أوروبا تدعو إيران إلى إنهاء العنف... وترمب يندد بـ «المأساة»

عودة جزئية للإنترنت وتقارير عن زيادة الضحايا... و«الحرس» يشيد بـ«التدخل السريع»

محتجون إيرانيون في منطقة معالي آباد بمدينة شيراز السبت الماضي (شبكات التواصل)
محتجون إيرانيون في منطقة معالي آباد بمدينة شيراز السبت الماضي (شبكات التواصل)
TT

أوروبا تدعو إيران إلى إنهاء العنف... وترمب يندد بـ «المأساة»

محتجون إيرانيون في منطقة معالي آباد بمدينة شيراز السبت الماضي (شبكات التواصل)
محتجون إيرانيون في منطقة معالي آباد بمدينة شيراز السبت الماضي (شبكات التواصل)

حث الاتحاد الأوروبي إيران، أمس، على إنهاء العنف، وممارسة «أقصى درجات ضبط النفس» في التعامل مع الاحتجاجات التي تهز البلاد منذ أيام فيما ندد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بـ{المأساة والموت} ، في وقت واصلت فيه منظمات حقوق إنسان وناشطون نشر إحصائيات تشير إلى ارتفاع عدد الضحايا والمعتقلين، وبدأت خدمات الإنترنت العودة في العاصمة طهران وعدد من المحافظات، بعدما قطعتها السلطات لأكثر من 100 ساعة في أنحاء البلاد، بهدف احتواء احتجاجات عنيفة على رفع أسعار الوقود.
واندلعت الاحتجاجات يوم 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، بعدما أعلنت الحكومة رفع أسعار البنزين بنسبة 50 في المائة، للحصة المدعومة من الحكومة، و300 في المائة للبنزين الحر، وانطلقت في عدة بلدات، في أقاليم مختلفة، قبل أن تنتشر في نحو مائة مدينة وبلدة، وقال محافظ طهران إنها شملت 70 في المائة من المحافظات الإيرانية، وقال في تصريح آخر إنها شملت 22 محافظة. وسرعان ما تحول المحتجون إلى مطالب سياسية، منها تنحية كبار المسؤولين بالدولة.
وذكرت «منظمة العفو الدولية»، الثلاثاء، أن هناك تقارير أشارت إلى مقتل أكثر من 100 متظاهر، وأن حصيلة القتلى الحقيقية ربما تزيد على 200 قتيل، وهو ما يجعلها أسوأ اضطرابات في إيران في عشر سنوات على الأقل، وربما منذ الثورة في عام 1979.
وفي أول تعليق على الاحتجاجات الإيرانية، اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب النظام الإيراني بقطع الإنترنت للتستر على ما يجري من «موت ومأساة» وسط موجة من الاحتجاجات التي طالبت نحو مائة مدينة إيرانية خلال الأيام الماضية وأوقعت قتلى.
وكتب ترمب على «تويتر»: «لقد أصبحت إيران غير مستقرة إلى درجة أن النظام أغلق شبكة الإنترنت لديهم بالكامل حتى لا يتمكن الشعب الإيراني العظيم من الحديث عن العنف الهائل الذي يحدث داخل البلاد. إنهم لا يريدون أي قدر من الشفافية، معتقدين أن العالم لن يكتشف الموت والمأساة التي يسببها النظام الإيراني!».
وأعربت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي، مايا كوسيانتيتش، عن تعازيها لعائلات الضحايا، ودعت إلى الحوار لوضع حد التوترات. وقالت في بيان: «نتوقع من قوات الأمن الإيرانية ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات، كما نتوقع من المحتجين التظاهر بسلمية. أي شكل من أشكال العنف غير مقبول». وأضافت: «يجب ضمان حقوق حرية التعبير والتجمع». وأشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي يتوقع من السلطات الإيرانية إعادة الاتصالات، وإنهاء التعميم شبه الكامل على الإنترنت، والمفروض منذ نهاية الأسبوع الماضي.
وصدر بيان عن متحدث باسم الخارجية الألمانية، يقول إن ألمانيا تشعر «بالصدمة من تقارير عن مقتل أكثر من 100 شخص في المظاهرات»، وتدين «استخدام العنف غير المتوازي من قبل القوات الأمنية الإيرانية». ودعا البيان إلى الحفاظ على «حق التظاهر السلمي والسماح للشعب الإيراني بأن يظهر عدم رضاه عن الوضع السياسي والاقتصادي بشكل سلمي وحر». وأضاف: «نتوقع من السلطات الإيرانية أن ترفع الحظر عن الإنترنت، وندعو القوات الأمنية إلى ممارسة ضبط النفس».
وأعرب صندوق النقد الدولي عن أسفه على العنف وفقدان الأرواح خلال الاحتجاجات، وأكد أنه لم يناقش رفع أسعار البنزين مع إيران.
وقالت المتحدثة باسم الصندوق كاميلا أندرسن: «يواصل صندوق النقد الدولي بشكل عام تقديم المشورة للدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط ووسط آسيا لخفض دعم الوقود مع تعويض الفقراء بدعم نقدي.. وهو ما نعلم أنه النهج الذي اتخذته إيران».
وأفادت «إذاعة فردا» الأميركية نقلاً عن ناشطين عرب بأن أكثر من 58 قتلوا في محافظة الأحواز، من بينهم 28 في ميناء معشور جنوب البلاد، فيما تخطى عدد المعتقلين 450 شخصاً خلال الأيام الأخيرة.
وأوردت عن ناشطين ومراكز حقوق الإنسان، تجاوز عدد القتلى في محافظة كرمانشاه الكردية 23 شخصاً بينما بلغ عدد القتلى بمحافظتي كردستان وآذربايجان الغربية 16 شخصاً. وفي العاصمة طهران قُتِل 14 شخصاً، وفي محافظة البرز في ضاحية غرب العاصمة قتل ستة أشخاص، وفي محافظة فارس سقط 10 أشخاص، فيما قُتل ثمانية في أصفهان. وفي كرمان قتل اثنان وآخر في تبريز مركز محافظة آذربايجان الشرقية.
وقالت الإذاعة إن 138 شخصاً لقوا حتفهم في 31 مدينة إيرانية، وأشارت إلى أن عدد المعتقلين تخطى الثلاثة آلاف شخص.
في السياق نفسه، نقلت قناة «إيران إينترنشنال» الناطقة بالفارسية نقلاً عن مصادر مطلعة إن عدد القتلى حتى يوم الاثنين بلغ 118 شخصاً في أربعة مستشفيات بمدينة كرج غرب طهران. وأضافت أن «ضباط الاستخبارات نقلوا بشاحنات مخصصة للحوم من مستشفى مؤسسة الضمان الاجتماعي في طهران نحو 36 جثة من المحتجين».
وكانت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» ذكرت السبت في تقرير أن ألفاً اعتُقلوا خلال الاحتجاجات، وتناقلت وكالات إيران إحصائيات منفصلة عن مسؤولين إيرانيين، لكنها لم تنشر إحصائية شاملة، منذ السبت.
ووصفت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة التقارير عن القتلى بأنها «مجرد تكهنات ولا يُعتدّ بها» ما لم تؤكدها حكومة طهران. وقالت السلطات الإيرانية إن عدداً من الأشخاص منهم أفراد من قوات الأمن والشرطة قُتِلوا في أعمال عنف في الشوارع ألقت باللوم فيها على «أعداء أجانب». ولم تعلن السلطات حتى أمس سوى مقتل خمسة أشخاص، لكن الأمم المتحدة عبرت عن خشيتها من مقتل «عشرات» الأشخاص خلال المواجهات.
وقالت «العفو الدولية» أمس في تغريدة على حسابها الناطق بالفارسية إن «المسؤولين في الجمهورية الإسلامية على خطأ فادح، إذا كانوا يعتقدون إنه بقطع الإنترنت يمكن إخفاء المجزرة الفظيعة التي ارتكبوها عن أنظار العالم». ونقلت وكالة «فارس» عن مصادر مطلعة لم تحددها قولها: «خدمة الإنترنت تعود تدريجياً للبلاد». وذكرت نقلاً عن «المجلس الأعلى للأمن القومي»، الذي أمر بقطع الخدمة، قوله إن إعادة الخدمة أُجيزت «لبعض المناطق، ووفقا للتقارير الواردة حتى الآن، أعيدت خدمة الإنترنت على الخطوط الأرضية في أقاليم هرمزجان وكرمانشاه وأراك ومشهد وقم وتبريز وهمدان وبوشهر، وفي أجزاء من طهران». وجعل قطع خدمة الإنترنت من الصعب على المتظاهرين نشر تسجيلات على مواقع التواصل الاجتماعي لحشد المزيد من التأييد أو الحصول على تقارير يُعتد بها عن نطاق الاضطرابات.
ونقلت وكالة «إيسنا» عن النائب الإصلاحي علي مطهري أن قطع الإنترنت «لم يعد ضرورياً بالنظر إلى عودة الهدوء إلى البلاد»، ودعا السلطات إلى رفع الإجراء المطبّق منذ أكثر من أربعة أيام.على خلاف ذلك، أعلن أحمد خاتمي المتحدث باسم «مجلس خبراء القيادة» الذي يضم 88 من كبار رجال الدين المتنفذين، أن المجلس صادق، أمس، على منع نشاط شبكات التواصل الاجتماعي في إيران. واتهم خاتمي شبكات التواصل الاجتماعي بــ«تعليم التخريب والاضطرابات».
وحجبت إيران شبكتي «تويتر» و«فيسبوك» منذ احتجاجات 2009. ودخل تطبيق «تلغرام» قائمة الحجب بعد احتجاجات ديسمبر (كانون الأول) 2017. وقالت منظمة «نيتبلوكس» غير الحكومية التي تراقب حرية الوصول إلى الإنترنت في جميع أنحاء العالم، على موقع «تويتر» في الصباح، إنها لاحظت بداية عودة الاتصال بالشبكة الإلكتروني بين أجزاء من إيران والعالم.
وقالت المنظمة إن درجة الاتصال بالشبكة ارتفعت إلى 10 في المائة، مما هي عليه عادة بعد خفضها إلى 4 في المائة في الأيام الأخيرة.
من جانب آخر، اعتبر كل من محمد تقي كروبي نجل الزعيم الإصلاحي مهدي كروبي وأردشير أمير ارجمند مدير الحملة الانتخابية لزعيم «الحركة الخضراء» الإصلاحية ميرحسين موسوي سابقاً في بيان إن قمع المحتجين «نتيجة تغيير هوية النظام بالكامل» وتحوله إلى «نظام سلطوي فردي».
وقالت وكالة «رويترز» نقلاً عن بيان لـ«الحرس الثوري» إن الهدوء عاد في مختلف أرجاء إيران بعد الاحتجاجات. وعرض التلفزيون الرسمي، أمس (الخميس) لقطات لآلاف خرجوا في مسيرات مؤيدة للحكومة في عشرات المدن يحملون الأعلام ولافتات كُتِب عليها شعارات منها «الشغب ليس احتجاجاً».
وأفادت «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن «الحرس الثوري» أشاد، أمس (الخميس)، بتحرك القوات المسلحة «السريع» للتصدي لـ«مثيري الشغب»، وأفاد الحرس الثوري في بيان بأنه «وقعت حوادث، بعضها كبير وبعضها صغير، نتيجة زيادة أسعار البنزين (الجمعة 15 نوفمبر)، في أقل من مائة مدينة عبر إيران».
وجاء في البيان الذي نشره موقع «سيبا نيوز»، الصفحة الرسمية للحرس الثوري، أنه «تم وضع حد لهذه الأحداث في أقل من 24 ساعة، وفي بعض المدن في 72 ساعة». وتابع: «هذه نتيجة يقظة القوات المسلحة وقوات حفظ النظام وتحركهما السريع»، مشيراً إلى أن «توقيف قادة (الاحتجاجات) أسهم إلى حد بعيد في تهدئة الاضطرابات».
وأوضح «الحرس الثوري» أن «القادة الرئيسيين» أُوقفوا في محافظتي طهران والبرز المحاذية وفي مدينة شيراز في وسط جنوب البلاد.
ونقلت وكالة أنباء «مهر» عن الأميرال علي شمخاني أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي أن «كل مثير شغب، حيثما وُجِد في إيران، فسيتم التعرف عليه وسينال قصاصه».
ومنذ أول من أمس (الأربعاء)، لم تبث قناة التلفزيون الحكومية أي صور جديدة عن الاحتجاجات، مكتفية بنقل مشاهد مظاهرات «عفوية» دعماً للسلطات في كثير من المدن الإيرانية.
وقالت قناة «النقابة الطلابية» في إيران على شبكة «تلغرام» إن قوات الأمن دخلت محيط جامعة طهران بسيارات إسعاف، واعتقلت عدداً بين 40 و50 طالباً، الاثنين.
ووقعت المظاهرات في حين يشهد العراق المجاور احتجاجات شعبية واسعة تطالب السلطات بحل مشكلات الطبقات الفقيرة ووقف تدخل إيران في الشؤون العراقية. وتعتبر طهران أن ما يجري في العراق وما جرى في إيران مؤامرات حاكتها أيادٍ خارجية معادية.



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».