موسكو توظف «التجربة» الروسية في سوريا لبناء «نظام عسكري حديث»

الكرملين «مصدوم» بسبب فيديو قتل مواطن سوري من قبل روس

بعد غارة روسية على مرعيان في ريف إدلب أمس... وفي الاطار صورة لطائرة في أجواء دلب (أ.ف.ب)
بعد غارة روسية على مرعيان في ريف إدلب أمس... وفي الاطار صورة لطائرة في أجواء دلب (أ.ف.ب)
TT

موسكو توظف «التجربة» الروسية في سوريا لبناء «نظام عسكري حديث»

بعد غارة روسية على مرعيان في ريف إدلب أمس... وفي الاطار صورة لطائرة في أجواء دلب (أ.ف.ب)
بعد غارة روسية على مرعيان في ريف إدلب أمس... وفي الاطار صورة لطائرة في أجواء دلب (أ.ف.ب)

بدا أمس، أن فوائد الحرب الروسية في سوريا لم تعد تقتصر على تجربة مئات الطرازات من الأسلحة الحديثة، وإدخال تعديلات على آليات عمل المجمع الصناعي العسكري بناء على الثغرات أو العيوب التي ظهرت خلال «تجربة» السلاح الروسي في المناطق السورية المختلفة. إذ تعدت تلك الفوائد ذلك، نحو إطلاق عمليات بناء نظام عسكري حديث يستند إلى «التجربة السورية» وفقا لحديث الرئيس فلاديمير بوتين الذي ترأس أمس، اجتماعا لمجلس الأمن القومي الروسي وصف بأن له أبعاد استراتيجية نظرا لأنه ناقش وأقر «المهام الأساسية على صعيد الصناعات الدفاعية في البلاد لفترة السنوات العشر المقبلة».
وأعلن بوتين خلال الاجتماع أن «العملية العسكرية الروسية في سوريا كانت اختبارا جادا لمهنية القوات المسلحة». مشيرا إلى أن موسكو سوف تنطلق من خبراتها المكتسبة في وضع برامج التسلح. ووفقا للرئيس الروسي، فإن «العملية ضد العصابات الإرهابية في سوريا شكلت اختبارًا جادًا لمهنية قواتنا المسلحة... لقد تم الانتهاء من العمليات العسكرية، ولكن الخبرة القتالية المكتسبة أصبحت مطلوبة اليوم في البناء العسكري». وأشار إلى أن هذه «التجربة» يتم استخدامها وتحسينها خلال التدريبات السنوية وعمليات التفتيش المفاجئة.
وكان بوتين أعلن قبل أيام، أن روسيا نفذت كل مهامها الموضوعة في سوريا، وساهمت في «تحرير 90 في المائة من الأراضي السورية وتسليمها للسلطات الشرعية».
وتطرق أمس، إلى هذه المهام مجددا، مشيرا إلى أن «العسكريين الروس منعوا خلال نشاطهم في سوريا عودة المسلحين المتشددين إلى روسيا». موضحا أنه «نفذ أفراد القوات الجوية والبحرية والقوات الخاصة والشرطة العسكرية وغيرها من الهيئات والأجهزة، المهام المنوطة بهم بشكل كامل. لقد تصرفوا بشجاعة ومهنية ومنعوا التدفق الجماعي للمسلحين من تلك الأراضي إلى بلادنا».
وأكد الرئيس الروسي أن «التحدي الجديد» الذي يواجه روسيا على مدى السنوات العشر المقبلة، يتلخص في تعزيز الإمكانات العسكرية والفنية والكوادر في إطار تحديث النظام العسكري للبلاد، مشيرا إلى أنه يجب على روسيا في عام 2020 صياغة برنامج تسلح حكومي حتى عام 2033. يشمل تطوير الأسلحة الروسية ومواصفاتها، بالإفادة من الخبرات المتراكمة.
إلى ذلك، حذرت الخارجية الروسية من احتمال استئناف العمليات العسكرية في شمال سوريا، مشيرة إلى أن ذلك «يهدد بانبعاث تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة».
وقال أوليغ سيرومولوتوف نائب وزير الخارجية الروسي في حديث لوكالة «نوفوستي» إن فرار المئات من إرهابيي «داعش» من السجون نتيجة العملية التركية شمال شرقي سوريا، يثير قلقا بالغا لدى روسيا، لا سيما نظرا إلى إمكانية أن يساعد هؤلاء في استعادة التنظيم الإرهابي قدرته القتالية. وأضاف: «لقد أصبح كل هذا ممكنا بسبب تصعيد التوتر شرق الفرات وبسبب الوجود العسكري الأجنبي غير الشرعي في سوريا. كما كان تأجيج التناقضات العرقية الطائفية من أسباب زعزعة الاستقرار هناك».
واعتبر أن تحييد هذا الخطر يتطلب قبل كل شيء «منع استئناف القتال» في المنطقة والمساعدة في استعادة سيادة سوريا ووحدة أراضيها»، مضيفا أن «هذا هو هدف المذكرة الروسية التركية المبرمة في 22 أكتوبر (تشرين الأول)، والمستمر تنفيذها». ووصف سيرومولوتوف التحركات الأميركية في مناطق شرق الفرات بأنها «غير متناسقة وهدامة»، وشدد على أن «محاولات واشنطن إظهار التنظيمات الإرهابية مثل «هيئة تحرير الشام» على أنها معارضة معتدلة، غير مقبولة بالمطلق».
وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أنه «برغم ذلك، فإن الحوار بين موسكو وواشنطن حول سوريا ضروري، ومستمر». وأوضح: «نحافظ على الحوار على مختلف المستويات مع الولايات المتحدة وغيرها من الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية من أجل تحقيق الاستقرار الدائم للوضع في سوريا والقضاء نهائيا على الإرهاب».
وزاد أن «السؤال الأساسي هنا، هل الدول الغربية مستعدة لمثل هذا التعاون؟ التصرفات المدمرة التي تقوم بها لولايات المتحدة، والتي تغادر ثم تعود لحماية حقول النفط من تنظيم داعش الذي وفقا لتصريحاتهم فقد تمت هزيمته، لا تسهم في إيجاد قواسم مشتركة»، مشددا على أن «الحوار الروسي الأميركي مطلوب حول هذه المسألة برغم التواجد غير القانوني للأميركيين على الأراضي السورية».
وكان وزير الخارجية سيرغي لافروف أشار قبل أيام إلى «صعوبة الحوار مع واشنطن» وأعرب عن تشاؤم حيال إمكان توصل الطرفين إلى تفاهمات حول سوريا.
على صعيد آخر، أعرب الكرملين أمس، عن شعوره بـ«صدمة» بسبب مشاهد تضمنها شريط فيديو نشر أخيرا، يظهر فيه مسلحون يتحدثون بالروسية أثناء قيامهم بتعذيب مواطن سوري ثم قتله. وكان الناطق باسم الكرملين علق على المعطيات قبل يومين بالإشارة إلى أنها «لا علاقة لها بالعسكريين الروس في سوريا» لكنه عاد أمس، إلى توضيح موقف الكرملين بعدما تم عرض المقاطع على نطاق واسع في وسائل إعلام روسية، وقال «إن الكرملين صدم لمشاهد الفيديو الذي نشر في وسائل الإعلام، لقد تم نشر صور مروعة. واليوم تمكنا من الاطلاع عليها. هذه معطيات مروعة حقا». وردا على سؤال حول احتمال إطلاق تحقيق، قال بيسكوف: «إذا اعتبرت جهات التحقيق الروسية ذلك ضروريا، فسوف تقوم بذلك».
وكانت صحيفة «نوفايا غازيتا» المعارضة نشرت على موقعها تحقيقا موسعا حول المقاطع التي تسربت، ونشرت شريط الفيديو الذي أظهر عملية الإعدام التي ارتكبت في يونيو (حزيران) 2017.
ولفتت الصحيفة إلى أنه «أمكن التعرف على أحد المشاركين في الجريمة. وهو واحد من المرتزقة المعروفين من مجموعة فاغنر». لكن أوساطا روسية استبعدت فتح تحقيق في الحادث بسبب عدم وجود «جهة مشتكية» لدى الأجهزة المختصة.
سياسيا، أعلن وزير خارجية كازاخستان مختار تلاوبردي، أن الجولة الـ14 من مفاوضات «مسار أستانة» حول سوريا، ستعقد يومي 10 و11 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل في العاصمة الكازاخية نور سلطان.
وقال تلاوبردي بأن بلاده تلقت «طلبا رسميا من البلدان الضامنة وقف النار في سوريا (روسيا وتركيا وإيران) لاختيار هذا الموعد».
يذكر أن الاجتماع كان مقررا في نهاية شهر أكتوبر الماضي، لكن تم تأجيله إلى الشهر التالي، على خلفية اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، وعادت الأطراف إلى إرجاء الموعد إلى الشهر المقبل بعد التطورات التي أسفرت عنها العملية العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا، وسط تكهنات بعدم توصل الأطراف الثلاثة إلى توافقات حول الخطوات اللاحقة بعد الاتفاق الروسي التركي الجاري تنفيذه حاليا في مناطق الشمال السوري.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.