كيف يتجه «ستار وورز» الجديد... وإلى أين؟

تحديات ومشاكل وخلافات أحاطت به

من «ستار وورز: صعود سكاووكر»
من «ستار وورز: صعود سكاووكر»
TT

كيف يتجه «ستار وورز» الجديد... وإلى أين؟

من «ستار وورز: صعود سكاووكر»
من «ستار وورز: صعود سكاووكر»

رسمياً بات «جوكر» أول فيلم يحمل حرف R (للراشدين) يتجاوز المليار دولار إيراداً في تاريخ السينما. كل الأفلام السابقة التي تجاوزت هذا السقف، مثل بعض أفلام الكوميكس أو مثل «أفاتار»، حملت حرفي PG (صالح للصغار بصحبة أوليائهم) أو PG 13 (ممنوع على من هم دون الثالثة عشرة من العمر).
يوم الخميس الماضي، كان وصل إلى مشارف البليون دولار عندما سجلت «شبابيك» التذاكر 999 مليون و100 ألف دولار. بحلول نهاية الأسبوع المنتهي يوم أول من أمس، ارتفعت إيراداته الإجمالية من السوق الدولية هذا العام إلى بليون و16 ألف و599 دولار. بذلك هو السابع في قمة أعلى الإيرادات يسبقه «علاء الدين» (المركز السادس)، «توي ستوري 4» (الخامس)، «كابتن مارفل» (4)، «سبايدر مان: بعيداً عن الوطن» (3)، «ذا ليون كينغ» (2) و«أفنجرز: إندغايم» (1).
هذا الفيلم الأول كان سجل 2 مليار و795 مليون و473 ألف دولار. لكن جوكر (الذي سيعود على شركتي وورنر الموزعة وشركة فيلايج رودشو المنتجة بـأكثر من 600 مليون دولار من الربح الصافي.
- تذكرة ذهاب
رحلة «جوكر» لم تكن سهلة. لا سهولة مطلقاً أمام أي فيلم يضع فيه الإنتاج أرقام ميزانية مذهلة ويحمله بالكثير من الطموحات والأماني ثم يطلقه في فضاء الشاشات ويده على قلبه من أن يسقط. وعلى عكس ما يعتقده عدد غالب من الناس، هوليوود لا تعيش على ريش نعام وسيولة مصرفية تبعثرها، كما ترغب، بل كله في الميزان وعليه أن يعود بالأرباح. إن لم يفعل فهناك تذكرة ذات اتجاه واحد تمنعه من العودة إلى قوائم المشاريع المنوية.
هذا يحدث مع فيلم آخر من إنتاج وورنر هو «دكتور سليب»، الذي بلغت تكلفته نحو خمسين مليون دولار (مقابل 55 مليون دولار تكلفة «جوكر») والذي انزلق في سلم الإيرادات من الأسبوع الأول جامعاً أقل بكثير مما حلمت به وورنر.
لكن صعوبة إنتاج أفلام كبيرة وطموحة لا تبدأ بالتمويل أو تنتهي به.
الصعوبة الأكبر هي وقت التخطيط لإطلاق مشروع من حيث كيفية توجه هذا المشروع وعما إذا كان سيتبع النسخ الناجحة السابقة منه أو سيغير منهجه. مثل هذا السؤال كان محط اهتمام شركة ديزني عندما خططت للفيلم المقبل من سلسلة «ستار وورز»، الذي بات جاهزاً للعرض بعد شهر من اليوم.
اثنان من منتجي «ستار وورز: صعود سكايووكر» تم صرفهما من العمل وهما ديفيد بنيوف ود. ب. وايز قبل أسابيع قليلة مما يعكس الخلاف الذي كان سائداً حول كيفية توجيه الجزء التاسع من المسلسل المشهور.
بعض الأسباب لصرف هذين المنتجين (اللذين شاركا في كتابة السيناريو أيضاً)، يعود إلى أنهما يحضران لمشروع كبير لحساب الشركة المنافسة لديزني وهي نتفلكس (أو بالأحرى واحدة من كبرى الشركات المنافسة)، بعذر أنهما سيعملان على مشاريع قد تتعارض. ولكن هناك أسباباً أخرى غير جلية وُصفت بـ«خلافات فنية»، وهو الوصف الذي عادة ما يُمنح عندما تكون الخلافات أكثر من مجرد فنية أو وجهات نظر محدودة التناقض.
وهذه الخلافات قد تكون مفتعلة من قِبل الجهة الأقوى للتخلص من عنصر أو أكثر يمثـل الرغبة في توجه جديد لا تطمئن إليه قلوب الشركة الممولة التي تتطلع لصرف نحو 250 مليون دولار كأساس، وأكثر من 100 مليون دولار على الإعلام وحملات الترويج. وقبل صرف وايز وبنيوف قامت بخلع المخرج كولِن تريفورو من منصبه قبل قليل من بدء التصوير.
المشترك بين المنتجين وبين المخرج ليس أنهم حصلوا على تذاكر مجانية للانصراف من الباب العريض للفيلم، بل في أنهم ثلاثة أسماء اقترحتها المنتجة كاثلن كندي لديزني سابقاً. وكندي هي المنتجة الممثلة لشركة لوكاس فيلم، التي أخطأ جورج لوكاس حين تخلى عنها وباعها، لأن أفلام السلسلة حين كان هو المسؤول عنها تختلف عن أفلام السلسلة بعدما وضعت ديزني يدها عليها.
وقبل طي الصفحة عن هذا الجانب من الموضوع، لا بد من التذكير بأن المنتجين المذكورين هما اللذين ابتكرا المسلسل التلفزيوني الذائع Game of the Throne ومن يتابع ذلك المسلسل يجد خطوطاً مشتركة في الحكاية بينه وبين «ستار وورز» يمكن وضعها تحت مظلة واحدة وهي الصراع الدائر بين ثوار يريدون العودة إلى الحكم والسلطة التي تريد أن تقضي عليهم.
- تكرار ورداءة
التحدي الذي تواجهه سلسلة «ستار وورز» يمتد بعيداً عن هذا الجانب، على أهميته، صوب محاولة توجيه العمل نحو آفاق جديدة غير مطروقة. المشكلة في هذا الطموح هو أن هذا الهدف يتعارض والهوية المميزة للمسلسل والحبكة الرئيسية التي تجمع أجزاءه.
حتى الآن هو كناية عن الصراع على السُلطة بين قوتين ترتفع واحدة في فيلم مقابل هبوط أخرى، ثم ترتفع تلك التي تهبط في الفيلم التالي، لتنخفض قوة الطرف الأول. هذا يمكن أن يستمر طويلاً، لكن لا يمكن له أن يلتزم بمبدأ «ضربة منك ضربة مني». لذلك تجد «ديزني» لزاماً عليها تطوير الحكاية وشخصياتها ومضامينها صوب آفاق فضائية جديدة وحكايات تقع فيما بعد هذه الحبكة.
هذا الهدف يعني أن المشاهد في المستقبل قد لا يستطيع ربط أفلام «ستار وورز» الجديدة بتلك القديمة إلا من باب الذكرى ومن نافذة العنوان المشترك.
كل هذا له علاقة بالمنحى العام الذي نشأت عليه، ومنذ عشر سنوات، أفلام السوبر هيروز والكوميكس والكوارث الفضائية: الرغبة في إبقاء الوزة حية وحصد بيضها الذهبي في كل مرة. لكن بقاء تلك الوزة حية يصطدم دوماً بالسؤال، كيف يمكن الحفاظ على المصدر الذي ثبت نجاحه والتطوير الذي سيتجنب شعور المشاهدين بالتكرار.
نجاح الثلاثية الثانية من «ستار وورز» (تلك التي بدأت بـ«ذا فانتوم مينَس» سنة 1999)، كان إيذاناً بعدم رغبته تغيير المنهج ولو أدى إلى التكرار. وبل ما هو أكثر ضرراً من التكرار وهو الرداءة لأن هذه الثلاثية لم تكن بمستوى تلك السلسلة الأولى التي ابتكرها جورج لوكاس سنة 1977. واحتوت على ثلاثة أجزاء كانت أكثر اختلافاً من كل أفلام الخيال العلمي التي أُنجزت في تلك الآونة وحتى سنوات قليلة.
مع بروز الثلاثية الثانية سنة 1999. ورغم عدم كفاءتها، انتبهت هوليوود إلى أهمية التركيز على أفلام هي في نهاية المطاف أفلام سوبر هيروز متشابهة سواء دارت أحداثها على سطح الأرض أو في الفضاء. صحيح أن «كابتن مارفل» و«كابتن أميركا» وكل حكايات سوبرمان وباتمان سبقت عصرنا، إذ تم البدء بتحويلها إلى أفلام في الأربعينات، إلا أنها انتهت إما إلى أفلام صغيرة أو إلى ذلك النوع من الفيلم المتسلسل (بحد ذاته، Serial) الذي كان يعرض في مقدمة كل حفلة على اثني عشر جزءاً تمتد لاثني عشر أسبوعاً).
- سؤال كبير
«ستار وورز: صعود سكايووكر» الذي آل للمخرج ج ج أبرامز تحقيقه، يأتي بعد مرور 42 سنة على ولادة الجزء الأول سنة 1977. والرهان على هذا المسلسل لم يخب مطلقاً، والأرجح أن الجزء الجديد سينجز مهامه على النحو المحسوب له ولو أننا لا نعلم بعد إذا ما غير اتجاهه ماضياً في سبيل جديد أو ما زال ينتمي إلى الحكاية ذاتها.
بنيوف ووايز والمخرج كولن تريفورو ليسا الوحيدين الذين تم استئجارهما لرحلة في كواكب وحروب «ستار وورز» ثم تم التخلي عنهما. سبق أن صُرف المخرجان كريس ميلر وفِل لورد قبل تصوير «ستار وورز: صولو ستوري»، قبل بدء التصوير بأسابيع قليلة سنة 2017. وعندما فكرت «ديزني» بإنجاز نسخة 2015 من هذا المسلسل، جلبت إلى المشروع جوش ترانك ثم صرفته.
في مثال «ستار وورز: صولوي ستوري» كانت رغبة المخرجين الشابين تطوير الفيلم صوب آفاق ترفيهية قريبة من تلك التي وضعها جورج لوكاس في الجزء الأول سنة 1977، لكن خطتهما عورضت بشدة واتفق مع رون هوارد لتحقيق ذلك الفيلم الذي تكلف 275 مليون دولار وحظي بإيراد ضعيف بالنسبة للتكلفة، وهو 393 مليون دولار. هوارد قرر، وقد شهد ما حدث، البقاء في الأمان وحقق فيلماً لا يخرج عن التقليد.
الفيلم الجديد ينفرد بحكاية لوك سكايووكر الذي هو أحد الشخصيات الرئيسية منذ البداية (قام وسيقوم بها في الفيلم الجديد مارك هامِل)، كما انفرد «صولو» بحكاية هان صولو، كما أداها في شبابه هاريسون فورد. والثابت أن الانشقاق عن المسلسل بإحداث حكايات جانبية يزيد من ثراء المادة، لكنه يزيد أيضاً من احتمالات التعثر كما حدث مع «صولو» نفسه.


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».