صندوق النقد ورئيس الأرجنتين يتبادلان رسائل ودية لتجاوز «الميراث الصعب»

أعلن كل من صندوق النقد الدولي والأرجنتين، أمس، عن اتصال «ودي» بين مديرة الصندوق التي تولت منصبها حديثا كريستالينا غورغيفا والرئيس الأرجنتيني المنتخب ألبرتو فرنانديز، بعد فترة شهدت هجوماً متواصلاً من الأخير على المؤسسة الدولية خلال فترة ترشحه للرئاسة.
وقال فرنانديز، إن صندوق النقد الدولي يرغب في العمل مع بلاده للسيطرة على التضخم. وأضاف، أن الأرجنتين لا تستطيع القيام بالمزيد من إجراءات التقشف «لأن الوضع معقد جداً»، حسبما ذكرت وكالة «بلومبرغ».
من جانبها، أكدت غورغيفا، أنها حريصة للغاية على معرفة المزيد من التفاصيل عن خطة فرنانديز. وقالت في بيان للصندوق «قمت اليوم باتصال بنّاء للغاية مع الرئيس المنتخب فرنانديز. وخلال المهاتفة، تحدثنا عن الاقتصاد الأرجنتيني وآراء الرئيس عن التحديات الرئيسية التي تواجهها البلاد». وتابعت: «أكدت أن صندوق النقد الدولي على استعداد للتعامل مع الحكومة، والعمل على تمهيد الطريق لتحقيق نمو مستدام والحد من الفقر. وتوافقنا على مواصلة الحوار المفتوح لصالح الشعب الأرجنتيني».
ومنتصف الشهر الحالي، قالت وكالة أنباء «بلومبرغ»، «يستعد الرئيس الأرجنتيني إلى تكليف البنك المركزي في بلاده بمحاولة تعزيز الاقتصاد الذي يعاني من أزمة طاحنة من خلال تطبيق سعر صرف منخفض».
وكان فيرنانديز الذي سيتولى مهام منصبه رسمياً في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، قد وعد الناخبين بأنه سينعش الاقتصاد من تباطؤه، وهو يهدف الآن إلى جعل البنك المركزي حجر الأساس لهذه الاستراتيجية، عبر استغلال حقيقة أن البنك غير مستقل قانوناً عن الحكومة.
ومن شأن وجود عملة منخفضة القيمة بحسب النظرية أن تسهم في سد عجز الحساب الجاري الذي يعتبره الكثير من خبراء الاقتصاد السبب الرئيسي للمسلسل المتكرر من الاضطراب المالي للأرجنتين.
وتشير التوقعات إلى أن العجز الأرجنتيني سيبلغ 1.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، بعدما وصل إلى أكثر من 6 في المائة في الربع الثالث من عام 2018.
وكان تقرير لـ«فايننشيال تايمز» البريطانية أشار في وقت سابق إلى أن فرنانديز يرث اقتصاداً في وضع سيئ للغاية، يزيده سوءاً استمرار هرب رؤوس الأموال بشكل بالغ عقب عدم اليقين المتفشي خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وفي العام الماضي، تعاقد الرئيس المنتهية ولايته ماوريسو ماكري مع المديرة السابقة لصندوق النقد كريستين لاغارد على حزمة إنقاذ تبلغ قيمتها 57 مليار دولار، هي الأكبر في تاريخ الصندوق، مع فرض عدد من السياسات التقشفية، والتي يراها كثير من المراقبين كانت بذاتها جزءاً من الأسباب التي أدت إلى الأزمة الاقتصادية في الأرجنتين سابقاً.
من جانبها، ترث غورغيفا ما يراه البعض أخطاء لمديرة الصندوق السابقة، والتي أدت إلى الإضرار بعدد من الدول التي تعامل معها الصندوق، وعلى رأسها الأرجنتين... ما يعني أن الرئيسين الجديدين؛ للأرجنتين والصندوق، عليهما مواجهة أخطاء الماضي بنسق جديد لتصحيح الأمور وينقذ سمعة الاثنين معاً.
وبعدما انتقد فرنانديز سياسات الصندوق خلال حملته الانتخابية، متهماً إياها بالتسبب في جانب كبير من أزمة بلاده الاقتصادية، عاد ووعد باحترام جميع الاتفاقيات التي عقدها سلفه ماكري، وهو الإجراء الذي أسهم إلى حد كبير في تهدئة الأسواق المحلية وعودة التوازن إلى العملة الأرجنتينية.
والآن، يرى عدد كبير من الخبراء والمراقبين أن الطرفين سيعملان على الأرجح على إعادة صياغة الاتفاق بين الجانبين لمحاولة موازنة العلاقة، والمضي قدماً للنجاح في تجاوز «أخطاء الماضي».