جنود صينيون ينزلون إلى شوارع هونغ كونغ «لتنظيفها»

اقتصادها ينزلق إلى الركود وينكمش بنسبة 2.‏3 %

جنود من جيش التحرير الشعبي يخرجون من ثكناتهم لمساعدة سلطات المدينة في تنظيف شوارعها (أ.ف.ب)
جنود من جيش التحرير الشعبي يخرجون من ثكناتهم لمساعدة سلطات المدينة في تنظيف شوارعها (أ.ف.ب)
TT

جنود صينيون ينزلون إلى شوارع هونغ كونغ «لتنظيفها»

جنود من جيش التحرير الشعبي يخرجون من ثكناتهم لمساعدة سلطات المدينة في تنظيف شوارعها (أ.ف.ب)
جنود من جيش التحرير الشعبي يخرجون من ثكناتهم لمساعدة سلطات المدينة في تنظيف شوارعها (أ.ف.ب)

لحد الآن منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية للحركة الديمقراطية في هونغ كونغ، لم تتدخل بكين أو قواتها الأمنية بشكل مباشر في الأزمة القائمة، إلا أنها نوهت مراراً بأنها على أهبة الاستعداد، إذا لزم الأمر أو تطورت الأحداث إلى مستويات تهدد الأمن القومي. ونادراً ما يغادر الجنود الصينيون ثكناتهم في هونغ كونغ التي تحكمها بكين، والتي تشهد منذ أشهر احتجاجات مناهضة للحكومة. وأمس، ذكرت هيئة البث في هونغ كونغ (آر تي إتش كيه) أن جنوداً من جيش التحرير الشعبي الصيني يرتدون قمصاناً وسراويل قصيرة انضموا إلى سكان مؤيدين للصين في المدينة لتنظيف الشوارع وإزالة الحواجز والركام، بعد أن أغلقت احتجاجات مناهضة للحكومة الطرق.
كما نزل مؤيدو الحكومة في هونغ كونغ، السبت، إلى شوارع المدينة، بعد الفوضى التي تسبب بها ناشطون مدافعون عن الديمقراطية. كما تجمع صباح أمس مئات الأشخاص، معظمهم في منتصف العمر ومن كبار السن، خارج مقر حكومة هونغ كونغ، لإظهار الدعم للشرطة التي تتعرض لانتقادات شديدة بسبب تعاملها مع الأزمة السياسية المستمرة منذ يونيو (حزيران) الفائت.
ولوّح المحتجون بأعلام الصين، ولافتات مؤيدة لبكين، كما رددوا هتافات، منها: «ندعم الشرطة لفرض القانون رسمياً» و«صراصير هونغ كونغ قمامة عصرنا»، في تهكم على أحد الشعارات الرئيسية للحركة المدافعة عن الديمقراطية «فلتستعيد هونغ كونغ ثورة عصرنا». والتقط المتظاهرون صوراً مع شرطة مكافحة الشغب المتمركزة في المكان.
وأدت حملة «انتشروا في كل مكان» لإقامة حواجز على الطرق والتخريب في أرجاء المركز المالي العالمي الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي إلى إغلاق أجزاء كبيرة من شبكة القطارات. كما أجبرت المدارس ومراكز التسوق على إغلاق أبوابها. واحتل الطلاب والمتظاهرون كثيراً من الجامعات الكبرى في جميع أرجاء المدينة، وهي المرة الأولى التي تتمركز فيها حركة تتميز عادة بالمرونة وصعوبة التكهن بتحركاتها في مواقع ثابتة، لكن مع نهاية نهار الجمعة تراجعت أعداد المحتجين.
ونزل آلاف الموظفين إلى الشوارع هذا الأسبوع في وسط المدينة، المركز المالي لهونغ كونغ، لإظهار دعمهم للحركة المدافعة عن الديمقراطية، رافعين أيديهم ومبعدين بين أصابعهم الخمسة، في إشارة إلى مطالب المحتجين الخمسة.
وبدورها، حذرت حكومة هونغ كونغ موظفيها من أنها ستوقفهم عن العمل، إذا تم توقيفهم وهم يشاركون في الاحتجاجات.
وقال وزير الخدمة المدنية، جوشوا لو، في مؤتمر صحافي الجمعة: «يجب أن أؤكد أن الحكومة لا تتسامح مطلقاً مع موظفي الخدمة المدنية الذين ينتهكون القانون»، وأضاف: «يجب ألا يشارك الموظفون المدنيون في أي أنشطة غير قانونية، بما في ذلك التجمعات الاحتجاجية غير القانونية». وتوظف الخدمة المدنية نحو 175 ألف شخص، حسب بيانات حكومة هونغ كونغ، أي نحو 4.4 في المائة من القوى العاملة في المدينة.
وبعد 5 أيام من تكتيكات «انتشروا في كل مكان» التي دفعت الشرطة إلى التحذير من أن المدينة على وشك «الانهيار التام»، بدأت الطرق التي تم إغلاقها تفتح مجدداً أمام حركة المرور. لكن بعض الطرق ونفقاً رئيسياً بقت مغلقة. وبحلول صباح السبت، أخلى المتظاهرون جامعة هونغ كونغ الصينية، التي كانت مسرحاً لبعض أشد الاشتباكات. وفي الجامعات الأخرى، بدأت عمليات تطهير لإزالة المتاريس.
وانطلقت موجة المظاهرات في المدينة، البالغ سكانها نحو 7.5 مليون نسمة، من معارضة لمشروع قانون يسمح بتسليم مطلوبين إلى الصين، لكن تم إلغاؤه بعد ذلك. غير أن الاحتجاجات لم تتوقف، بل تم رفع سقف مطالبها إلى الديمقراطية ومحاسبة الشرطة.
وفي غياب حل سياسي مطروح، تصاعد العنف، وباتت الشرطة وحيدة في مواجهة المتظاهرين الذين باتوا يمقتونها. كما تصاعد التوتر بين الصين وبريطانيا، المستعمر السابق للجزيرة قبل إعادتها لبكين في عام 1997. والخميس، سقطت وزيرة العدل في هونغ كونغ، تيريزا تشينغ، في لندن، بعد أن حاصرها محتجون مدافعون عن الديمقراطية.
ونهضت تشينغ وغادرت موقع الحادث، من دون أن تبدو عليها أي إصابة، لكن بكين انتقدت الحادث، ووصفته بأنه «هجوم مروع»، واتهمت بريطانيا بتأجيج حركة الاحتجاج.
وبدأت الاضطرابات السياسية المتلاحقة تلقي بظلالها على الأجانب الموجودين في هونغ كونغ، إذ اعتقلت السلطات الخميس طالبين ألمانيين يبلغان من العمر 22 و23 عاماً، ووجهت لهما تهم «التجمع غير القانوني». وبدورها، تنصح جامعات كبرى في هولندا نحو 300 طالب هولندي في هونغ كونغ بالعودة بسرعة إلى ديارهم لأسباب أمنية.
وخفضت هونغ كونغ توقعاتها للنمو الاقتصادي هذا العام، حسبما ذكرت وكالة أنباء «بلومبرغ». وقالت الحكومة لدى إصدارها حسابات الناتج النهائية للربع الثالث من العام الحالي إن الناتج المحلي الإجمالي سينكمش بنسبة 3.1 في المائة في عام 2019، مقارنة بالعام السابق. وقالت في تأكيد لتقديرات أولية إن الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنسبة 2.‏3 في المائة في الأشهر الثلاثة المنتهية بنهاية سبتمبر (أيلول) الماضي.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.