ليلي بختي تنجح في منافسة نجمات السينما الفرنسية

فيلم للفنانة الجزائرية يطرح مشكلة ترك الأطفال للمربيات

بختي في لقطة من فيلم أغنية ناعمة
بختي في لقطة من فيلم أغنية ناعمة
TT

ليلي بختي تنجح في منافسة نجمات السينما الفرنسية

بختي في لقطة من فيلم أغنية ناعمة
بختي في لقطة من فيلم أغنية ناعمة

يمكن لممثل أو ممثل من أصول عربية أو أفريقية أن يجد لنفسه موضع قدم في السينما الفرنسية. وهو عادة ما يبقى محصوراً في نوع محدد من الأدوار التي تتناول العمال أو الخارجين على القانون أو المهاجرين أو الزيجات المختلطة. لكن ليلى بختي، 35 عاماً، كسرت الحلقة الخانقة وتمكنت من الانطلاق إلى أدوار البطولة وتسجيل اسمها بين نجمات الصف الأول. وهو أمر ليس بالسهل على سمراء لا علاقة لها بمقاييس الجمال الأوروبي. إنها ذات ملامح شرقية مميزة. طبع عذب وعينان هادئتان لكنهما قادرتان على التحول إلى جمرتين عند اللزوم.
ينزل إلى شاشات العرض، نهاية الشهر، فيلم ليلى بختي الجديد «أغنية ناعمة» للمخرجة لوسي بيرليتو. كما تعرض لها قناة «نيتفليكس» قريباً مسلسلاً يشاركها بطولته زوجها الممثل البارع طاهر رحيم. وهو مثلها مولود لأسرة مهاجرة من الجزائر وقد نجح في بلوغ أدوار البطولة في السينما الفرنسية وحاز العديد من الجوائز المرموقة. ورغم أن الممثلة حامل، أو تنتظر حدثاً سعيداً كما تقول محررات المجلات النسائية، فإنها لا تتوقف عن العمل، ومطلوب منها أن تقوم بجولة ترويجية لفيلمها «سأذهب حيثما تذهب»، كما تستعد للبدء بتصوير فيلم جديد بعنوان «الحرب الثالثة».
تبدو ليلى بختي سعيدة بنجاحها وتحب بشكل خاص أن تتحدث عن فيلمها الذي سيعرض قريباً. تقول إنها تحمست لفيلم «أغنية ناعمة» وأرادت الفوز بالدور. وهو الفيلم المأخوذ عن رواية الكاتبة المغربية ليلى سليماني والتي فازت قبل 3 سنوات بجائزة «غونكور» للرواية الفرنسية. وتدور الحبكة حول زوجين باريسيين يستخدمان مربية للعناية بطفليهما لكي يتاح لوالدتهما العودة إلى وظيفتها. لكن المربية المتفانية تقود الأسرة إلى الكارثة. وقد استقت المؤلفة القصة من واقعة حقيقية نشرتها الصحف في باب أخبار الجرائم. وحين وقع الكتاب بين يدي ليلى بختي فإنها قرأته في جلسة واحدة. وشعرت بأنه يتناول مشكلات حقيقية تتعلق بالأمومة وبالجري المحموم للبشر وراء لقمة العيش. ثم إن هناك في القصة مواجهة حقيقية بين امرأتين، الأم والمربية. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن بختي لا تؤدي دور المربية بل دور ميريام، الأم الباريسية التي يعميها عملها عن ملاحظة ما كان يجري في بيتها.
تضجر ميريام من وظيفة ربة البيت وتشتاق للعودة لعملها كمحامية. إن البقاء في المنزل يجعلها تشعر بأنها وحيدة ومهجورة. ذلك لأنها تعيش في مجتمع يحدد فيه العمل كيان الفرد. وفي الوقت نفسه كانت تشعر بتأنيب الضمير لأنها تترك طفليها في رعاية مربية. ودون وعي منها كانت تدعو الذئب إلى بيتها وأغلقت عينيها عن رؤية الخطر لأنها اختارت راحتها الشخصية وهدوء بالها. لكن الفيلم ليس مرافعة ضد عمل المرأة ولا دعوة لبقائها أسيرة جدران بيتها. فالطموح الوظيفي حق للجميع، ومنهم بختي نفسها. ولعلها محظوظة لأن شقيقتها تتولى رعاية ابنها عند انشغالها بتصوير فيلم ما. لكن السؤال هو كيف تحافظ المرأة على التوازن بين مختلف واجباتها في محيط يريد منها أن تكون منتصرة على كل الجبهات. هل هناك وصفة سحرية تضمن للنساء العثور على التوازن؟ هل تتدخل الدولة لمساعدة الأمهات وتأمين مكافآت لمن تختار التوقف المؤقت عن العمل لحين يكبر أطفالها؟
كتبت مجلة «مدام فيغارو» تصف ليلى بختي بأنها «الممثلة الأبرع بين بنات جيلها». وهي قد تعرفت على زوجها طاهر رحيم أثناء اشتراكهما في فيلم «نبي» للمخرج جاك أوديار، قبل 10 سنوات. وهو الدور الذي حاز عليه رحيم «سيزار» أفضل ممثل. ومنذ ذلك الفيلم لم يظهرا سوياً على الشاشة، إلى أن تعاونا مؤخراً في مسلسل «عائلة إدي»، من إنتاج «نيتفليكس»، للمخرج الفرنسي الأميركي داميان غازيل. وسبق لغازيل الفوز بجائزة «الأوسكار» كأفضل إخراج عن فيلم «لالا لاند». ورغم كل انشغالات ليلى بختي فإنها تحب أن تعلن بأن السينما لا تقع في مركز اهتمامها بل العائلة. وهي تقصد زوجها وابنها البكر سليمان الذي لم يبلغ الثالثة من العمر بعد. ومعه تمضي الممثلة في استكشاف العوالم المدهشة للأمومة. وتقول إنها تريد له أن يتحلى بالفضول والانفتاح والتسامح. وتضيف: «يخيفني كل هذا القدر من الكراهية ونبذ الآخر الذي يتفشى في مجتمعنا لذلك أريد لابني أن ينشأ في وسط اجتماعي مختلط». لقد ساعدتها الأمومة على أن تتخلى عن مخاوفها وشكوكها وأن تصبح أهدأ من قبل وتتعلم اتخاذ القرارات الصائبة لعائلتها. وهي قد غضبت لأن إحدى المجلات الشعبية كشفت أمر حملها الجديد، فهي تكتمت على الخبر وكانت حريصة دائماً على حماية حياتها الشخصية من المتطفلين. وهذه الحكمة الجديدة هي التي تدفعها اليوم لكتابة فيلم طالما حلمت بأن تخرجه بنفسها. وهي قصة ستضمنها الكثير من تجاربها الشخصية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».