المتسلطون الحنونون في يوم الرجولة العالمي

الممثل دانييل كريغ الذي أدى بعض أدوار جيمس بوند
الممثل دانييل كريغ الذي أدى بعض أدوار جيمس بوند
TT

المتسلطون الحنونون في يوم الرجولة العالمي

الممثل دانييل كريغ الذي أدى بعض أدوار جيمس بوند
الممثل دانييل كريغ الذي أدى بعض أدوار جيمس بوند

دقت مجلة «فيلت فوخه» السويسرية هذا العام نواقيس الخطر لدى قرائها المحافظين وأفردت الموضوع الرئيسي لأحد أعدادها للرجولة المهددة، قائلة إن اتجاه تزايد مشاركة الرجال في أعمال البيت مستمر منذ سنوات كثيرة. ترى الصحيفة الأسبوعية أن الرجولة التقليدية متعثرة. فماذا يجب أن يكون رجل اليوم؟ متعاطفاً أم فحلاً ذكورياً؟ حنوناً أم قاسياً؟
هل يحتاج أولئك الذين كانوا في الماضي يعتبرون «الجنس القوي» إلى من يربت على أكتافهم ويشجعهم؟
ويحتفل اليوم الثلاثاء باليوم العالمي للرجال، الذي يحل في التاسع عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، ويفترض أن يحتفل فيه الناس بمساهمة الرجال في المجتمع، حسب وكالة الأنباء الألمانية. شهدت صورة الرجال تحولاً قوياً، وهو الأمر الذي يزعزع ثقة البعض في أنفسهم، حيث يرى، على سبيل المثال، توني تولين، الباحث في شؤون الرجولة بجامعة هيلدسهايم الألمانية، أن الكثير من الرجال في أزمة، «فهم يسمعون أن عليهم ألا يكونوا هذا الشخص أو ذاك، ويتساءلون: ماذا نكون إذن؟».
كان الممثل دانييل كريغ الذي أدى دور جيمس بوند، قبل عام، في محور نقاش لأنه ظهر في صورة يحمل على بطنه رضيعا مستخدما في ذلك قماشة مخصصة لحمل الأطفال على البطن، مما جعل مقدم برامج تلفزيوني بريطاني مشهور يعلق قائلا عبر حسابه على موقع «تويتر»: «يا للهول، 007، ألم تسلم أنت أيضا؟» معنونا لتعليقه بعبارة بالإنجليزية تعني: «بوند منزوع الرجولة».
ويشير الرقم 007 إلى دور الممثل كريج في أفلام جيمس بوند كعميل للمخابرات البريطانية. يتحدث علماء النفس البريطانيون منذ بضع سنوات في أبحاثهم المتعلقة بصورة دور الرجل عن «الرجولة السامة» أو «الضارة».
ويرى الاتحاد الأميركي لعلماء النفس أنه عندما يعتاد الشباب الصغار في نشأتهم على صورة مثالية للرجل، تتطلب منهم كبت عواطفهم والظهور بمظهر الشخص المتسيد والعدائي، فإن ذلك يحمي في طياته خطر النزوع للعنف، حيث يلجأ بعض الرجال، وفقاً للاتحاد، لاستخدام العنف إذا رأوا خلال إحدى علاقاتهم مع النساء أن هويتهم الرجولية المثالية مهددة.
ويرى توني تولين أنه رغم أن التصور الشائع عن الرجال كأبطال ومحاربين لم يعد شائعاً، إلا أنه ترك فراغاً، أصبح يتواجد فيه أُناس مثل رؤساء الولايات المتحدة وروسيا وتركيا والبرازيل، «حيث أصبح قواد القطعان مثل ترمب وبوتين وإردوغان وبولسونارو، يسيطرون على القوة التي يتضمنها تعريف الرجولة، وكلما تطرف هؤلاء يمينا حظي الدور التقليدي للرجال بالتمجيد».
يسعى عالم النفس الكندي جوردان بيترسون لمساعدة المذبذبين، حيث يروج في كتابه «12 دوراً للحياة، النظام والبنية في عالم فوضوي» الذي كان من الكتب الأفضل مبيعاً، لعبارة «النظام رجولي والفوضى أنثوية». يحظى بيترسون خلال محاضراته التي يلقيها في أنحاء متفرقة من العالم بالتهليل، خاصة من قبل الرجال.
يطلق أنصار بيترسون على أنفسهم وصف «سرطان البحر»، وذلك لأن بيترسون يعتبر سرطان البحر في محاضراته التي حققت ملايين المشاهدات في موقع يوتيوب، دليلا على أن السلوك الرجالي المتسيد هو سلوك من الطبيعة.
يرى مؤلف المقال الرئيسي في مجلة «فيلت فوخه» السويسرية أن نموذج توزيع الأدوار «أنا طرزان وأنت جان» يضمن الانسجام في توزيع الأدوار بين الجنسين.
ولا يكترث المؤلف كثيرا بالدور الجديد للرجال، «الذي يكون فيه الرجل هو الطرزان وتكون فيه آل بيترسون في مقاله بالمجلة أن «هذا الخليط من الرجولة الذي يركز في حياته على ما يعرف بالجانب الأنثوي داخل الرجل، هو أمر يتسبب في قشعريرة، ويشبه البيرة الخالية من الكحول».
فهل تغير دور الرجل في المجتمع بهذه القوة؟ تبلغ نسبة العاملين بدوام كامل من أصحاب الأطفال 94 في المائة من الآباء، مقابل 34 في المائة فقط من الأمهات، حسب بيانات مكتب الإحصاء الألماني عام 2018.
وجاء في تقرير الحكومة الألمانية عن المساواة بين الجنسين، عام 2017، أن النساء يقضين 87 دقيقة في المتوسط يوميا أكثر مما يمضيه الرجال في العمل المنزلي ورعاية الأطفال.
كما تؤدي النساء في العطل الأسبوعية وقتا غير مدفوع الأجر، أكثر بكثير من الوقت الذي يمضيه الرجال، وذلك وفقاً لبيانات المعهد الألماني لأبحاث الاقتصاد، في برلين.
ورأى باحثو المعهد أن السبب في ذلك لا يمكن أن يكون لأن الرجال ليس لديهم وقت بسبب عملهم بدوام كامل. لماذا لم يعد الرجال يبقون في المنزل ويتركون النساء يصنعن مستقبلهن الوظيفي.
يقول بيترسون في مقابلة مع صحيفة «دي تاسيت» الأسبوعية الألمانية: «لا أعتقد أن ذلك يفلح... وذلك لأسباب أهمها أن النساء لا يمكن أن يسمحن بما يرتبط بذلك من شغل رجالهن مكانة أقل من مكانتهن». تتهم النساء عالم النفس، بيترسون، بأنه يوطد لدى الرجال المذبذبين تصورات رجعية عن دور الجنسين.
ويعتقد عالم النفس بيورن تورستن لايمباخ، أنه رصد «تقليلاً من قيمة الرجولة في المجتمع»، وقال إن على الرجل أن «يتحرر من المعايير والقواعد والسلوكيات النسائية»، وذلك «حتى تتعلم الروح المذكرة لدى الرجل الطيران من جديد»، حسبما جاء في الصفحة الخاصة بعالم النفس، على الإنترنت.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».