دافنشي ومانيه وماتيس.. من باريس إلى «اللوفر أبوظبي»

المتحف استعار أعمالا لهم لعرضها في العام الافتتاحي

«بورتريه لامرأة مجهولة» التي تعرف أيضا باسم «جميلة الحداد» لليوناردو دافنشي - إيطاليا ميلان (1495 - 1499).. وهي مرسومة بألوان زيتية على الخشب (متحف اللوفر قسم اللوحات - باريس)
«بورتريه لامرأة مجهولة» التي تعرف أيضا باسم «جميلة الحداد» لليوناردو دافنشي - إيطاليا ميلان (1495 - 1499).. وهي مرسومة بألوان زيتية على الخشب (متحف اللوفر قسم اللوحات - باريس)
TT

دافنشي ومانيه وماتيس.. من باريس إلى «اللوفر أبوظبي»

«بورتريه لامرأة مجهولة» التي تعرف أيضا باسم «جميلة الحداد» لليوناردو دافنشي - إيطاليا ميلان (1495 - 1499).. وهي مرسومة بألوان زيتية على الخشب (متحف اللوفر قسم اللوحات - باريس)
«بورتريه لامرأة مجهولة» التي تعرف أيضا باسم «جميلة الحداد» لليوناردو دافنشي - إيطاليا ميلان (1495 - 1499).. وهي مرسومة بألوان زيتية على الخشب (متحف اللوفر قسم اللوحات - باريس)

300 عمل فني عالمي لكبار الفنانين العالميين، منهم ليوناردو دافنشي وهنري ماتيس وكلود مونيه، ستترك مواقعها في كبرى المتاحف الفرنسية لتحل ضيفة على متحف «اللوفر أبوظبي» في عامه الافتتاحي بموجب اتفاقية إعارة، وذلك لاستكمال مجموعة المقتنيات الدائمة والمفهوم السردي للمتحف.
الجدير بالذكر أن مجموعة متحف «اللوفر أبوظبي» مستمدة من عدد من المتاحف الفرنسية وليس فقط من متحف اللوفر بباريس. فحسب الاتفاق الذي أبرم بين حكومتي الإمارات العربية المتحدة وفرنسا عام 2007 يقوم «اللوفر أبوظبي» باستعارة بعض القطع والتعاون مع 12 مؤسسة ثقافية فرنسية، منها متحف اللوفر ومركز بومبيدو ومكتبة فرنسا الوطنية ومتحف أورسيه. وحسب بيان أصدره المتحف، تضم قائمة الأعمال المعارة واحدا من أهم أعمال الفنان ليوناردو دافنشي وهو «بورتريه لامرأة مجهولة» (نحو 1495)، وهي اللوحة التي تعرف أيضا باسم «جميلة الحداد»، من متحف اللوفر في باريس، ولوحة «عازف المزمار» (1866) للرسام الانطباعي الفرنسي إدوارد مانيه، و«محطة سان لازار» (1877) للفنان كلود مونيه، من متحف أورسيه.. ومنحوتة «الملاحة» من إمبراطورية بنين من متحف برانلي، بالإضافة إلى لوحة «طبيعة صامتة مع ماغنوليا» (1941) للفنان هنري ماتيس من مركز بومبيدو.
لوحة الفنان مونيه «محطة قطارات سان لازار» هي واحدة من سلسلة لوحات تناول فيها الفنان القطارات في فرنسا، وتختلف اللوحات في السلسلة عن بعضها بعضا في الأسلوب وإن توحد الموضوع، فبعضها يعكس تطور أسلوب مونيه في استخدام الألوان ويغلب الطابع التأثيري عليها، فمثلا اللوحة الأولى تحمل الطابع التأثيري، الضبابية، والأشخاص غير محددي الملامح وحلقات الدخان الكثيف تغطي الكثير من المعالم خلفها. ولكن في لوحة سبقتها نرى المعالم واضحة ومحددة المعالم، وهو ما يشير إلى تغير أسلوب الفنان من مرحلة زمنية لأخرى. الفنان اختار موضوع اللوحة للتعبير عن القطارات وأهميتها في الحياة المعاصرة في تلك الفترة كوسيلة يستخدمها السكان للهروب من المدينة إلى الريف أو لزيارة أماكن أخرى، نرى ذلك في أشخاص يجلسون على العشب يتناولون وجبة خفيفة أو في عائلة تطل من نوافذ عربات القطار في انتظار الوصول لمحطتهم.
ومن ضمن المراكز الثقافية الفرنسية التي شاركت في عملية إعارة الأعمال الفنية في العام الافتتاحي «متحف اللوفر»، و«متحف أورسيه»، و«مركز بومبيدو»، و«متحف كاي برانلي»، و«متحف جيميه» (المتحف الوطني للفنون الآسيوية)، و«المتحف الوطني لقصر فرساي»، و«متحف رودين»، و«مكتبة فرنسا الوطنية»، و«متحف كلوني» (المتحف الوطني للعصور الوسطى)، و«متحف سيفر» (المتحف الوطني للخزف)، و«المتحف الوطني لصناعة الخزف»، و«متحف الفنون الزخرفية»، و«المتحف الأثري الوطني في سان جيرمان»، و«قصر فونتينبلو». وبالإضافة إلى عمليات إعارة الأعمال الفنية، يتضمن دور وكالة متاحف فرنسا إعداد البرامج العلمية والثقافية لدى «اللوفر أبوظبي»، والمساهمة في وضع الأسس الإدارية والتنظيمية المتعلقة بالمتحف، فضلا عن وضع الأنظمة والقوانين العامة لزيارة المتحف. كما ستقوم الوكالة بتنظيم دورات تدريبية للكوادر الإماراتية حول آلية عمل المتاحف، بالإضافة إلى إعداد برامج تدريب مخصصة لهذه الكوادر في المتاحف الفرنسية.
وقال الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة «تمثّل هذه الأعمال، التي يعرض بعضها للمرة الأولى في أبوظبي ومنطقة الشرق الأوسط، فرصة نادرة للجمهور لمشاهدة أعمال فنية بهذه الأهمية من المتاحف الوطنية الفرنسية في حوار حضاري متناغم مع بعضها البعض ومع مقتنيات (اللوفر أبوظبي) أيضا».
من جهتها، قالت السيدة فلور بلرين، وزير الثقافة لدى الحكومة الفرنسية «تعتبر عملية الإعارة خطوة كبيرة في هذا المشروع الضخم، بالإضافة إلى كونها تكريما للثراء الاستثنائي الذي تتميز به مقتنياتنا ولخبرات المتاحف الفرنسية. إن تلك القطع الأصلية المعارة من 13 متحفا ومؤسسة فرنسية، ستوجد حوارا جديدا بين مختلف الثقافات والحضارات ضمن روح الحوار العالمي الذي تعتز فرنسا بإثرائه عبر العالم».
وستتم إعارة الأعمال الفنية وفق جدول زمني تنازلي على مدى عشرة أعوام، حيث سيتم عرضها خلال فترات تمتد من ستة أشهر إلى عامين، ومعظمها على مدى عام واحد، وذلك وفق متطلبات الصيانة والحفظ. وستعرض اللوحات الفنية ضمن نظام تناوبي يحدد وفقا لمتطلبات الحفظ، بينما ستُعرض الأعمال الفنية الأثرية لمدة أطول. ومع تزايد عدد المقتنيات الدائمة لدى «اللوفر أبوظبي»، سينخفض عدد المعروضات المُعارة من المتاحف الوطنية الفرنسية. كما سيتّبع «اللوفر أبوظبي» أعلى المعايير الدولية والمتطلبات الخاصة في ما يخص عمليات نقل وعرض وحفظ المقتنيات الفنية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».