عشرات «الأحداث» اليمنيين مهددون بالإعدام في أي وقت

3 عقود تُذكّر بتصديق البلاد على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل

يمنيون يتحدثون في مقهى وسط المدينة القديمة بصنعاء (رويترز)
يمنيون يتحدثون في مقهى وسط المدينة القديمة بصنعاء (رويترز)
TT

عشرات «الأحداث» اليمنيين مهددون بالإعدام في أي وقت

يمنيون يتحدثون في مقهى وسط المدينة القديمة بصنعاء (رويترز)
يمنيون يتحدثون في مقهى وسط المدينة القديمة بصنعاء (رويترز)

في بلد كاليمن، يوثق له العالم بأنه من بين أكثر البلدان مبادرة إلى التوقيع على أهم ما توصل إليه من اتفاقيات ومواثيق ومعاهدات، يصعب فعلياً تصديق أنه لا يزال المُشرع القضائي منهمكاً بجدية في استصدار أحكام إعدام بحق متهمين بجرائم وهم في سن النزاع مع القانون، أو في مرحلة عمرية أقل من 18 سنة.
بشير محمد هو واحد من العشرات الذين تم الزج بهم في السجون الاحتياطية والمركزية وهم في سن الخلاف مع القانون.
يقول أحد أقربائه، طلب عدم ذكر اسمه: «كان بشير في سن الـ15 من العمر عندما تم احتجازه في قسم الشرطة 3 أيام، قبل إحالته إلى النيابة، بتهمة القتل. ومنذ 10 سنوات يرزح في السجن المركزي بصنعاء، وحاولنا، قبل الحرب، الاستئناف مجدداً في الحكم الصادر بحقه وهو الإعدام بتهمة قتل. لكن يحدث الترحيل والتباطؤ والتلاعب».
وخلافاً لاتفاقية حقوق الطفل التي التزم بها اليمن، منذ مايو (أيار) 1991، فإن المشرع اليمني يتعامل مع متهمين بجرائم مختلفة، أعمارهم فوق الـ15 سنة أشخاصاً بالغين.
ويتذكر قريب بشير، كيف أنه تم التغاضي عن تقرير الطبيب الشرعي بشأن تحديد السن أثناء وقوع الحادثة، لقد «تم إخضاعه لفحص الطبيب الشرعي، وكانت إفادة الطبيب أن بشير لم يدخل بعد سن الـ16».
لكن، وبطريقة مفاجئة، يقول: «تم إسناد المحاكمة لقاضٍ آخر، غير القاضي الذي أقر بكون بشير في سن (الحدث) أثناء واقعة القتل، الأمر الذي بدأت به خيوط التلاعب بالقضية تتضح».
ويشرح: «خلال جلسة واحدة، حكم القاضي الجديد بالإعدام، وقال بصريح العبارة للمحامي الذي جلب تقرير الطب الشرعي، وتأكيده على أن بشير تحت السن القانونية: حتى لو كان يبلغ من العمر 10 أعوام، فعقاب القتل هو الإعدام».
وتنص اتفاقية حقوق الطفل، التي يستعد العالم للاحتفال بانقضاء 30 عاماً على صدورها بحلول 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، على «حظر عقوبة الإعدام بحق الأفراد تحت سن 18 عاماً وقت وقوع الجريمة».
و«منذ عام 1994 وقانون العقوبات اليمني يحظر أيضاً إعدام الأحداث وينص على عقوبة قصوى هي السجن 10 أعوام للقُصّر الذين ارتكبوا جرائم قد يُعاقب عليها بالإعدام».
وبخلاف ذلك تقول تقارير هيئات حقوقية دولية إنه «بين عامي2007 و2012 تم إعدام 15 شاباً وفتاة، زعمت التقارير أنهم كانوا تحت سن 18 عاماً وقت وقوع الجريمة التي تمت محاكمتهم عليها». وأكدت أن النيابة العامة طالبت بأحكام الإعدام لعشرات من الأحداث الآخرين.
وحذرت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، في مكتب اليمن، من استمرارية أشكال انتهاك حقوق الطفل، وبوجه خاص الأطفال في نزاع مع القانون.
وقال مسؤول في المنظمة لـ«الشرق الأوسط»، إن من 20 إلى 23 متهماً بجرائم قتل مهددون بالإعدام في أي وقت، كونهم ارتكبوا تلك الجرائم وهم في سن الـ15، مضيفاً: «معظمهم الآن بلغت أعمارهم 27 سنة».
ويشدد المسؤول على أن من بين أبرز الإشكاليات التي تواجه الأطفال الواقعين في نزاع مع القانون، تتمثل في «التباسات التعامل مع القوانين الوطنية والتشريعات الدولية، وعدم وجود وثائق رسمية (شهادة ميلاد) بالنسبة لمعظم الضحايا؛ ما يفتح شهية التلاعب ويؤثر في سير العدالة».
وكانت تقارير منظمات حقوقية دولية في بحثها لهذه الجزئية أفادت بأن «بعض القضايا لم يكن لدى المدعى عليهم الأوراق اللازمة لإثبات أنهم كانوا تحت سن 18 عاماً وقت وقوع الجريمة المزعومة، وفي قضايا أخرى، تجاهلت النيابة والقضاة ببساطة الأدلة المتوفرة».
وتطابقت معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصدر بوزارة الداخلية الخاضعة للحوثيين في صنعاء، مع ما ذهبت إليه المنظمات الحقوقية بخصوص وجود ما يزيد على 20 متهماً بارتكاب القتل وهم في سن الحدث، في السجون الاحتياطية والمركزية في صنعاء وإب والحديدة وعمران وصعدة وحجة، وريمة وذمار.
وكشفت دراسة نفذتها اللجنة الفنية لتعزيز عدالة الأطفال بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (يونيسف) نهاية عام 2018، أن 49 في المائة من الأطفال المستهدفين وعددهم 217 طفلاً، محتجزون في السجن المركزي، بينما 22 في المائة في السجن الاحتياطي و21 في المائة في دار توجيه اجتماعي.
وأشارت الدراسة التي استهدفت الأطفال المحتجزين في مؤسسات الاحتجاز، في 3 محافظات يمنية (العاصمة صنعاء، وذمار، وإب) إلى أن المحتجزين «يقضون فترات طويلة جداً بالاحتجاز في انتظار الإجراءات من أقل من أسبوع إلى أكثر من سنتين».
وأفادت باحتجاز «43 في المائة منهم في مؤسسات مشتركة مع البالغين مع تفاوت مراتب استقلالهم في مرافق هذه المؤسسات سواء أماكن النوم أو تناول الطعام أو العيادة، ما يدل على احتمالية تعرض الأطفال للاستغلال والإساءة والانتهاكات نظراً لهذه الشراكة غير المتوافقة».
ومطلع الشهر الحالي، كانت الداخلية الخاضعة للحوثيين في صنعاء قالت لشركائها في لجنة فنية تم تشكيلها لعدالة الأطفال الأحداث، وتضم مؤسسات حكومية وحقوقية معنية، إنه لا ينبغي التباطؤ في مهمة «تحسين ظروف الاحتجاز وإيجاد مراكز احتجازية خاصة بالطفل الحدث وعدم وضعه مع المحتجزين البالغين».
وإذا كانت فاعليات حقوقية محلية، مسنودة بمؤازرة منظمات دولية أبرزها «يونيسف»، نجحت في التوصل فعلياً إلى الضغط باتجاه إيقاف تنفيذ ما يزيد على 20 حكماً قضائياً بالإعدام، ضد متهمين «أحداث»، خلال فترة ما قبل اندلاع النزاع المسلح في البلاد نهاية سبتمبر (أيلول) 2014، فإن النزاع تسبب في مزيد من تدهور أوضاع الطفولة عموماً، وظروف الأطفال الذين في نزاع مع القانون أو الجانحين منهم خصوصاً.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.