معابد أسوان الصخرية تتزين بنظم إضاءة حديثة لاجتذاب السائحين

عبر مشروع يعتمد على الطاقة الشمسية

مدخل معبد وادي السبوع في جنوب أسوان (وزارة الآثار المصرية)
مدخل معبد وادي السبوع في جنوب أسوان (وزارة الآثار المصرية)
TT

معابد أسوان الصخرية تتزين بنظم إضاءة حديثة لاجتذاب السائحين

مدخل معبد وادي السبوع في جنوب أسوان (وزارة الآثار المصرية)
مدخل معبد وادي السبوع في جنوب أسوان (وزارة الآثار المصرية)

مع بداية موسم السياحة الشتوي، الذي يجتذب كثيراً من عشاق الآثار المصرية القديمة لمدن الجنوب، نفّذت وزارة الآثار المصرية عدداً من مشروعات التطوير للمناطق الأثرية بمحافظة أسوان (جنوب مصر)، كان آخرها الانتهاء من تركيب نظام إضاءة حديث يعتمد على الطاقة الشمسية في المعابد الصخرية في عمدا والسبوع، التي تقع على بعد نحو 180 كيلومتراً جنوب السد العالي.
وقال عبد المنعم سعيد، مدير عام منطقة آثار أسوان، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنّه «تم تركيب نظام إضاءة حديثة تعمل بالطاقة الشمسية في معبد عمدا، وتشغيله للمرة الأولى أمس، في إطار مشروع متكامل لتطوير المعابد الصخرية بعمدا، الذي شمل أيضاً تطوير الإضاءة بمعبد السبوع بشكل مؤقت لحين تغييره إلى نظام حديث يعتمد على الطاقة الشمسية، بهدف جذب المزيد من السياح وتسهيل زيارتهم للمنطقة».
وانتهت وزارة الآثار من تركيب 9 محطات لتوليد الطاقة الشمسية لإضاءة منطقة المعابد الصخرية، خمس محطات منها في منطقة عمدا، وتم تشغيلها بالفعل، والخمس الأخرى في منطقة السبوع، بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 5 ملايين و400 ألف جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 16.1 جنيه مصري) في إطار المرحلة الأولى من مشروع التطوير.
ووفق سعيد، فإنّ «مشروع التطوير يجري على ثلاث مراحل، شملت الأولى رفع كفاءة استراحات العاملين بهذه المناطق الأثرية وإنشاء استراحات جديدة، خصوصاً أنّ هذه المعابد بعيدة عن مناطق الكثافة السكانية، والإقامة فيها كانت صعبة جداً، في ظل وجود استراحات بحالة سيئة»، مشيراً إلى أنّ «المرحلة الأولى شملت أيضاً إنشاء أسوار حول المعابد الأثرية لحمايتها من زحف الكثبان الرملية».
أمّا المرحلة الثانية التي سيبدأ العمل بها قريباً، فتتضمن إعادة تركيب القطع الأثرية الموجودة في المنطقة بدلاً من نقلها لمناطق أخرى، بينما تشمل المرحلة الثالثة، وهي «الأصعب» وفقاً لسعيد، تمهيد الطرق البرية المؤدية إلى المعابد الصخرية، خصوصاً أنّ الحالية «سيئة جداً»، والطريق «الوحيد» للوصول إلى هذه المعابد هو عبر المراكب النيلية من بحيرة ناصر.
من جانبه قال أحمد حسن، مدير المعابد الصخرية في منطقتي السبوع وعمدا بجنوب أسوان، إنّه «من المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع التطوير أوائل العام المقبل بتكلفة تبلغ نحو 20 مليون جنيه، بتمويل من صندوق إنقاذ آثار النوبة».
وأوضح حسن أنّ «منطقتي عمدا والسبوع تضم معابد صخرية، تم إنقاذها من الغرق بمساعدة منظمة اليونيسكو في ستينات القرن الماضي، وتم إدراجها على قائمة التراث الثقافي العالمي عام 1979، وتعد من أهم معابد النوبة الأثرية، وهي معابد منحوتة في الصخر، وتنقسم إلى مجموعتين الأولى السبوع، وتضم معبد السبوع الذي بناه ستاو، حاكم النوبة، للملك رمسيس الثاني، ومعبد الدكة الذي بناه الملك النوبي أركماني، ومعبد المحرقة الذي بُني في عهد الإمبراطور الروماني أغسطس، أما المجموعة الثانية فهي مجموعة عمدا، وتضم معبد عمدا، الذي بُني في القرن الـ16 قبل الميلاد، ومعبد الدر، الذي بناه الملك رمسيس الثاني لعبادة آمون رع».
ولا تقتصر مشروعات التطوير على المعابد الصخرية، بل تمتد إلى مناطق أخرى متعددة في محافظة أسوان التي تجتذب عدداً كبيراً من السياح خصوصاً في فصل الشتاء، حيث تتميز المحافظة بمناخ معتدل في الشتاء.
وقال سعيد إنّ «الوزارة تعمل في أكثر من موقع لتطوير المناطق الأثرية في أسوان، حيث تم الانتهاء من تطوير معبد أبو سمبل، وتغيير نظام الإضاءة هناك إلى نظام يعتمد على مصابيح الليد، وتطوير دورات المياه الموجودة، وإضافة دورات مياه جديدة، وتطوير المداخل بالكامل، وزيادة الرقعة الخضراء، وإزالة الأتربة المتراكمة على المعبد، إضافة إلى توفير منظومة أمنية متكاملة». وأضاف أنّ «مشروعات التطوير شملت كذلك معبد فيلة، إذ تم تهذيب الأشجار في الجزيرة، كما جرى تغيير نظام الإضاءة في معبد كلابشة، وتغطية السقف بالأسلاك لحمايته من مخلفات الطيور، وإقامة دورات مياه في المعبد للمرة الأولى، وكذلك تطوير نظام الإضاءة في جزيرة الفنتين، إضافة إلى الانتهاء من مشروع تخفيض منسوب المياه الجوفية بمعبد كومبو، واستمرار العمل في مشروع تخفيض منسوب المياه الجوفية في منطقة المسلة».


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».