إغلاق ساحة سان ماركو في البندقية لغزارة الأمطار وعنفوان المد

سكان المدينة الغارقة يتحدون الوضع

إغلاق ساحة سان ماركو في البندقية لغزارة الأمطار وعنفوان المد
TT

إغلاق ساحة سان ماركو في البندقية لغزارة الأمطار وعنفوان المد

إغلاق ساحة سان ماركو في البندقية لغزارة الأمطار وعنفوان المد

اجتاحت المياه مدينة البندقية، الجمعة، إلى مستوى استثنائي دفع رئيس بلديتها إلى إغلاق ساحة سان ماركو الشهيرة، غداة إعلان السلطات حالة الطوارئ في المدينة المدرجة على لوائح اليونيسكو.
وأوعز رئيس البلدية، لويجي برونيارو، بإغلاق الساحة التاريخية، في وقت ارتفع فيه مستوى مياه البحر جراء المد إلى نحو 1.6 متر منتصف النهار، واجتاحت الرياح القوية والعواصف الماطرة المنطقة، وارتفعت المياه إلى أدنى من الذروة المسجلة الثلاثاء.
وقال برونيارو: «إني مضطر لإغلاق الساحة لتجنب مخاطر صحية على المواطنين...كارثة».
وغرقت كنائس ومحلات ومنازل في المدينة المعروفة بقنواتها، إثر ارتفاع غير مسبوق لمستوى المياه الذي سجل الثلاثاء رقماً قياسياً في نصف قرن.
وأضاف برونيارو: «لقد دمرنا البندقية، نتحدث عن أضرار بنحو مليار يورو، تعود ليوم واحد فقط، ليس اليوم». وجاءت تصريحاته فيما انضم زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف ماتيو سالفيني إلى عدد من المسؤولين السياسيين الذين تفقدوا المدينة المنكوبة.
والأزمة الناجمة عن رداءة الطقس دفعت بالحكومة لتخصيص 20 مليون يورو (22 مليون دولار) من الأموال للتصدي للكارثة.
وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية أن السياح كانوا يجوبون ساحة سان ماركو، مستغلين اختراق أشعة الشمس لهطول الأمطار، منتعلين أحذية بلاستيكية ملونة.
وأعلن رئيس الوزراء جوزيبي كونتي، الذي وصف الفيضانات بـ«طعنة في قلب بلدنا»، الخميس، حالة الطوارئ.
وفي وقت سابق (الخميس)، التقى كونتي برونيارو ومسؤولي أجهزة الطوارئ، ثم استقل زورقاً سريعاً لتفقد المحلات والأهالي المتضررين. وسيحصل الأهالي الذين تضررت منازلهم على ما يصل إلى 5 آلاف يورو فوراً، في شكل مساعدة حكومية، فيما يمكن أن يحصل أصحاب المطاعم والمحلات على ما يصل إلى 20 ألف يورو، وطلب المزيد لاحقاً، بحسب كونتي.
وأعلن برونيارو عن فتح حساب مصرفي للراغبين في المساهمة في أعمال الترميم من إيطاليا وخارجها.
وقال في بيان: «البندقية تراث للجميع، فريدة في العالم. وبفضل مساعدتكم، ستشرق البندقية مرة أخرى».
وفي حين تقوم السلطات بتقييم حجم الأضرار التي لحقت بكنوز البندقية الثقافية، مثل كاتدرائية سان ماركو التي اجتاحت المياه دهاليزها، اختار الأهالي مواجهة الوضع.
وتوقف كثير لشرب القهوة كعادتهم في الحانات الغارقة، وشربوا الإسبرسو وهم يقفون في عدة سنتمترات من المياه.
وقالت السائحة النمساوية كورنيليا ليتشاور (28 عاماً) إن لديها مشاعر متضاربة لرؤية الساحة الشهيرة نصف غارقة بالمياه.
وقالت وهي تحمل كلبها الأبيض الصغير: «بالنسبة للسياح الأمر مدهش، يستحق المشاهدة. لكنها مشكلة حقيقية بالنسبة للأهالي»، وأضافت: «أمر يبعث على الاستغراب؛ السياح يلتقطون الصور، لكن المدينة تعاني». وقال فندق لوكندا آل ليون إن حجوزاته منيت بضربة جراء تغطية وسائل الإعلام الدولية لأخبار الفيضانات، وقد ألغى بعض الضيوف حجوزاتهم بعد مشاهدة صور البندقية الغارقة.
ومثل كثير من المؤسسات الثقافية في المدينة، تراجع متحف غوغنهايم عن قرار إعادة فتح أبوابه الجمعة «بسبب سوء الأحوال الجوية بشكل كبير».
وتسبب ارتفاع مستوى المياه الثلاثاء، مع الرياح الشديدة والأمطار، بإغراق قرابة 80 في المائة من المدينة، وفق مسؤولين.
ومرة واحدة فقط منذ بدء التسجيل عام 1923، تخطى ارتفاع المياه ذلك المستوى، عندما وصل إلى 1.94 متر في 1966.
وقال الطالب ديفيد ميلينديز (20 عاماً)، من كاليفورنيا: «أتساءل كيف ستكون البندقية في 50 عاماً»، وأضاف: «آمل أن تنجو هذه المدينة الجميلة، وأن يتمكن أولادنا وأحفادنا من رؤيتها».
وكثيرون، ومن بينهم رئيس بلدية البندقية، ألقوا باللائمة في الكارثة على الاحتباس الحراري، وحذروا من أن إيطاليا - - البلد المعرض لكوارث طبيعية - يجب أن تتنبه للأخطار التي تسببها فصول أكثر اضطراباً.
وقال وزير البيئة، سيرجو كوستا، الخميس: «يجب أن نتحلى بالليونة، وأن نتكيف. نحتاج إلى سياسة تنظر إلى المناخ من أعين مختلفة تماماً».
والبندقية الملقبة بـ«المدينة العائمة» لا يتجاوز عدد سكانها 50 ألفاً، لكنها تستقبل كل عام 36 مليون سائح.
ولا يزال مشروع بنية تحتية ضخم يهدف إلى «حماية المدينة» قيد التنفيذ منذ 2003، وقد تأخر بسبب أعطال وتحقيقات بشأن الفساد. ويتضمن المشروع بناء 78 بوابة يمكن رفعها لحماية بحيرة البندقية عند ارتفاع مياه البحر الأدرياتيكي لثلاثة أمتار. لكن محاولة أجريت مؤخراً لاختبار أجزاء من الحاجز أحدثت ارتجاجات أثارت قلقاً، فيما اكتشف المهندسون أن الصدأ لحق بأجزاء منه.


مقالات ذات صلة

عمالقة التكنولوجيا يخطبون ودّ ترمب… بالملايين

الولايات المتحدة​ مؤسس شركة «أمازون» الأميركية العملاقة جيف بيزوس متحدثاً في لاس فيغاس (أ.ب)

عمالقة التكنولوجيا يخطبون ودّ ترمب… بالملايين

اصطف مليارديرات صناعة التكنولوجيا الأميركيون، وآخرهم مؤسس «أمازون» جيف بيزوس، لخطب ود الرئيس المنتخب قبل عودته للبيت الأبيض من خلال تبرعات بملايين الدولارات.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شعار شركة «أمازون» في مركز لوجيستي للشركة في فرنسا - 8 أغسطس 2018 (رويترز)

بعد «ميتا»... «أمازون» ستتبرع بمليون دولار لصندوق تنصيب ترمب

تعتزم شركة «أمازون» التبرُّع بمليون دولار لصندوق تنصيب دونالد ترمب، ضمن خطوات لشركات التكنولوجيا العملاقة لتحسين العلاقة مع الرئيس الأميركي المنتخَب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال جولته في الأمازون (أ.ف.ب)

بايدن في زيارة غير مسبوقة للأمازون

يزور جو بايدن الأمازون ليكون أول رئيس أميركي في منصبه يتوجه إلى هذه المنطقة، في وقت تلوح فيه مخاوف بشأن سياسة الولايات المتحدة البيئية مع عودة دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (أمازوناس)
أميركا اللاتينية أطفال يمشون على شريط رملي في طريقهم إلى المدرسة في مجتمع سانتو أنطونيو في نوفو أيراو، ولاية أمازوناس، شمال البرازيل، 1 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

الجفاف في منطقة الأمازون يعرّض نحو نصف مليون طفل للخطر

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يوم الخميس، إن ندرة المياه والجفاف يؤثران على أكثر من 420 ألف طفل في 3 دول بمنطقة الأمازون.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
الولايات المتحدة​ جيف بيزوس مؤسس شركة «أمازون» (رويترز)

جيف بيزوس يهنئ ترمب على «العودة غير العادية... والنصر الحاسم»

هنأ جيف بيزوس، مؤسس شركة «أمازون»، دونالد ترمب على «العودة السياسية غير العادية والنصر الحاسم» بعد فوز المرشح الجمهوري بالإنتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

خطر احتراري يهدّد الحياة البحرية في «منطقة الشفق»

منطقة الشفق موطن حيوي للحياة البحرية (غيتي)
منطقة الشفق موطن حيوي للحياة البحرية (غيتي)
TT

خطر احتراري يهدّد الحياة البحرية في «منطقة الشفق»

منطقة الشفق موطن حيوي للحياة البحرية (غيتي)
منطقة الشفق موطن حيوي للحياة البحرية (غيتي)

يُحذر العلماء من أن تغير المناخ يمكن أن يقلل بشكل كبير من الحياة في أعمق أجزاء محيطاتنا التي تصل إليها أشعة الشمس، حسب (بي بي سي).
ووفقا لبحث جديد نُشر في مجلة «نيتشر كوميونيكشنز». فإن الاحترار العالمي يمكن أن يحد من الحياة فيما يسمى بمنطقة الشفق بنسبة تصل إلى 40 في المائة بنهاية القرن.
وتقع منطقة الشفق بين 200 متر (656 قدماً) و1000 متر (3281 قدماً) تحت سطح الماء.
وجد الباحثون أن «منطقة الشفق» تندمج مع الحياة، ولكنها كانت موطناً لعدد أقل من الكائنات الحية خلال فترات أكثر دفئاً من تاريخ الأرض.
وفي بحث قادته جامعة إكستر، نظر العلماء في فترتين دافئتين في ماضي الأرض، قبل نحو 50 و15 مليون سنة مضت، وفحصوا السجلات من الأصداف المجهرية المحفوظة.
ووجدوا عدداً أقل بكثير من الكائنات الحية التي عاشت في هذه المناطق خلال هذه الفترات، لأن البكتيريا حللت الطعام بسرعة أكبر، مما يعني أن أقل من ذلك وصل إلى منطقة الشفق من على السطح.
وتقول الدكتورة كاثرين كريشتون من جامعة إكستر، التي كانت مؤلفة رئيسية للدراسة: «التنوع الثري لحياة منطقة الشفق قد تطور في السنوات القليلة الماضية، عندما كانت مياه المحيط قد بردت بما يكفي لتعمل مثل الثلاجة، والحفاظ على الغذاء لفترة أطول، وتحسين الظروف التي تسمح للحياة بالازدهار».
وتعد منطقة الشفق، المعروفة أيضاً باسم المنطقة الجائرة، موطناً حيوياً للحياة البحرية. ويعد التخليق الضوئي أكثر خفوتاً من أن يحدث إلا أنه موطن لعدد من الأسماك أكبر من بقية المحيط مجتمعة، فضلاً عن مجموعة واسعة من الحياة بما في ذلك الميكروبات، والعوالق، والهلام، حسب مؤسسة «وودز هول أوشيانوغرافيك».
وهي تخدم أيضاً وظيفة بيئية رئيسية مثل بالوعة الكربون، أي سحب غازات تسخين الكواكب من غلافنا الجوي.
ويحاكي العلماء ما يمكن أن يحدث في منطقة الشفق الآن، وما يمكن أن يحدث في المستقبل بسبب الاحتباس الحراري. وقالوا إن النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى أن تغيرات معتبرة قد تكون جارية بالفعل.
وتقول الدكتورة كريشتون: «تعدُّ دراستنا خطوة أولى لاكتشاف مدى تأثر هذا الموطن المحيطي بالاحترار المناخي». وتضيف: «ما لم نقلل بسرعة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، قد يؤدي ذلك إلى اختفاء أو انقراض الكثير من صور الحياة في منطقة الشفق في غضون 150 عاماً، مع آثار تمتد لآلاف السنين بعد ذلك».