قتلى وجرحى بغارة جنوب العاصمة الليبية

استهدفت مصنعاً... والسراج يبحث إعادة فتح مطار معيتيقة

عنصر أمن يقف بالقرب من سيارة محترقة بفعل غارة على جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
عنصر أمن يقف بالقرب من سيارة محترقة بفعل غارة على جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
TT

قتلى وجرحى بغارة جنوب العاصمة الليبية

عنصر أمن يقف بالقرب من سيارة محترقة بفعل غارة على جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)
عنصر أمن يقف بالقرب من سيارة محترقة بفعل غارة على جنوب طرابلس أمس (أ.ف.ب)

قُتل 7 أشخاص وأصيب 15 آخرون، جراء غارة جوية استهدفت مصنعاً جنوب طرابلس، أمس. واتهمت حكومة الوفاق التي يترأسها فائز السراج، قوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، بالمسؤولية عنها، في كسر للهدوء الحذر الذي ساد مناطق الاشتباكات بين الطرفين على مدى اليومين الماضيين.
وجاءت هذه التطورات قبل إحاطة كان يفترض أن يقدمها رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة، مساء أمس، لمجلس الأمن الدولي، حول آخر التطورات السياسية والأمنية في ليبيا. وقالت «عملية بركان الغضب» التي تشنها قوات موالية للحكومة في بيان أمس، إن غارة جوية للجيش قصفت «سكناً للعمالة الأجنبية في وادي الربيع، ما أدى إلى وقوع عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى».
وذكر بيان لمركز الطب الميداني في حكومة الوفاق أن «مصنع السنبلة لصناعة البسكويت في منطقة وادي الربيع تعرض لقصف جوي تسبب بمقتل 7 أشخاص بينهم مواطنان بالإضافة لـ5 من العمال الأجانب»، مشيراً إلى تسبب القصف بـ«أضرار مادية جسيمة بالمصنع»، فضلا عن «إصابة 15 شخصا من العمالة الأجنبية».
وتتقاسم قوات الطرفين السيطرة على هذه المنطقة جنوب طرابلس، كما يتبادلان الاتهامات بالمسؤولية عن تنفيذ هذه الهجمات التي تسببت بمقتل مدنيين وتدمير البني التحتية.
ولم يصدر الجيش الوطني أي بيان حول تفاصيل الغارة، لكنه قال في بيان لمركزه الإعلامي مساء أول من أمس إن قواته شنت سلسلة من العمليات النوعية في محور القويعة القره بوللي، لافتاً إلى مهاجمة «العصابة المتمركزة من الميليشيات في المراصد حتى مثلث الشريدات». وأوضح أن هجوماً آخر استهدف «مثلث الزواتين حتى المربع الإداري للمشروع بالقويعة ما أدى إلى مقتل 5 من أفراد الميليشيات والقبض على ميليشياوي جريح، وعادت المجموعة المنفذة لتمركزها من دون أي خسائر».
من جانبها، أعلنت الشركة العامة للكهرباء‎ أن الاشتباكات الدائرة في جنوب طرابلس طالت خطا لنقل الطاقة، مساء أول من أمس، ما تسبب بفقد التغذية بمحطتي القره بوللي المشروع وسوق الأحد وانقطاع التيار الكهربائي عن مناطق عدة.
وأكدت الشركة أن الظروف الأمنية لا تزال تحول دون قيام فرقها بصيانة الخطوط المصابة، مشيرة إلى أن الخط رقم 1 تعرض لإصابة خلال المدة الماضية بسبب الاشتباكات الدائرة، وأن الفرق الفنية التابعة لها لم تتمكن من الدخول لإجراء أعمال الصيانة بسبب الأوضاع الأمنية.
ورغم هذه الأوضاع، ناقش فائز السراج، أمس، في اجتماع ضم بعض مسؤولي حكومته في طرابلس «اتخاذ الإجراءات والتدابير كافة لإعادة تشغيل مطار معيتيقة الدولي المغلق منذ أكثر من شهرين بشكل آمن، وتأمين المطار والعاملين فيه والمواطنين والمسافرين واستئناف الرحلات الجوية في المطار».
وقال بيان حكومي إن الاجتماع تمحور حول تفعيل قرار السراج باعتباره القائد الأعلى للجيش الليبي، بفصل الجانب العسكري تماماً عن الجانب المدني بالمطار. وتوقف مطار معيتيقة وهو المطار المدني الوحيد في طرابلس عن استقبال رحلات منذ بداية سبتمبر (أيلول) الماضي بعد تعرضه لضربات جوية.
وكان السراج اعتبر في تصريحات صحافية، أمس، أن «بوادر انتهاء الحرب تلوح فيما تحققه قواتنا من إنجازات وتقدم على الأرض». وقال إن «العدوان الذي يستهدف احتلال العاصمة والاستيلاء على السلطة مستمر منذ أكثر من 7 أشهر، وفشل في تحقيق هدفه».
من جهتها، اتهمت شركة الخطوط الجوية الليبية في بنغازي السلطات في مطار مصراتة غرب البلاد باحتجاز طائرتها الوحيدة العاملة عقب وصولها إلى المطار بهدف إجراء أعمال صيانة تعذرت في تونس.
وقالت الشركة في بيان، مساء أول من أمس، إنه «تم إصلاح العطل من قبل مهندسي الشركة بمطار مصراتة، وبعد إعداد وتجهيز الطائرة للإقلاع تم إيقاف الطائرة من قبل شخص يشغل وظيفة مساعد مدير مطار مصراتة من دون أي سبب يذكر».
وهدد حاتم العريبي الناطق باسم الحكومة المؤقتة التي يترأسها عبد الله الثني ولا تحظى بالاعتراف الدولي لكنها مسؤولة عن إدارة المنطقة الشرقية في ليبيا، باتخاذ «إجراءات تصعيدية». وتم إمهال القائمين على مطار مصراتة ساعات للسماح للطائرة بالمغادرة إلى مطار بنغازي بعد انتهاء عملية الصيانة الدورية التي تمت للطائرة في مصراتة بالتنسيق مع الإدارات الفنية بالشركة.
وقال الناطق باسم الشركة في بنغازي عز الدين المشنون إن الطائرة الوحيدة «احتجزت خلال خضوعها للصيانة»، مشيراً إلى أن «احتجاز الطائرة يسبب تعطيلاً خطيراً لجدول الرحلات، إذ تقوم الطائرة بثلاث رحلات لوجهات دولية يومياً».
وأجبرت سلطات شرق ليبيا طائرة مدنية على الهبوط للفحص الأمني بعد قليل من إقلاعها من مصراتة، إذ توقفت طائرة شركة الخطوط الجوية الليبية لمدة 90 دقيقة، ما أشعل المنافسة بين الطرفين المتحاربين من أجل السيطرة على مؤسسات ليبيا وبنيتها التحتية.
إلى ذلك، أعربت 12 دولة أوروبية عن قلقها العميق إزاء استمرار اختفاء البرلمانية الليبية عن مدينة بنغازي سهام سرقيوة منذ أربعة أشهر، ودعت إلى إجراء تحقيق عاجل للكشف عن مصيرها.
وأصدرت سفارات النمسا وبلجيكا وبلغاريا وفنلندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والبرتغال وإسبانيا والسويد والمملكة المتحدة وبعثة الاتحاد الأوروبي في ليبيا، بيانا دعت فيه السلطات الليبية المعنية إلى «إجراء تحقيقات عاجلة في اختفائها». وتوعدت بأن «انتهاكات القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان لن تمر من دون رصد، وسيحاسب مرتكبوها أمام القانون».
وكان مسلحون مجهولو الهوية اقتحموا منتصف يوليو (تموز) الماضي، منزل سرقيوة، واعتدوا عليها وعلى زوجها قبل أن يتم نقلها لمكان آخر لم تتمكن السلطات الأمنية في بنغازي من الوصول إليه، علما بأنها تعد من أشد المعارضين لعملية «الجيش الوطني» في طرابلس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».