التواصل بينك وبين شريكة حياتك يساعد كثيراً في إفساح الطريق للسعادة والصحة كي يتسللا إلى حياتكما... ربما كنت تناولت حديثك الجنسي الأول في مرحلة الشباب، ولكن الآن وبعد أن تجاوزت ذلك، حان الوقت لحديث آخر ومختلف تماماً.
تقول الدكتورة شارون بوبر، مديرة برنامج الصحة الجنسية لدى معهد دانا فاربر للسرطان الملحق بجامعة هارفارد: «يمر الرجال والنساء بجميع أشكال التغييرات الجسدية والعاطفية مع التقدم في العمر، تلك التي يمكن أن تؤثر سلباً وإيجاباً على حياتهم الجنسية وعلى علاقاتهم كذلك. وربما تُضفي هذه التغييرات قدراً لازماً من الحرج، أو قد يصعب كثيراً الحديث عنها. ولكن التواصل بشأن هذه التغييرات لديك - ولدى شريك الحياة الآخر - يساعد كثيراً في إيجاد الحلول والأرضية المشتركة مع دخولهما إلى مرحلة جديدة وغير مسبوقة من حياتهما الجنسية».
تغيرات مختلفة
يمر الرجال والنساء بتغيرات جنسية مختلفة مع التقدم في العمر، تلك التي قد تؤدي إلى سوء فهم عميق لدى كلا الشريكين.
على سبيل المثال، يلحظ الرجال في المعتاد تدني مستويات الطاقة والنشاط الجنسي لديهم مع انخفاض الرغبة الجنسية، وبعض مشاكل ضعف الانتصاب عند المقارنة بما كانت عليه الأحوال في مرحلة الشباب. كما يمكنهم الشعور بحالة من الخجل الذاتي إزاء أجسادهم التي زحف عليها جليد الشيخوخة البارد.
وقد يدفعهم ذلك لتدني الثقة في الذات بشأن الأداء الجنسي، وإثارة القلق والتوتر أن شريكة الحياة الحالية - أو ربما المحتملة - لن تجده جذاباً أو مثيراً. تقول الدكتورة بوبر: «يجب على الرجال إدراك أن الطرف الآخر في العلاقة الشخصية قد يعاني هو الآخر من مشاعر مماثلة بشأن أنفسهم».
أما بالنسبة إلى النساء اللاتي تجاوزن مرحلة انقطاع الطمث، قد تكون العلاقة الجنسية أقل ارتياحاً، حيث يتعين عليهن التعامل مع مشكلات الجفاف المهبلي وما يصاحب تلك المرحلة العمرية من تغيرات جسدية لازمة. ومما يُضاف إلى ذلك، فإن العقاقير شائعة الاستخدام في تلك المرحلة العمرية، ولا سيما مضادات الاكتئاب وعقاقير علاج التوتر، من شأنها التأثير على الرغبة الجنسية لدى النساء. وكل ما تقدم يجعل المرأة أكثر ميلاً لتجنب العلاقة الحميمية عن ذي قبل، كما أشارت الدكتورة بوبر.
تتابع الدكتورة بوبر كلامها لتقول: «يفسر الرجال الأمر في الغالب بأنه رفض شخصي للعلاقة أو كتصريح عن فقدانهم الفعلي للجاذبية، في حين أن ذلك قد يجانبه الصواب تماماً»، فهذا النوع من سوء فهم الواقع يغذي الدورة السلبية الباهتة التي يفترض كل طرف فيها أن الآخر يرغب تماماً في الانسحاب. ويؤدي ذلك إلى تسلل مشاعر الرفض واتساع المسافة الفاصلة جسديا وعاطفيا ونفسيا، في حين يكون الشريكان في حاجة حقيقية وماسة إلى التقارب والتواصل والتفاعل، ولكن مع الجهل التام عن كيفية تنفيذ ذلك وأساليب المضي قدماً.
التجديد الجنسي
الاستكشاف هو من أجزاء المرحلة الجنسية الجديدة لديك، ويتعلق بأساليب التواصل الممتعة والتقارب الوثيق مع الطرف الآخر. وهناك بعض الاقتراحات من الدكتورة شارون بوبر، منها:
* حاول المواعدة مع شريك الحياة من جديد. افعلا شيئا جديدا سوياً. على سبيل المثال، اشتركا في نشاط مشترك جديد، أو هواية مثل الرقص أو الرسم، أو القيام برحلة مسائية تلقائية من دون تخطيط مسبق، فهذه الأمور توفر شعوراً بالإثارة يمكنه أن يزيد من التقارب بينك وبين شريك الحياة سوياً.
* التركيز على المناحي الحسية وليست الجنسية فحسب. حاولا تخصيص المزيد من الوقت لاستعادة اللحظات الحارة مثل التعانق، والتقبيل، واستكشاف أجساد بعضكما البعض من جديد في محاولة لبلوغ اللقاء الحميم.
* حاولا تغيير الروتين المتبع سالفا. مثل تجريب المداعبات الجسدية الخفيفة والمتنوعة، وجلسات المساج الهادئة، أو ممارسة العلاقة الخاصة في أوقات غير معتادة. إن مجرد الحديث سوياً عن الطرق المختلفة لتغيير الروتين المعتاد يمكن أن يكون من بواعث الارتياح والمتعة فيما بينكما، كما تقول الدكتورة بوبر.
توقعات رائعة
إن الأحاديث الصريحة والمباشرة والمفتوحة حول العلاقة الجنسية مع شريكة حياتك، حيث يمكن لكل منكما الحديث بكل أريحية عن العقبات الجسدية، أو العاطفية، أو الجنسية من دون افتراضات مسبقة لما قد يفكر فيه أو يظنه الطرف الآخر، هي أفضل الطرق قاطبة في كسر هذه الحلقة السخيفة المفرغة.
تقول الدكتورة بوبر: «اعتبروها فرصة جديدة لتحريك العلاقة الشخصية بينكما خطوة واحدة إلى الأمام وإلى مستوى جديد. ليس من السهل في الغالب الحديث حول الجنس حتى مع شريكة الحياة، ولكن ذلك الحديث في حد ذاته يرفع الكثير من الضغوط النفسية والعاطفية الثقيلة بشأن المشكلة حتى يتمكن كلا الشريكين من البدء في العمل سوياً على حلها والتخلص منها».
كيف يمكن البدء في الحديث عن الجنس؟
> تقترح الدكتورة بوبر وضع إطار إيجابي للحديث بينكما عن طريق البدء بشيء مثل: «أود العثور على طرق فعلية لعودة الاتصال بيننا بما يبعث الارتياح والهدوء في حياتنا معاً». كما أن من المهم أيضاً البدء في الحديث بتوضيح أنك تريد فعلاً الاستماع إلى شكاوى شريكتك والتعرف على مكنونات نفسها وما يعتمل في داخلها. على سبيل المثال: «سوف يكون من الرائع إن أخذنا بعض الوقت للحديث عن حياتنا الجنسية، وافتقادنا للتقارب الجسدي، ومدى ما يساورك من تساؤلات ومشاعر وأحاسيس حيال ذلك».
ضع في الحسبان أن أهمية الجنس في الحياة لا تقل عن أهمية التغذية، والتمارين الرياضية، وغير ذلك من جوانب الحياة الأخرى التي لا بد من الاهتمام بها تماماً سواء بسواء، حتى يمكن الاستمرار في المحافظة على نمط الحياة الصحية السليمة. وتقول الدكتورة بوبر أخيراً: «تتطور الحياة الجنسية مثل تطور كل شيء من حولنا، ويمكن أن ينالها التحسين مع مرور الوقت، ولكن ينبغي على الشركاء أولاً العمل على فهمها وإجراء التغييرات اللازمة وفق ما تقتضيه الظروف. ويبدأ الأمر برمته من خلال الاعتراف الصادق بالتغييرات الطارئة على حياتنا والحديث الصريح عنها مع شريك الحياة من دون خجل أو مواربة».
* رسالة هارفارد
«مراقبة صحة الرجل»،
خدمات «تريبيون ميديا»