هدوء في غزة بعد وقف النار

«الجهاد» تقول إنه تضمن إنهاء الاغتيالات... والسلطة تشدد على أن {الحل سياسي فقط}

فلسطينية خلف زجاج مهشم في بيتها بعد غارة إسرائيلية على خان يونس جنوب غزة  (إ ف ب)
فلسطينية خلف زجاج مهشم في بيتها بعد غارة إسرائيلية على خان يونس جنوب غزة (إ ف ب)
TT

هدوء في غزة بعد وقف النار

فلسطينية خلف زجاج مهشم في بيتها بعد غارة إسرائيلية على خان يونس جنوب غزة  (إ ف ب)
فلسطينية خلف زجاج مهشم في بيتها بعد غارة إسرائيلية على خان يونس جنوب غزة (إ ف ب)

نجحت مصر في تثبيت وقف إطلاق نار جديد في قطاع غزة بعد يومين من مواجهة صعبة بين إسرائيل والجهاد الإسلامي خلفت 34 قتيلاً في قطاع غزة ومئات الجرحى وأضراراً وإصابات في إسرائيل.
وأعلن مسؤولون مصريون وفلسطينيون وإسرائيليون وقف النار بدءاً من الساعة الخامسة والنصف بتوقيت القدس، أي بعد نحو 48 ساعة منذ بدء إطلاق النار عقب ضربة جوية قتلت فيها إسرائيل أحد كبار قادة الجهاد الإسلامي.
ووافق الطرفان، (إسرائيل و«الجهاد») على وقف النار وفق اقتراح مصري دعمته الأمم المتحدة، ينص كما يبدو على هدوء يقابله هدوء، ووقف أي هجمات من أي طرف. وأكد مصعب البريم، الناطق باسم الجهاد الإسلامي، التوصل للاتفاق. وقال البريم، إن إسرائيل «رضخت» لشروط حركة الجهاد الإسلامي، وأبرزها وقف الاغتيالات، وكذلك وقف إطلاق النار تجاه المتظاهرين في مسيرات العودة والبدء في إجراءات فك الحصار.
لكن إسرائيل نفت ذلك، وقالت إنها تحتفظ بحق العمل في غزة. وقال نفتالي بينيت، وزير الجيش الاحتلال، إنه ستتم مقابلة الهدوء بالهدوء، وسيواصل الاحتلال العمل في غزة وأي جبهة ما دامت هناك ضرورة. وأكد بينيت، أن إسرائيل لم تلتزم بشيء، وأن لها حرية العمل كاملة من دون أي قيود، لكنها ستعمل وفق قاعدة الهدوء يقابله هدوء. وأضاف أن «الوضع الميداني هو من سيحدد انتهاء جولة القتال من عدمه، وقواعد اللعبة واضحة بأننا سنعمل بحرية كاملة ومن دون قيود».
وقال إسرائيل كاتس، وزير الخارجية الإسرائيلي، لراديو الجيش «الهدوء سيقابل بالهدوء»، نافياً وجود مراجعة أوسع نطاقاً للسياسة. مضيفاً أن عمليات القتل بالاستهداف «لن تتوقف»، وأن «سياسة فتح النار المسؤولة عنها قوات الدفاع الإسرائيلية (على حدود غزة) لن تتغير». وأبدى كاتس رضاه عن عدم انضمام «حماس» للقتال في هذه الجولة.
وقال كاتس، إن عدم انضمام «حماس» إلى جولة التصعيد الحالية، «هو إنجاز لإسرائيل». وأضاف في حديث إذاعي «ربما نشأ نوع من المصالح المشتركة بيننا وبين (حماس)»، مضيفاً أن «عدم مشاركة (حماس)، هو بكل تأكيد نجاح لنا».
وحيدت إسرائيل «حماس» التي لم تتلق ضربات ولم تشارك في المواجهة؛ ما أثار غضباً لدى «الجهاد» وانتقادات شعبية واسعة. ولم تعقب «حماس» على وقف إطلاق النار فوراً.
وعاد الهدوء إلى غزة بعد ليلة صعبة شهدت قتل إسرائيل 8 من عائلة واحدة، كما رفعت إسرائيل القيود التي كانت مفروضة على مناطق واسعة في الجنوب. وانتشلت الطواقم الطبية صباح أمس جثماني طفلين من تحت أنقاض منزل عائلة أبو ملحوس الذي قصف قبل الهدنة بقليل في دير البلح، ليرتفع العدد من العائلة نفسها إلى 8 شهداء.
وأغارت طائرات الاحتلال على منزل أبو ملحوس في مدينة دير البلح في قطاع غزة؛ ما أدى إلى تدمير المنزل بالكامل.
وقال الجيش الإسرائيلي، إنه في هذه الضربة اغتيل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، رسمي أبو ملحوس.
وبذلك، يرتفع عدد الذين قتلتهم إسرائيل في يومين إلى 34 نصفهم تقريباً من المدنيين، في حين تسببت مئات الصواريخ التي أطلقها نشطاء فلسطينيون في إصابة الحياة بالشلل في أنحاء كثيرة من مستوطنات غلاف غزة. وقالت وزارة الصحة، إن 34 شهيداً بينهم 8 أطفال و3 سيدات ارتقوا، وأصيب أكثر من 113، بينهم 46 طفلاً و20 سيدة، في العدوان الإسرائيلي على أبناء شعبنا في قطاع غزة.
وقالت وزيرة الصحة، مي الكيلة، إن ثلث الشهداء، الذين ارتقوا في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وغالبية المصابين من الأطفال والنساء. وأضافت أن نسبة الأطفال والسيدات الشهداء بلغت 32.35 في المائة من مجموع الشهداء، في حين بلغت نسبة الأطفال والسيدات المصابين 59.4 في المائة من مجمل عدد الإصابات.
وأشارت إلى أن هذه الحصيلة المُفزعة تشير إلى أن ارتقاء هؤلاء الشهداء لم يكن خطأ، وإنما هو بفعل إصرار وتعمد مسبقين لدى جيش الاحتلال، ودعت المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته كاملة لحماية أبناء شعبنا وأطفالنا ونسائنا.
وأوضحت، أن عوائل كثيرة تشتت وفُجعت في العدوان الأخير، في حين أبيدت عائلات كاملة، كما حدث مع عائلة أبو ملحوس، التي قضى 8 من أفرادها في قصف إسرائيلي فجر اليوم (أمس).
ومن بين الأطفال الذين قضوا ستة طلاب، في حين تضررت 15 مدرسة نتيجة العدوان الإسرائيلي من بين 115 مبنى.
وشنت إسرائيل نحو 100 غارة وأطلقت «الجهاد» وفصائل أخرى نحو 300 صاروخ.
ورحبت السلطة الفلسطينية بوقف النار. وثمّن حسين الشيخ، وزير الشؤون المدنية وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» جهود مصر في وقف العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة.
وقال الشيخ المقرب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس: «الرحمة لشهداء غزة والشفاء للجرحى، ونوجه التحية لشعبنا العظيم الصابر المرابط، والشكر والتقدير للشقيقة مصر على جهودها في وقف العدوان الإسرائيلي». وأضاف: «على إسرائيل أن تعرف وتدرك أن الحلول الأمنية والعسكرية لن تفضي إلى الأمن والاستقرار، ولا بديل عن الحل السياسي الذي ينهي الاحتلال وللأبد».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».