل بصورة جميلة وتسابق فيه الجميع للفوز بشراء العود حيث تم بيعه بـ600 ألف ريال.
وسيقوم الماجد بالتبرع بجزءٍ من مبلغ المزاد لدعم برنامج «تطوير المواهب الغنائية والموسيقية» بالجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، لتطوير الموهوبين السعوديين في المجال الفني.
ويمثل (العود) الخاص بالفنان راشد الماجد إرثاً فنياً وذكرى جميلة ظلت ترافق الماجد طوال مسيرته الفنية الحافلة بالعطاء، باعتباره هدية قيّمة قدمها إليه الملحن المبدع الراحل صالح الشهري، في بداية رحلة نجاحه الفني بعد طرحه أغنية «أبشر من عيوني» في عام 1992. ويحتفظ الماجد بهذا (العود) كأغلى هداياه، وعزف به أجمل أغنيات مسيرته الفنية لأكثر من 27 عاماً من الذكريات الجميلة.
وبدأت ليلة «السندباد» بفيلم وثائقي استعرض مسيرة سندباد الأغنية العربية منذ الصغر وحتى صار نجماً ساطعاً في سماء الأغنية العربية. كما صاحب الليلة معرض خاص للفنان الماجد، شهد إقبالاً كبيراً وتفاعلاً متميّزاً من قبل الجمهور الذين عبروا عن إعجابهم الشديد بمحتوى المعرض، وما تضمنه من ذكريات خالدة وصور جميلة للفنان راشد تم نشرها لأول مرة في المملكة. وأتاح المعرض للجمهور فرصة التعرف أكثر على شخصية الفنان راشد منذ طفولته وحتى شهرته الكبيرة في العالم العربي، بالإضافة إلى الاطلاع على بعض مقتنياته الشخصية القيّمة، والجوائز والأوسمة الرفيعة والتكريم الذي ناله خلال مسيرته الفنية المتميّزة من ملوك وشيوخ ورؤساء الدول الخليجية وقياداتها. وجاء المعرض بطريقة إبداعية رائعة، وبأسلوب شيق ومبتكر يراعي التناسق في المراحل والتواريخ والمحتوى باستخدام أحدث التقنيات المتطورة.
وأجرى المستشار تركي آل الشيخ رئيس الهيئة العامة للترفيه أثناء الحفل مكالمة هاتفية بالفنان راشد الماجد أكد خلالها حرص الهيئة على تكريم نجوم الفن والموسيقى السعوديين تقديراً وعرفاناً لمسيرتهم الفنية العريقة، ولجهودهم المتميّزة في الارتقاء بمسيرة الفن السعودي، وأن يتم هذا التكريم وهم في ذروة عطائهم الفني المتجدد.
وقام المهندس فيصل بافرط الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للترفيه، بتقديم درع التكريم للفنان راشد الماجد، تقديراً وعرفاناً لمسيرته الفنية العريقة، ولدوره البارز في دعم الفن والموسيقى السعودية والخليجية.
وعبر الماجد في كلمة بالحفل، عن سعادته البالغة بالتطور الكبير والتحول الرائع الذي تعيشه بلاده السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، مشيراً إلى فخره واعتزازه بالإنجازات التي تحققت في بلاده والجهود الجبارة التي يقدمها المستشار تركي آل الشيخ لدعم الفن والفنانين السعوديين.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».