تتويج طالبة سودانية ومدرسة سعودية بجائزتي «تحدي القراءة» و «المتميزة»

الشيخ محمد بن راشد والطالبة هديل أنور خلال الإعلان عن فوزها بطلة لـ«تحدي القراءة العربي» (وام)
الشيخ محمد بن راشد والطالبة هديل أنور خلال الإعلان عن فوزها بطلة لـ«تحدي القراءة العربي» (وام)
TT

تتويج طالبة سودانية ومدرسة سعودية بجائزتي «تحدي القراءة» و «المتميزة»

الشيخ محمد بن راشد والطالبة هديل أنور خلال الإعلان عن فوزها بطلة لـ«تحدي القراءة العربي» (وام)
الشيخ محمد بن راشد والطالبة هديل أنور خلال الإعلان عن فوزها بطلة لـ«تحدي القراءة العربي» (وام)

أنهى «تحدي القراءة العربي» دورته الرابعة بتحقيق رقم قياسي في المشاركات، وصل إلى 13.5 مليون طالب، شاركوا من 49 دولة من الوطن العربي ومن الدول غير العربية التي تقيم فيها جاليات عربية، على المنافسة للظفر بالجائزة التي تصل إلى 500 ألف درهم (136 ألف دولار).
وشاركت 67 ألف مدرسة من القطاعين العام والخاص، ضمن مراحل دراسية مختلفة، وأكثر من 99 ألف مشرف ومشرفة، من معلمين ومعلمات.
وتوّج الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الطالبة السودانية هديل أنور، بطلة لـ«تحدي القراءة العربي» في دورته الرابعة، أول من أمس، وذلك في حفل أُقيم في دبي بعد منافسة مع خمسة طلاب في المرحلة النهائية.
وقالت هديل أنور الفائزة بالتحدي إن جميع المتنافسين كانوا على مستوى متقارب جداً، مشيراً إلى أنهم جميعاً كانوا جيدين في اللغة العربية والقواعد النحوية، إلا أن ما يميزها طرحها لقضيتها والتحدث عنها، كما أنها استخدمت العاطفة عند التحدث عن القضية.
وأضافت هديل في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنها اكتسبت حب القراءة من البيئة المحيطة، وهما والدها والدتها، اللذان كانا يقرآن دائماً، مما أحاطها بالكتب من كل جهة، وهذا ما أهّل فيها حب القراءة، مشيرة إلى أنها تقسّم أوقات السنة لتستطيع قراءة أكبر قدر من الكتب.
وقالت: «قرأت حتى اليوم ما يقارب 776 كتاباً في مختلف العلوم، وأود أن اوصلها إلى 1000 كتاب». وتمكّنت الطالبة هديل أنور من السودان من حسم لقب «بطلة تحدي القراءة العربي» 2019. بعد منافسات قوية مع المتأهلين الأربعة الآخرين للنهائيات.
وجاء فوز هديل باللقب بعدما أظهرت تمكناً في الإجابة عن سؤال لجنة التحكيم، مُظهِرةً قدرة استثنائية في التعبير عن أفكارها بطلاقة واقتدار، وبلغة عربية سليمة، وهو ما دفع جمهور قاعة الاحتفال إلى منحها نسبة التصويت الأعلى بين المتنافسين الخمسة، التي أسهمت مع التقييم المرتفع الذي حصلت عليه من لجنة التحكيم في حسم اللقب لصالحها، إلى جانب التقييم التراكمي الذي نالته، من خلال أدائها المتميز في برنامج «تحدي القراءة العربي» على مدى سبعة أسابيع من خوض اختبارات وتحديات متنوعة.
وبالعودة إلى الطالبة الفائزة بالتحدي التي أكدت أنها تتمنى أن تكون في المستقبل كاتبة وطبيبة في الوقت ذاته، حيث تتطلع إلى أن تكون متخصصة في جراحة المخ والأعصاب، مشيرة إلى أن رسالتها إلى الطلاب العرب في أهمية تعلم القراءة المثمرة، وهي التي ستمكّن من وجهة نظرها الأمة العربية من النهوض، وتوحيد الشعوب والتسامح بينهم.
وكان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قد كرّم مدرسة الإمام النووي من السعودية، التي حازت لقب «المدرسة المتميزة» في النسخة الرابعة من «تحدي القراءة العربي» 2019. وفازت بجائزة المليون درهم (272.2 ألف دولار) فيما منح أميرة نجيب من مصر جائزة «المشرف المتميز»، البالغة قيمتها 300 ألف درهم (81.6 ألف دولار)، كما كرَّم وتوّج أيضاً الطالب محمود بلال من السويد بطلاً لـ«تحدي القراءة العربي» عن طلاب الجاليات من العرب المقيمين خارج الوطن العربي، ونال جائزة قيمتها 100 ألف درهم (27.2 ألف دولار).
وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل الطلبة الفائزين والمشاركين في الدورة الرابعة من تحدي القراءة العربي، مؤكداً أن العالم العربي هو الفائز الحقيقي بـ«أبطال تحدي القراءة العربي»، وقال: «فائز بشغفهم بالمعرفة، وحرصهم على أن يكونوا دعامات لمستقبل أمتهم المزدهر، أبطال تحدي القراءة هم أمل منطقتنا العربية بالمساهمة الفعالة في مسيرة الإنسانية نحو التقدم».
وأضاف: «نحن فائزون بشبابنا العربي القارئ، فائزون بالأمل الذي يزرعونه في أوطاننا، شبابنا يبرهنون على أن المنطقة العربية قادرة على استئناف تاريخها العريق في إنتاج المعرفة والعلم لخير البشرية».
وتابع: «كل مشارك ومشاركة في (تحدي القراءة العربي) من بين 13.5 مليون طالب وطالبة مشروع للمستقبل يزرع الأمل لغد مشرق»، مشيراً إلى أن «مهمتنا أن نرعى أبطال القراءة، وأن نستثمر فيهم وندعمهم، ليكونوا قدوة لعشرات الملايين من الشباب داخل الوطن العربي وخارجه».
وقال: «القراءة بداية الطريق لمستقبل أفضل قائم على العلم والمعرفة... والأمم التي تقرأ تمتلك زمام التقدم»، وأوضح أن «الأمة العربية قادرة بأبنائها الطموحين والمثابرين والمتسلّحين بالعلم والمعرفة على استعادة المكانة التي تستحقها بين الأمم».
وكانت دورة عام 2019 تحولت فيها التصفيات ما قبل النهائية إلى برنامج تلفزيوني يجمع بين برامج المسابقات وتلفزيون الواقع، وشارك فيه 16 بطلاً متوجاً بلقب «بطل تحدي القراءة العربي» في 14 بلداً عربياً.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».