وفاة غامضة في إسطنبول لبريطاني أسس «الخوذ البيضاء»

صورة أرشيفية لجيمس لومسوريه البريطاني مؤسس منظمة «ماي داي رسكيو» (أ.ب)
صورة أرشيفية لجيمس لومسوريه البريطاني مؤسس منظمة «ماي داي رسكيو» (أ.ب)
TT

وفاة غامضة في إسطنبول لبريطاني أسس «الخوذ البيضاء»

صورة أرشيفية لجيمس لومسوريه البريطاني مؤسس منظمة «ماي داي رسكيو» (أ.ب)
صورة أرشيفية لجيمس لومسوريه البريطاني مؤسس منظمة «ماي داي رسكيو» (أ.ب)

عثر على مدير أبرز منظمة داعمة للخوذ البيضاء (الدفاع المدني العامل في مناطق المعارضة في سوريا)، ميتاً الاثنين في إسطنبول، وفق ما أكد مكتبه.
وبحسب معلومات نشرت في الصحافة، فقد عثر عليه ميتاً باكراً الاثنين عند أسفل العمارة حيث يقطن، وتبيّن وجود كسور في رجليه وفي الرأس. وأكد مكتب والي إسطنبول وفاة جيمس لومسوريه، مشيراً إلى فتح تحقيق لتحديد الأسباب، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ونقلت «رويترز» عن أحد جيران لومسوريه، أن مؤسس منظمة (ماي داي رسكيو) عثر عليه ميتاً في وقت مبكر من الصباح قرب منزله في حي باي أوغلو في وسط إسطنبول.
وقال مصدر أمني للوكالة، إن هناك اعتقاداً بأن لومسوريه سقط من شرفة مسكنه الذي يتخذه مكتباً، وإنه يجري التعامل مع وفاته على أنها قد تكون انتحاراً. وقال شخص ثالث وهو دبلوماسي إن ملابسات وفاته غير واضحة.
وقال المصدر الأمني إن زوجة لومسوريه قالت للشرطة إنها وزوجها تناولا حبوباً منومة نحو الساعة الرابعة صباحاً. وأضاف المصدر أن الزوجة قالت أيضاً إنها استيقظت في وقت لاحق بعد طرقات على الباب لتكتشف أن زوجها ممدد في الشارع وأن الشرطة تحيط به.
وأعربت الخوذ البيضاء على حسابها في «تويتر» عن «الحزن والأسى» لوفاة لومسوريه، لافتة إلى أنّ «جهوده الإنسانية (...) سيتذكرها السوريون دائماً».
ونُسب إلى الخوذ البيضاء التي تعرف رسمياً باسم الدفاع المدني السوري الفضل في إنقاذ الآلاف في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا خلال سنوات من قصف قوات النظام السوري والقوات الروسية لهذه المناطق في إطار الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من 8 سنوات.
وكانت وزارة الخارجية الروسية قالت على حسابها في موقع «تويتر»، إنّ لومسوريه «العميل السابق في جهاز أم. آي6 (الاستخبارات البريطانية) لديه علاقات مع مجموعات إرهابية». ويقول أعضاء الخوذ البيضاء إنهم محايدون بينما يصفهم الرئيس السوري بشار الأسد ومؤيدوه بأنهم أدوات للدعاية للغرب والمعارضة التي يقودها إسلاميون. وحصد فيلم عن الخوذ البيضاء جائزة الأوسكار عام 2017 عن فئة أفضل فيلم وثائقي قصير.
وبدأت (ماي داي رسكيو)، وهي منظمة غير هادفة للربح، عملياتها في عام 2014 وأسست مكتبا في إسطنبول في عام 2015 لدعم مشروعها في سوريا. ويقول موقعها على الإنترنت إن الأمم المتحدة وحكومات مختلفة تمول مشروعاتها. ولم ترد (ماي داي رسكيو) على رسالة بالبريد الإلكتروني للاستفسار عن لومسوريه.
ووافق الرئيس الأميركي دونالد ترمب على مساعدة بقيمة 4.5 مليون دولار للخوذ البيضاء في 22 أكتوبر (تشرين الأول).
ومنحت الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا لومسوريه وهو ضابط سابق في الجيش البريطاني وسام رتبة الإمبراطورية البريطانية في عام 2016 للخدمات التي قدمها للدفاع المدني السوري وحماية المدنيين في سوريا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.