أغاني المظاهرات في لبنان... أسلوب للتعبير بلغة شبابية

قديمها عاد ليطفو من جديد على السّاحات

ماجدة الرومي
ماجدة الرومي
TT

أغاني المظاهرات في لبنان... أسلوب للتعبير بلغة شبابية

ماجدة الرومي
ماجدة الرومي

لائحة طويلة بأسماء أغنيات جديدة وقديمة يرّددها اللبنانيون في المظاهرات التي تعمّ المناطق اللبنانية، من شماله إلى جنوبه. فالتعبير عن آراء ومواقف وهواجس معينة تسكن الشباب اللبناني في الآونة الأخيرة، تحوّلت إلى عناوين عريضة لـ«انتفاضة لبنان» بعد أن ترجموها بواسطة أغنيات تلاقي انتشاراً كبيراً. فعدّلوا في كلماتها تارة وألفوا مجموعة جديدة منها تارة أخرى، خاصة بالمناسبة. وهكذا شكّلت عملية ترداد الأغاني الوطنية مشهدية فنية تواكب الساحات التي يتجمع فيها المحتجون، إن في صيدا وبيروت، أو في عكار وصور وطرابلس وغيرها.
ومن ساحة النور في طرابلس، كانت الانطلاقة الحقيقية لموجة التعبير الموسيقية عن مواقف الشبان المتظاهرين التي افتتحها أحد الموسيقيين الشباب فيها الـ«دي جي» مهدي كريمة. وهو ما حوّل الأنظار إليها بين ليلة وضحاها، وأعطى «انتفاضة لبنان» نكهة فنية لم يسبق أن اتّسمت بها احتجاجات شعبية ماضية.
وتحتل أغاني المطربة جوليا بطرس المساحة الأكبر من الأغاني الوطنية التي يردّدها الشارع اللبناني. حتى إنّ البعض توقف أمام التناقض الذي يتألف منه هذا المشهد في ظل الحالة الشخصية للفنانة المذكورة المتزوجة من الوزير السابق إلياس بو صعب، المحسوب على السلطة الحاكمة حالياً في لبنان. فأغانيها العديدة في هذا الإطار تدمغ الساحات على اختلافها، وبينها «يا ثوار الأرض» و«أنا بتنفس حرية» و«يا صوت الشعب» وغيرها من الأعمال الفنية الوطنية التي تلون مشوارها منذ بداياته.
ومن الأغاني الوطنية القديمة التي عادت تطفو على سطح ساحات، «لبنان ينتفض» و«موطني» لأليسا، و«لبناني» لعاصي الحلاني، و«لبنان رح يرجع» لجوزف عطية، و«صار الوقت» لراغب علامة، و«يا وطني» لمارسيل خليفة. كما لم تغب ماجدة الرومي عن هذه المشهدية بأغنيات حماسية مشهورة بها، كـ«سقط القناع» و«قوم تحدى»، التي وصفها أحد المراسلين لمحطة تلفزيونية بأنّه ينام ويصحو على أنغامها ما حولها إلى هاجس رافقه لأسابيع.
وتشكل هذه الأغاني نوعاً من التنفيس عن الشباب اللبناني، الذي يعبر من خلالها عن هواجسه وآرائه الحقيقية.
ومن هذا المنطلق تم تعديل كلمات أغانٍ معروفة مرة، فيما خصص بعضها، لا سيما تلك التي تندرج على لائحة أغاني الأطفال لتصبح بمثابة إهداءات يتوجهون بها للشخص المناسب. ومن بين هذه الأغاني «من أين لك هذا» لمحمد إسكندر و«إنساي يلا باي» لسعد المجرد ومحمد رمضان، و«فاكر لما حتقلي حاسيبك» لفضل شاكر.
وكذلك الأمر بالنسبة لـCherie je t’aime»» وbaby shark doodooo»»، فاستخدموا الأولى بعد أن ترجموها بعبارة «هيلا هو» للإعلان عن طريق مقفل أو إنجاز جديد استطاعوا تحقيقه. فيما ركنوا إلى الثانية لاستقبال أطفال حضروا إلى الساحات ليغنوها لهم من باب الترحيب بهم.
بالتوازي مع تلك الأغاني، موجة جديدة منها، شقت طريقها إلى الساحات بينها ما قدمه أصحابها على إيقاع موسيقى الراب والبوب والتكنو.
ومن بينها: «على بالي أنا» لوسام بو ملهب التي يقول فيها «أنا آخد مواقف على بالي هواجس... في راسي أنا مدام في مدينتنا أحلام تعنينا فقط على بالي أنا». أما أغنية «عطوني فرصة» لإبراهيم الأحمد التي لاقت انتشاراً واسعاً لكلامها الذي يحكي بلسان السياسيين اليوم، فيقول مطلعها «عطوني فرصة وبلا جرصة بس خلوني ضلّ، عطوني مهلة صغيرة وسهلة بجيب الكهربا واللي خرّبا. طب شوفولي حلّ الله يوفقكن ما عاد اسرقكن...».
أمّا المغني مساري، فأطلق أغنية «قلبي انكسر» إهداءً لوطنه الأم في هذه الفترة، فيما أطلق مجموعة من الفنانين نشيداً بعنوان «ريح الثورة». وتألفت جوقة النشيد من الممثلين بديع أبو شقرا وكارمن لبس وعبدو شاهين وفادي أبي سمرا وحنين وغيرهم، وجالوا بها على مختلف المناطق اللبنانية. وهي من كلمات مهدي منصور، وفكرة وتوزيع زياد الأحمدية، وقد لُحّنت على أنغام أغنية ميلادية معروفة. ويقول مطلعها «من كل البيوت المنسية من هالعتمة جينا ومن صرخة بليل البرية صوب الحلم امشينا ضوت ايدينا الحرية لنطلع من ماضينا... نحنا الأمل الجايي والحق الساكن فينا».
من ناحية ثانية، فقد آثر بعض الموسيقيين من بلدان عربية مختلفة التوجه إلى الحراك المدني في لبنان بتحية فنية معينة. فأهدته فرقة «ميامي» الكويتية أغنية خاصة مصورة بعنوان «ست الدنيا» استهلت بمقطع للراحلة صباح تغني فيه «ما لقيت ألطف من شعبك يا كويت». والأغنية من كلمات سامي العلي وألحان طلال العيدان، واستغرق تحضيرها ثلاثة أيام. وتطغى على الكليب أجواء لبنانية، وتم التركيز فيها على العلاقة الوطيدة بين الشعبين اللبناني والكويتي.
كما اعتمدت على العلم اللبناني والأرزة التي تتوسطه خلفية دائمة للعمل مع تمرير لوحات راقصة من الفولكلور اللبناني المتمثلة بالدبكة. فيما انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقتطفات من سهرات تجري في الأردن خصص فيها الساهرون بصورة تلقائية تحية لـ«لبنان ينتفض» من خلال أداء أغنية «راجع يتعمر لبنان» للراحل زكي ناصيف. أمّا الشركة المصرية «البدرية للإنتاج» فقد أطلقت أغنية «ثورة لبنان» بصوت إحدى الفنانات كلفتة تضامنية مع الحراك المدني الحاصل في لبنان.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».