شابة فلسطينية تُحيي ذكرى والدها بتربية النحل

وفرت سمر البُع مصدر رزقٍ لعائلتها المكونة من 13 فرداً

سمر تستخرج العسل من خلايا النحل داخل مكانٍ مغلق في مزرعتها (الشرق الأوسط)
سمر تستخرج العسل من خلايا النحل داخل مكانٍ مغلق في مزرعتها (الشرق الأوسط)
TT

شابة فلسطينية تُحيي ذكرى والدها بتربية النحل

سمر تستخرج العسل من خلايا النحل داخل مكانٍ مغلق في مزرعتها (الشرق الأوسط)
سمر تستخرج العسل من خلايا النحل داخل مكانٍ مغلق في مزرعتها (الشرق الأوسط)

بينما تنشغل لساعاتٍ طويلة في تفقّد خلايا النّحل وما تحتويه من عسل طبيعي، تعود الشابّة سمر البُع بذاكرتها للوراء، وتستذكر مشاهد تجريف الاحتلال الإسرائيلي لمزرعتهم القديمة عام 2006. وقتله لوالدها الذي لم يكن يشكّل وجوده أي خطرٍ بنفس السنة. تنظر حولها والدموع تغالب عينها، وتكمل صنعها.
مضت تلك الحادثة الأليمة والسنوات أيضاً، بشكلٍ طبيعي على الكثيرين. لكنّها لم تكن كذلك بالنسبة للشابة التي تسكن مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة. التفكير بالعهد الذي قطعته حينذاك، ظلّ مرافقاً لها في كلّ الأيام، واستمر إلى أن استطاعت أخيراً وفاءه من خلال إعادة افتتاح المزرعة وبناء الخلايا من جديد.
تقول البع التي تبلغ من العمر 28 عاماً في حديثٍ لـ«الشرق الأوسط»: «خلال عملية عسكرية استهدفت بلدتي، كانت نكبة عائلتنا الصغيرة، ومنذ وقتها قطعت العهد وقررت تحدي الواقع»، مضيفة: «قبل ست سنوات تخرجت في الجامعة بتخصص التعليم الأساسي، وجدت حينها الفرصة مناسبة لبدء العمل، وهذا ما كان».
لم تتمكن سمر بداية من تحقيق ما أرادت، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها برفقة أسرتها، المكونة من 13 فرداً، فسعت للحصول على تمويل يساعدها. توضح أنّ مؤسسة التعاون الألمانية منحتها ذاك التمويل، وبدأت المشروع بـ24 خلية، وبعد ذلك تطور بها الأمر وصارت الآن تحتكم على أكثر من 60 خلية.
لا تأبه الشابّة لحرارة الشمس الحارقة التي تواجهها يومياً خلال سيرها لأكثر من ساعة ونصف، في طريق الذهاب والإياب للمزرعة. إذ إنّ الأماكن الزراعية في قطاع غزة، تفتقر لوجود البنية التحتية المؤهلة لسير وسائل النقل والمواصلات كما تنوه، وتلفت إلى أنّ عدداً من إخوتها يجدّون في السعي وراء الرزق برفقتها.
وسط مجتمعٍ شرقي محافظ تعيش الشابّة، الأمر الذي يحدّ كثيراً من المجالات التي يُسمح لها بالتحرك خلالها. تبيّن أنّ ذلك سبب لها عقبة في إنجاز بعض الأعمال، وما زاد ذلك هو وجود مزرعتها في منطقة يعتبر المواطنون الرجال الوصول لها، مخاطرة، وتتساءل سمر، «فكيف إذا كان من يصل هي امرأة؟ مشيرة إلى أنّها تمكّنت من فرض نفسها على الجميع، بعدما أبدت نجاحاً لافتاً في صنع العسل وتوريده للناس، متابعة: «أستخدم مواقع التواصل الاجتماعي في ترويج منتجاتي، خاصّة موقع (فيسبوك)، الذي أمتلك عليه صفحة خاصّة، تصلني من خلالها طلبات الزبائن باستمرار».
وتعمل الشابّة حالياً على تقديم تدريبات لعدد من الفتيات في بلدتها الحدودية، واللواتي استلهمن شغف تربية النحل، بعدما شاهدوا النجاح المميز الذي حققه مشروعها. تشرح أنّ ذلك دليلٌ آخر على الأثر الذي تمكنت من إحداثه لدى الناس.
«في مزرعتي أنتج العسل الطبيعي من دون أي إضافات صناعية أو محاليل سكر، وهذه هي الطريقة التي كان يعتمدها والدي»، تردف الشابّة منوهة إلى أنّ عدداً من مربي النحل يلجئون لطرق أخرى لزيادة الإنتاج والكمية.
وعلى عكس المربين الذين يقطفون العسل مرّات عديدة في العام، تكتفي هي بالقطف مرّة واحدة سنوياً خلال فصل الربيع، تتحدث، مكملة: «يبلغ سعر الكيلو الواحد الصافي من العسل، نحو 20 دولاراً، وذلك سعر معقول، لا سيما أن الجودة عالية».
وتؤكّد أنّ ذلك يجعل العسل المقطوف صافياً تماماً وممتلئاً بالفوائد الطبية والصّحية، التي ينشد الناس تحقيقها من تناوله، منبّهة أنّ ما يزيد من جودة إنتاجها، هو قيامها بزرع عدد من النباتات الوردية التي يتغذى عليها النحل داخل المزرعة وبين الخلايا.
وتعاني الشابّة خلال عملها من عدد من العقبات تذكر أنّ أولها، ندرة وجود نبات «المورينجا» الذي يستخدم لتحسين جودة العسل طبيعياً في قطاع غزة، وسبب ذلك، وفقاً لقولها، هو الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخوله، مستدركة أنّها تعيش كذلك كابوساً دائماً، تتخيل ضمنه مشاهد لإقدام الاحتلال مرّة ثانية على تدمير المزرعة.
وحسب المعلومات الواردة في مركز المعلومات الفلسطيني، فقد بلغ عدد خلايا النحل في فلسطين عام 2016 نحو 80 ألف خلية حديثة؛ ونحو ألفي خلية قديمة. حيث إن عدد الخلايا في الضفة الغربية نحو 57 ألف خلية وفي قطاع غزه نحو 25 ألفاً، ووصلت كمية الإنتاج لنحو 900 طن عسل في عام 2015.
ويعمل في هذا المجال نحو ألفي نحّال موزعين على مختلف المحافظات الفلسطينية، ويواجه العاملون عدداً من المشكلات، أهمها المنافسة مع المنتج المستورد، وتقليص مساحات المزارع المرتبطة بسياسات الاحتلال التدميرية والاستيطانية، وكذلك قلة الدّعم الذي يلقاه هذا القطاع الهام من المؤسسات الرسمية.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.