قد يكون سباق الفضاء من أهم جوانب الحرب الباردة، التي دارت بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي، وذلك منذ إطلاق الأخير قمره الصناعي «سبوتنيك 1» في عام 1957. من يومها، زاد الاستثمار الفيدرالي في الصناعات الأميركية الخاصة، المعنية بالتطور الفضائي، ما سمح للولايات المتحدة باللحاق بإنجازات السوفيات.
اشتدت المنافسة في ستينات القرن الماضي، ورغم أن السوفيات كان لهم الانتصار الأول بإرسال أول إنسان إلى الفضاء، فإن أميركا هي التي استطاعت أن يهبط رائدها على سطح القمر.
في العقود التي تلت، وخلال الثمانينات تحديداً، هيّمنت الولايات المتحدة عسكرياً وتكنولوجياً جراء استثماراتها المهولة في تلك المجالات. الأمر الذي وثّقته أعداد أرشيفية من صحيفة «الشرق الأوسط».
ففي 12 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1980، استطاعت مركبة «فوياجر 1» الفضائية الأميركية التحليق بالقرب من كوكب زحل، والتقاط صور واضحة لحلقاته. وفي اليوم التالي لهذا الإنجاز، نشرت «الشرق الأوسط» مقالاً تحليلياً تحت عنوان «سباق الفضاء بين الدولتين الكبريين... هل دخل عهداً جديداً؟». وقالت: «إلى يومنا هذا، لم تبلغ أي مركبة فضائية سوفياتية من الدقة في وسائل التحكم والتقدم التكنولوجي ما بلغته مركبات (أبوللو) الأميركية، التي مكنت الإنسان من الهبوط على سطح القمر». وفي المقابل، أضافت أن «الولايات المتحدة كانت وما زالت تحصر جهودها في تطوير مركبتها الفضائية الجديدة التي تعرف بالمكوك الفضائي، وهي التي يمكن إطلاقها إلى الفضاء وإعادتها إلى الأرض مرة تلو الأخرى».
وبالفعل، بعد عام بالضبط انطلق المكوك «كولومبيا» إلى الفضاء، واحتل حيزاً في الصفحة الأولى من عدد «الشرق الأوسط» الصادر في 13 نوفمبر عام 1981. وقال الخبر: «انطلق المكوك الفضائي كولومبيا في الساعة العاشرة و10 دقائق بالتوقيت المحلي، من مركز الفضاء (كيب كانفيرا) بولاية فلوريدا، حاملاً رائدي الفضاء جو إنجل وريتشارد ترولي». وأضاف: «هذه هي المرة الأولى في تاريخ رحلات الفضاء التي يعاد فيها استخدام مركبة فضائية مرة أخرى... حيث تمت الأولى في أبريل (نيسان) الماضي». وفي صفحة داخلية من العدد ذاته، نشر خبر عن قرار لوكالة الفضاء الأميركية بتكثيف نشاطات المكوك.
«الشرق الأوسط» واكبت خبر انتهاء الرحلة بنجاح أيضاً، في عددها الصادر يوم 16 نوفمبر من العام ذاته. ونشرت صورة على صفحتها الأولى توثق لحظة ملامسة عجلات «كولومبيا» أرض قاعدة إدواردز العسكرية في كاليفورنيا.
التطور التكنولوجي الأميركي أربك السوفيات. إذ تضمن عدد الصحيفة ذاته قراءةً لتقرير نشر في مجلة «نيوزويك» الأميركية، تحت عنوان «الاتحاد السوفياتي يكثف نشاطات عملائه وجواسيسه داخل الولايات المتحدة». وكشف التقرير حينها أن السوفيات أقاموا شبكة من المحامين، تسمح لهم بالنضال القانوني ضد القيود التي تمس الصادرات التكنولوجية الأميركية المتقدمة إلى الاتحاد السوفياتي ودول حلف وارسو. كما أشار إلى أن «3 إدارات من جهاز (كي جي بي) تعمل في الولايات المتحدة، ويختص قسم (تي) التابع للإدارة الأولى بجمع المعلومات التكنولوجية الأميركية المتقدمة».
«كولومبيا»... مكوك الولايات المتحدة الذي فاز في سباق الفضاء
أرشيف «الشرق الأوسط» يوثق الرحلة وتداعياتها على الحرب الباردة
«كولومبيا»... مكوك الولايات المتحدة الذي فاز في سباق الفضاء
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة