«استراتيجية» وفريق أمني بريطاني لمكافحة التطرف في المدارس والسجون

لندن تلغي أكثر من 47 ألف مادة تتعلق بالإرهاب على الإنترنت

فرح دخل الله المتحدثة باسم الحكومة البريطانية («الشرق الأوسط»)
فرح دخل الله المتحدثة باسم الحكومة البريطانية («الشرق الأوسط»)
TT

«استراتيجية» وفريق أمني بريطاني لمكافحة التطرف في المدارس والسجون

فرح دخل الله المتحدثة باسم الحكومة البريطانية («الشرق الأوسط»)
فرح دخل الله المتحدثة باسم الحكومة البريطانية («الشرق الأوسط»)

لا توجد أرقام دقيقة ونهائية بشأن أعداد المتطرفين الإسلاميين الأوروبيين في سوريا، لكن رقم أكثر من ألفين هو الرقم المتداول حاليا، بعدما تضاعف وجود هؤلاء في الأشهر الأخيرة. ولكن ما هو واضح ونهائي أن هناك قلقا أوروبيا متعاظما حيال هذه الظاهرة وخطورتها، وإزاء عودة المقاتلين الأجانب إلى العواصم الأوروبية مع اشتداد غارات التحالف. «الشرق الأوسط» اتجهت إلى فرح دخل الله، المتحدثة باسم الحكومة البريطانية، التي أكدت أن حكومة بلادها تعمل على مواجهة تنظيم داعش وهزيمته عبر استراتيجية شاملة داخليا وخارجيا، منها الضربات العسكرية التي بدأت طائرات سلاح الجو الملكي في توجيهها إلى التنظيم على الأراضي العراقية. وأضافت «هدفنا هزيمة كل أشكال التطرف وليس فقط التطرف العنيف، لذلك نحظر عمل دعاة الكراهية، ونمنع المنظمات التي تحرض على الإرهاب، كما نمنع الناس من التحريض على الكراهية في المدارس والجامعات وحتى في السجون».
وقالت فرح دخل الله، لـ«الشرق الأوسط»، ردا على سؤال بخصوص المقاتلين البريطانيين الذين يسافرون إلى سوريا للقتال هناك ضمن «جبهة النصرة» أو «داعش» أو الكتائب المسلحة الأخرى «نصيحتنا لمن يفكرون في السفر إلى سوريا هي: لا تذهبوا. هناك سبل أخرى لمساعدة الشعب السوري بفعالية أكبر، حيث يمكن توصيل المساعدات إلى هناك، حيث إنهم في أمس الحاجة إليها». وتضيف دخل الله «تقلقنا سلامة الشباب المعرضين للخطر الذين يختارون السفر بأنفسهم. فكل من يسافر إلى سوريا يعرض نفسه لخطر استهدافه من قبل جماعات إرهابية أو النظام».
وأوضحت الدبلوماسية البريطانية «نعتقد أن هناك ما يفوق 500 من الأفراد ممن لهم صلة بالمملكة المتحدة سافروا للقتال في سوريا. هناك خطر بأن توكل لبعض المواطنين البريطانيين الذين سافروا إلى سوريا أو العراق للقتال هناك مهام تنفيذ اعتداء إرهابي لدى عودتهم إلى المملكة المتحدة. ليس كل العائدين يشكلون خطرا على المملكة المتحدة. لكن نظرا لكون أفراد لهم صلة بالمملكة المتحدة موجودين في سوريا قد قاتلوا في صفوف جماعات إرهابية وتلقوا تدريبا هناك فإن المخاطر كبيرة. وسوف يتسبب بعض العائدين في إدامة التهديد الإرهابي للمملكة المتحدة من خلال جمع الأموال وتسهيل النشاط الإرهابي». وقالت دخل الله «إن التهديد الذي يشكله المقاتلون العائدون قد اتضح من الاعتداء على متحف يهودي في بروكسل في 24 مايو (أيار) الماضي، حيث تم اعتقال مواطن فرنسي عائد من سوريا في 30 مايو وضبطت بحوزته أسلحة نارية وراية (داعش)». وأضافت «في 20 مايو أدين أول مواطن بريطاني بتهمة الإعداد لأعمال إرهابية تتعلق بسوريا، حيث أدين مشادور شودري بتهمة السفر إلى سوريا بنية الانضمام لمعسكر تدريب إرهابي، فقد سافر شودري إلى سوريا عبر تركيا في 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ضمن مجموعة من خمسة أفراد من بورتسموث في المملكة المتحدة، وعاد إلى بريطانيا وحده في 25 أكتوبر». وأفادت المتحدثة الرسمية البريطانية «في 27 مايو الماضي اعترف كل من حمزة نواز ومحمد نواز بجريمة التآمر للسفر إلى معسكر تدريب إرهابي في سوريا. وقد تم اعتقال الأخوين نواز بعد العثور على ذخائر في سيارتهما في دوفر».
وحول الإجراءات التي اتخذتها الحكومة البريطانية لمواجهة مشكلة المقاتلين الأجانب تقول الدبلوماسية البريطانية «أولوياتنا في المقام الأوّل إثناء الناس عن السفر إلى مناطق الصراع، وتقوم استراتيجية المنع التي تنتهجها الحكومة البريطانية على بذل الجهود للتعرّف على الأشخاص المعرَّضين لخطر الانجراف نحو التطرّف، ومن ثمَّ مساعدتهم. لكن على المتطرفين ألا يساورهم أي شك حيال استعداد اسكوتلانديارد لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أمننا القومي، بما في ذلك الملاحقة القضائية لمن ينتهكون القانون». وتطرقت السيدة دخل الله، المتحدثة الرسمية باسم الحكومة، إلى عمل أجهزة الاستخبارات والشرطة على التعرّف على الأخطار المحتملة وعرقلتها، وأن لديها مجموعة من الصلاحيات الموضوعة تحت تصرفها لعرقلة سفر الأفراد وإدارة الخطر الذي يشكّله العائدون منهم، وتشمل هذه الأدوات إجراء مقابلات على معابر حدود المملكة المتحدة مع الأفراد الذين يُشكّ في أنهم متورطون في ارتكاب أعمالٍ إرهابية أو الإعداد لها أو التحريض عليها، وإلغاء أو سحب جوازات سفر بعض المواطنين البريطانيين المثيرين للقلق الذين يسعون للسفر إلى سوريا. وتشمل الإجراءات الجديدة أيضا، بحسب دخل الله، بالإضافة إلى التدقيق الكامل في جوازات السفر، أنه «يجري التدقيق في أسماء الأفراد المسافرين إلى المملكة المتحدة ومقارنتها بقوائم المراقبة ضمانا للسلامة العامة، فيما تستعين المملكة المتحدة أيضا بأحدث أنواع التكنولوجيا في أوروبا للتأكد من أننا نجمع معلومات حول المسافرين على متن 96 في المائة من خطوط الطيران، وهو ما يعيننا على التعرّف على الأفراد الذين يشكلون خطرا قبل سفرهم على متن هذه الرحلات». وأوضحت دخل الله «بموجب صلاحيات جديدة في قانون الهجرة، لدى وزيرة الداخلية أيضا صلاحية سحب الجنسية من مواطنين حاصلين على الجنسية البريطانية بالتجنيس إذا ما تصرّفوا بشكل ينمّ عن إلحاق أذى خطير بالمصالح الحيوية للمملكة المتحدة». وقالت «الحكومة البريطانية عازمة على دعم أولئك الذين يلتزمون بقيام حكومات شاملة غير طائفية تحترم سيادة القانون». وأوضحت «في العراق توجد حكومة جديدة يجب أن تضمن أن تكون شاملة لجميع العراقيين وتتخذ موقفا موحدا ضد (داعش)، ودعمنا سيستمر لها ما دامت تقوم بذلك، كما قدمنا معدات فتاكة وغير فتاكة لقوات البيشمركة الكردية للمساعدة في قتال هذا التنظيم».
وتحدثت دخل الله أيضا عن سلاح جديد تستخدمه السلطات يتمثل في إجراءات منع الإرهاب والتحقيق به. وقالت المتحدثة الرسمية باسم الحكومة البريطانية «تظل أولويتنا دائما هي الملاحقة القضائية، ونعتزم عبر قانون الجرائم الخطيرة تشديد القانون بصورة أكبر ليصبح السفر للخارج للتحضير للإرهاب والتدرب عليه جريمة يعاقب عليها القانون». وعن الفريق البريطاني المعني بمكافحة التطرف قالت «لقد أجرينا في عام 2011 مراجعة جذرية لاستراتيجية المنع، وبالتالي عمد رئيس الوزراء لتشكيل فريق العمل المعني بالتطرف لتحسين نهج الحكومة حيال التصدي للتطرف والجنوح نحو اعتناق الفكر المتطرف، وقد طبقنا منذ عام 2011 عددا من الإجراءات العملية لتعزيز نهجنا، في السجون والمدارس والجامعات وعلى الإنترنت. وقد بلغ عدد دعاة الكراهية الذين منعنا دخولهم أكبر مما فعلت أي حكومة بريطانية أخرى، وتلجأ الشرطة بشكل دوري لعرقلة تنظيم أي مناسبات يشارك فيها وُعّاظ متطرفون. وتنطلق الخطوات العملية لفريق العمل المعني بالتطرف من استراتيجية المنع المعَدّلة لتوفر لنا الأدوات التي نحتاجها لمواجهة التطرف ودعم المنظمات والأفراد الآخرين على فعل الشيء ذاته».
وعن الإنجازات التي حققتها الحكومة البريطانية في مجال منع التطرف والتصدي لدعاة الكراهية قالت دخل الله ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»: «أحرزنا تقدّما في عدد من المجالات. فعلى سبيل المثال حققنا تقدما كبيرا في تقييد الوصول عبر الإنترنت لمواد تتعلق بالإرهاب، والتي ترد في معظمها على مواقع إلكترونية مسجلة في الخارج.
وقد ألغينا من الإنترنت منذ ديسمبر (كانون الأول) 2013 أكثر من 28 ألف مادة يتعلق مضمونها بالإرهاب، ليصل مجموع ما ألغيناه منذ يناير (كانون الثاني) 2010 إلى أكثر من 47 ألف مادة».



دمشق: رئيسي يلتقي اليوم ممثلي الفصائل الفلسطينية

الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
TT

دمشق: رئيسي يلتقي اليوم ممثلي الفصائل الفلسطينية

الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)
الأسد مستقبلاً رئيسي (إ.ب.أ)

يجري الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي محادثات في دمشق اليوم (الخميس)، في اليوم الثاني من زيارته البارزة التي أكد خلالها دعم بلاده المتجدد لسوريا وتخللها توقيع مذكرة تفاهم لتعاون استراتيجي طويل المدى في مجالات عدّة بين البلدين.
وزيارة رئيسي إلى دمشق على رأس وفد وزاري رفيع هي الأولى لرئيس إيراني منذ أكثر من 12 عاماً، رغم الدعم الاقتصادي والسياسي والعسكري الكبير، الذي قدّمته طهران لدمشق وساعد في تغيير مجرى النزاع لصالح القوات الحكومية. وتأتي هذه الزيارة في خضمّ تقارب بين الرياض وطهران اللتين أعلنتا في مارس (آذار) استئناف علاقاتهما بعد طول قطيعة، بينما يسجَّل انفتاح عربي، سعودي خصوصاً، تجاه دمشق التي قاطعتها دول عربية عدة منذ عام 2011.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1654027328727711744
وبعدما أجرى محادثات سياسية موسّعة مع نظيره السوري بشار الأسد الأربعاء، يلتقي رئيسي في اليوم الثاني من زيارته وفداً من ممثلي الفصائل الفلسطينية، ويزور المسجد الأموي في دمشق، على أن يشارك بعد الظهر في منتدى لرجال أعمال من البلدين.
وأشاد رئيسي الأربعاء بـ«الانتصار»، الذي حقّقته سوريا بعد 12 عاماً من نزاع مدمر، «رغم التهديدات والعقوبات» المفروضة عليها، مؤكّداً أنّ العلاقة بين البلدين «ليست فقط علاقة سياسية ودبلوماسية، بل هي أيضاً علاقة عميقة واستراتيجية».
ووقّع الرئيسان، وفق الإعلام الرسمي، مذكرة تفاهم لـ«خطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد»، التي تشمل مجالات عدة بينها الزراعة والسكك الحديد والطيران المدني والنفط والمناطق الحرة. وقال رئيسي إنه «كما وقفت إيران إلى جانب سوريا حكومة وشعباً في مكافحة الإرهاب، فإنها ستقف إلى جانب أشقائها السوريين في مجال التنمية والتقدم في مرحلة إعادة الإعمار».
ومنذ سنوات النزاع الأولى أرسلت طهران إلى سوريا مستشارين عسكريين لمساندة الجيش السوري في معاركه ضدّ التنظيمات «المتطرفة» والمعارضة، التي تصنّفها دمشق «إرهابية». وساهمت طهران في دفع مجموعات موالية لها، على رأسها «حزب الله» اللبناني، للقتال في سوريا إلى جانب القوات الحكومية.
وهدأت الجبهات في سوريا نسبياً منذ 2019. وإن كانت الحرب لم تنته فعلياً. وتسيطر القوات الحكومية حالياً على غالبية المناطق التي فقدتها في بداية النزاع. وبات استقطاب أموال مرحلة إعادة الإعمار أولوية لدمشق بعدما أتت الحرب على البنى التحتية والمصانع والإنتاج.
وزار الأسد طهران مرتين بشكل معلن خلال السنوات الماضية، الأولى في فبراير (شباط) 2019 والثانية في مايو (أيار) 2022، والتقى خلالها رئيسي والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي.
وكان الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد زار دمشق في 18 سبتمبر (أيلول) 2010. قبل ستة أشهر من اندلاع النزاع، الذي أودى بأكثر من نصف مليون سوري، وتسبب في نزوح وتهجير أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.