مهرجان لندن للأفلام ينطلق بمشاركة مميزة من الشرق الأوسط

يقدم العرض الأول لفيلمي «لا مؤاخذة» و«ديكور» من مصر و«الحرب المفضضة» من سوريا

مهرجان لندن للأفلام ينطلق بمشاركة مميزة من الشرق الأوسط
TT

مهرجان لندن للأفلام ينطلق بمشاركة مميزة من الشرق الأوسط

مهرجان لندن للأفلام ينطلق بمشاركة مميزة من الشرق الأوسط

انطلقت الدورة الـ58 من مهرجان لندن للأفلام برعاية معهد الفيلم البريطاني، بالتعاون مع «أميركان إكسبريس» هذا الأسبوع، ويتميز هذا العام ببرنامج أقوى وأكثر نشاطا من المعتاد. ومن بين المشاركين بالمهرجان عدد من الممثلين والمخرجين العالميين. ويتجاوز عدد ضيوف المهرجان 540 ضيفا، بينهم أكثر من 170 مخرجا وما يزيد على 120 ممثلا يحضرون 249 فيلما روائيا طويلا تشارك بالمهرجان.
من بين الحضور الممثلة البريطانية كيرا نايتلي، التي ستشارك بوصفها واحدة من نجوم فيلم الافتتاح «إميتيشن غيم» (لعبة التقليد). ومن الحضور أيضا الممثل الأميركي شيا لابوف، الذي يشارك براد بيت بطولة فيلم «فيري» (ثورة الغضب) وهو فيلم الختام لعام 2014.
من الشرق الأوسط، تستضيف هذه الدورة مجموعة منتقاة قوية مقارنة بالسنوات الأخيرة. ويشارك بمسابقة أفلام العرض الأول الفيلم «ذيب» الذي يروي قصة صبي بدوي في خضم الثورة العربية عام 1916. ويتألف الفيلم برمته من طاقم من الممثلين غير المدربين الذين جرت الاستعانة بهم من مختلف أرجاء الأردن. وتولى البريطاني - الأردني ناجي أبو نوار كتابة هذا الفيلم وإخراجه في أول تجربة له من نوعها. وشارك في إنتاج الفيلم صندوق سند للأفلام بأبوظبي ومعهد الدوحة للأفلام وصندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية و«فيجنز سود إست» السويسري.
أيضا، يشارك بمسابقة العرض الأول فيلم «القبيلة»، وهو فيلم أوكراني يتناول العنف داخل إحدى المدارس المخصصة للصم، والفيلم جرى تنفيذه كاملا بلغة الإشارة. ويشارك من الهند فيلم «عمل الحب»، حول زوجين يعجزان عن الخروج من جدول أعمالهما المزدحم. ومن إثيوبيا فيلم «ديفريت» الذي يتناول قصة فتاة من إثيوبيا متهمة بقتل رجل اغتصبها. وتتميز هذه الأفلام بحبكات درامية مثيرة وحركة تصوير لافتة.
في مسابقة الأفلام الوثائقية، فيلم «الحرب المفضضة: صورة سورية ذاتية». وقد جرى تصوير هذا الفيلم سرا في حمص، ثم جرى عمل المونتاج له في باريس على يد مخرج منفي. ويحاول الفيلم الخروج بتفسير منطقي للعنف الدائر في سوريا وتصوير الدمار الحالي بها.
وتتناول أفلام أخرى من هذه الفئة الفنون داخل إنجلترا من خلال تصوير الرسام المعاصر «هوكني»، والمظاهرات في أوكرانيا من خلال «ميدان»، وقصة شركة جنازات غير هادفة للربح في أستراليا عبر فيلم «تندر». وتجري المسابقة بالتعاون مع «غيرسون ترست»، الذي يقدر الأفلام ذات «النزاهة والابتكار والأهمية الاجتماعية أو الثقافية».
ويشارك المخرج المصري أحمد عبد الله بأحدث أفلامه «ديكور»، ويمثل عرضه بالمهرجان العرض العالمي الأول له. ويبدو الفيلم متميزا عن باقي الأفلام المنتمية للشرق الأوسط، ويتناول قضية الإشباع الفني من خلال مصمم من الإسكندرية، ويدلف الفيلم لعالم الطب النفسي والسريالية. ومن المقرر حضور عبد الله وبطل الفيلم النجم خالد أبو النجا عرض الفيلم في لندن.
ويعاود المخرج المصري عمرو سلامة الذي كانت مشاركته الأخيرة في مهرجان لندن عبر فيلم «أسماء» الذي يتناول قصة فتاة مريضة بالإيدز، المشاركة هذا العام عبر فيلم «لا مؤاخذة» الذي يتناول قصة صبي مسيحي يخشى من الإفصاح عن هويته الدينية أمام زملائه المسلمين بالمدرسة.
يجتذب مهرجان لندن هذا العام أفلاما من شتى أرجاء العالم، ويتميز بمشاركة دولية أقوى من ذي قبل. ولا شك أن تميزه بالعرض الأول لأفلام مصرية من إخراج مخرجين مصريين واعدين، بجانب عرضه لأفلام عالمية في المسابقات، يعزز من مكانته على خارطة السينما العالمية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».