عون يتوقع ولادة الحكومة «خلال أيام»

قال إن أول أهدافها تلبية مطالب المحتجين

عون مجتمعاً أمس مع وفد الهيئات الاقتصادية (دالاتي ونهرا)
عون مجتمعاً أمس مع وفد الهيئات الاقتصادية (دالاتي ونهرا)
TT

عون يتوقع ولادة الحكومة «خلال أيام»

عون مجتمعاً أمس مع وفد الهيئات الاقتصادية (دالاتي ونهرا)
عون مجتمعاً أمس مع وفد الهيئات الاقتصادية (دالاتي ونهرا)

صدرت أمس عدة مواقف لبنانية توحي بحصول تقدم في المباحثات لتشكيل الحكومة، وأعلن رئيس الجمهورية ميشال عون أن الاتصالات لتشكيلها قطعت شوطاً بعيداً، مؤكداً أن أول أهدافها سيكون تحقيق مطالب المعتصمين، آملاً في إمكانية ولادتها خلال أيام.
وقالت مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك كثيراً من العراقيل ذُللت، والبحث بات يتركَّز على تشكيل حكومة «تكنوسياسية» على أن يكون وزير الخارجية جبران باسيل خارجها، ويترأسها شخص يوافق عليه رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، الذي لا يزال متمسكاً بخيار «حكومة التكنوقراط» كشرط لإعادة تكليفه، وهو ما يرفضه «حزب الله» ورئاسة الجمهورية و«التيار الوطني الحر».
ولفتت المصادر إلى أنه قُدمت للحريري ثلاثة أسماء، من بينها رجل الأعمال وليد علم الدين، الذي شغل سابقاً منصب رئيس لجنة الرقابة على المصارف، بانتظار أن يبدي الموافقة على أحدهم، ومن ثم موافقة «حزب الله» وحركة «أمل»، ما قد يمهِّد لتحديد موعد قريب للاستشارات النيابية.
وأشارت معلومات إلى أن لقاء عُقد مساء أول من أمس بين باسيل ومسؤولين من «حزب الله»، بينما أبلغ باسيل البطريرك الماروني بشارة الراعي أن «التيار الوطني الحر» قدّم كل التسهيلات لتشكيل الحكومة. وأكد أن المهم بالنسبة إلى التيار هو ولادة الحكومة، وتفادي أي خطوة ناقصة قد تدخل البلاد في المجهول، أو تسبب مشكلة يصعب الخروج منها.
أتى ذلك في وقت أمل الرئيس عون في إمكانية ولادة الحكومة خلال أيام، بعد إزالة العقبات أمام التكليف والتأليف. وجاء كلام عون خلال لقاءاته الدبلوماسية والاقتصادية التي عقدها أمس. وشرح عون لسفيري: كندا إيمانويل لامورو، والنرويج ليني ستنزس، والقائم بأعمال السفارة السويسرية سيمون أمان، ما يجري على الساحتين السياسية والأمنية، والظروف التي استجدت خلال الأسابيع الماضية.
وأكد عون للدبلوماسيين: «العمل قائم لمعالجة هذه الأحداث، لا سيما الأوضاع الاقتصادية، وتشكيل حكومة جديدة»، مشيراً إلى أن «المطالب التي رفعها المعتصمون في الساحات هي موضع متابعة، وستكون من أول أهداف الحكومة العتيدة التي نعمل لتتشكل في القريب العاجل».
وقال إن «التعاطي مع المستجدات يتم انطلاقاً من المصلحة الوطنية التي تقتضي التعاون مع الجميع، للوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة، لا سيما أن كثيراً من المطالب التي رفعها المعتصمون سبق أن أحلتها بموجب اقتراحات قوانين إلى مجلس النواب وتبنتها الحكومة قبل أن تقدم استقالتها، ويبقى على مجلس النواب أن يقرها من أجل تسهيل عملية مكافحة الفساد ومحاسبة المرتكبين ورفع الحصانات، وغيرها من الإجراءات الضرورية».
وأعرب الدبلوماسيون الثلاثة عن أملهم «في أن تشهد الأيام الآتية مزيداً من الاستقرار والأمان في لبنان»، ناقلين إليه اهتمام بلدانهم بالأحداث الجارية على الصعيدين السياسي والأمني، إضافة إلى التحركات الشعبية وأصدائها.
كذلك التقى عون وفداً من الهيئات الاقتصادية، ضم رئيسها وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال محمد شقير، وأمينها العام رئيس «جمعية تجار بيروت» نقولا شماس، ورئيس «جمعية الصناعيين اللبنانيين» فادي الجميل، ورئيس «اتحاد المقاولين اللبنانيين» المهندس مارون حلو.
وأكد أمام الوفد أن «الاتصالات في سبيل تشكيل حكومة جديدة قطعت شوطاً بعيداً»، معرباً عن أمله «في إمكانية ولادة الحكومة خلال الأيام المقبلة، بعد إزالة العقبات أمام التكليف والتأليف»، لافتاً إلى «أهمية تعاون الهيئات الاقتصادية في معالجة التداعيات التي نشأت نتيجة الأحداث الراهنة»، مشيراً إلى أن «القوى الأمنية باشرت فتح الطرق، ما يسهل التنقل بين المناطق، ويعيد تحريك العجلة الاقتصادية ولو تدريجياً».
واطلع رئيس الجمهورية من أعضاء الوفد على الظروف التي تمر بها المؤسسات التجارية والصناعية وقطاع المقاولين نتيجة التطورات الأخيرة، والأضرار التي لحقت بفعل قطع الطرق وتعذر التنقل، وتداعيات الاعتصامات على الحركة التجارية، والخسائر المادية التي يعاني منها العاملون في هذه القطاعات. وطالب وفد الهيئات الاقتصادية بـ«الإسراع في تشكيل حكومة جديدة ذات مصداقية، للانصراف إلى معالجة الأوضاع الحياتية الراهنة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.