روسيا الخاسر الأكبر مع بقاء النفط عند 90 دولارا

روسيا الخاسر الأكبر مع بقاء النفط عند 90 دولارا
TT

روسيا الخاسر الأكبر مع بقاء النفط عند 90 دولارا

روسيا الخاسر الأكبر مع بقاء النفط عند 90 دولارا

يبدو أن الخاسر الأكبر من الهبوط الحالي في أسعار النفط وبقائها عند مستويات 90 دولارا للبرميل هي روسيا التي من المحتمل أن يواجه اقتصادها البالغ حجمه تريليوني دولار ركودا وأن تواجه ميزانيتها عجزا حادا إذا ما بقيت الأسعار على ما هي عليه مزيدا من الأشهر.
وليس انخفاض أسعار النفط وحده ما سيؤثر على الاقتصاد الروسي، فحتى انخفاض سعر عملتها الروبل أمام الدولار سيكون مؤثرا كذلك. وانخفض سعر الصرف هذا الأسبوع إلى أدنى مستوى تاريخي له قبل أن يتحسن قليلا يوم أمس مع تراجع الدولار ليستقر سعر الصرف عند 40 روبلا مقابل الدولار.
والاقتصاد الروسي شديد التأثر بتقلبات أسعار النفط الذي يباع بالدولار الأميركي وبتقلبات عملتها الروبل أمام الدولار. إذ أن هبوط سعر النفط بمقدار دولار واحد للبرميل يفقد ميزانية روسيا إيرادات قدرها 2.1 مليار دولار (80 مليار روبل تقريبا) وارتفاع سعر الصرف أمام الدولار بمقدار روبل واحد يزيد من دخلها 200 مليار روبل، بحسب تصريحات نشرتها وكالة بلومبرغ لرئيس التخطيط في وزارة المالية الروسية ماكسيم اورشيكن.
وتسبب الهبوط الحالي في أسعار نفط برنت إلى أدنى مستوى له في 27 شهرا بنوع من الضيق للحكومة الروسية لأن ميزانيتها تحتاج أن يبقى سعر نفط خام الأورال عند مستوى 100 دولار أو أعلى حتى لا تسجل عجزا ويستمر اقتصادها في النمو، بحسب تصريحات لمسؤولين روس في وزارة المالية.
وتسعر‏ روسيا خام الأورال الذي تبيعه على أساس أسعار خام برنت، ولهذا فإن أي هبوط في برنت يعني هبوطا في سعر بيع الأورال كذلك. وهبطت أسعار خام الأورال تحت 100 دولار بين منتصف أغسطس (آب) ومنتصف سبتمبر (أيلول) لتبلغ في المتوسط 98 دولارا للبرميل بحسب تقديرات لوزارة المالية نشرتها وكالة بلومبرغ. وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2012 التي يبقى فيها الأورال تحت 100 دولار لمدة 4 أسابيع، كما تقول وزارة المالية. ولكن حتى بقاء النفط عند 100 دولار قد لا يكفي الاقتصاد الروسي للنهوض في العام القادم نظرا للحظر المفروض عليها من قبل الغرب نتيجة دورها السياسي في أوكرانيا.
وبسبب الحظر انقطعت مصادر التمويل الخارجي وسيصبح من الصعب جدا أن تتحصل البنوك الروسية على نقد أجنبي يكفي من المصارف الغربية، وهو ما جعل تتيانا أورلوفا الاقتصادية في رويال بنك أوف اسكوتلند تتوقع أن يشهد اقتصاد روسيا ركودا حتى مع بقاء سعر الأورال عند 110 دولارات للبرميل.
وبحسب ما ذكره مسؤول وزارة المالية أوريشكن فإن روسيا خططت ميزانيتها للعام القادم على أساس سعر نفط قدره 96 دولارا، ومع هذا من المتوقع أن تشهد عجزا في الميزانية قدره 0.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. ووصلت أسعار نفط برنت أمس إلى 90 دولارا للبرميل أي أقل بكثير من الأسعار الذي تحتاجها روسيا لميزانيتها.
وكان وزير المالية الروسي أنطون سلوانوف قد قال الشهر الماضي إن ميزانية روسيا التي أقرت حديثا تستند إلى تنبؤات متفائلة لإجمالي الناتج المحلي وكذلك أسعار مرتفعة للنفط الأمر الذي يقتضي من الحكومة أن تسعى جهدها لتحقيق معدلات النمو المتوقعة.
وقد تم الشهر الماضي إقرار ميزانية الأعوام 2015 - 2017 وهي أكثر ميزانيات روسيا تمسكا بضبط الإنفاق منذ الأزمة المالية العالمية. وتتضمن الميزانية توقعات أن يبلغ معدل نمو إجمالي الناتج المحلي 1.2 في المائة العام القادم و2.2 في المائة و3 في المائة في العامين التاليين.
وقد تباطأ نمو الاقتصاد الروسي هذا العام فيما يعزى جزئيا إلى تدفقات رأس المال الكبيرة الخارجة من البلاد والعقوبات التجارية والمالية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ردا على دور موسكو في أوكرانيا.
ويعتقد الكثير من المحللين أن العقوبات التي فرضها الغرب والولايات والمتحدة على الاقتصاد الروسي وعلى قطاعها النفطي سيكون لها دور كبير في التأثير عليها إلا أن هبوط أسعار النفط سيكون له الدور الأكبر، فالاقتصاد الروسي قائم على النفط بصورة أساسية والحكومة الروسية يأتي أغلب دخلها من القطاع النفطي.
والقطاع النفطي هو ما يحرك الاقتصادي الروسي الآن بعد تراجع القطاع غير النفطي حيث قالت النائب الأول لوزير المالية الروسية تتيانا نيتسيرنكو على حسابها في «فيسبوك» الشهر الماضي أن اعتماد روسيا على النفط زاد كثيرا في عام 2013. وتقول نيتسيرنكو أن قيمة العجز في القطاع غير النفطي بلغ 10.3 في المائة من الناتج المحلي في 2013.
ومع الحظر الغربي بدأت روسيا في تحسين علاقاتها مع الصين حتى تضمن زبونا مهما لنفطها وهذا الأمر بدا واضحا في زيادة الشحنات في الأشهر الأخيرة إلى الصين وهو الأمر توقع محللون استمراره باقي العام وقد يمتد إلى العام القادم ما لم يكن هناك تباطؤ في الطلب المحلي الصيني على النفط.
وزادت واردات الصين من النفط الروسي بنحو 23.8 في المائة خلال الفترة بين يناير (كانون الثاني) وأغسطس من العام الجاري بحسب بيانات رسمية صينية قامت «الشرق الأوسط» بتحليلها.
ومن المحتمل أن يتضرر القطاع النفطي الروسي من جراء العقوبات الغربية إذ اضطرت شركات مثل اكسون موبيل وبي بي أن تعلق أنشطتها في روسيا بطلب من الحكومات الغربية. وفي حديثه مع «الشرق الأوسط» يقول روبن ميلز رئيس الاستشارات في شركة المنار للطاقة بأن انسحاب الشركات الغربية من روسيا سيؤثر كثيرا على خطط البلاد للإنتاج من مكامن النفط الصخري.
ويضيف: «أكثر الشركات خبرة في إنتاج النفط الصخري الذي يعتمد على التكسير الهيدروليكي هي الشركات الأميركية ومن دونها سيكون من الصعب على الروس أن ينتجوا من هذه المكامن. ولكن بإمكان شركات الحفر الروسية أن تتدرب على التكسير الهيدروليكي في الحقول التقليدية وتتمرس عليها خلال الوقت».



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».