«النهضة» التونسية تتمسك برئاسة الحكومة

تدفع بالغنوشي لرئاسة البرلمان

TT

«النهضة» التونسية تتمسك برئاسة الحكومة

لم يحفل مجلس شورى حركة «النهضة»، خلال اجتماعه أمس، بدعوات الرفض التي أطلقتها الأحزاب الفائزة في الانتخابات البرلمانية التي تطالب بعدم الموافقة على ترؤس النهضة للحكومة المقبلة، ورفض التحالف معها. وأعلن المجلس من جديد وفي ظل انسداد أفق المشاورات في مرحلتها الأولى، عن تمسكه بتعيين رئيس للحكومة من قيادات الحركة، بالإضافة إلى ترشيح راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان الجديد الذي يعقد أولى جلساته يوم الأربعاء.
وإثر تدخل أكثر من 70 عضواً، من إجمالي 150 يمثلون مجلس شورى حركة النهضة، وتقديم معلومات حول النتائج السلبية للمفاوضات السياسية التي أجرتها الحركة المكلفة دستورياً بقيادة المفاوضات لتشكيل الحكومة باعتبارها الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية (52 مقعداً)، تمسكت أغلب التدخلات بخيار رئاسة الحكومة، وبررت ذلك بضرورة «تحمل المسؤولية أمام التونسيين وتنفيذ الوعود الانتخابية التي قطعتها النهضة على نفسها». وعبر عدد من أعضاء مجلس الشورى عن استعداد الحركة لانتخابات برلمانية مبكرة في حال تمسكت الأطراف السياسية المرشحة للمشاركة في الائتلاف الحاكم، برفض رئاسة النهضة للحكومة. وفي المقابل، دعا بعض أعضاء مجلس الشورى إلى التنازل عن رئاسة الحكومة وفتح آفاق جديدة للحوار مع الساحة السياسية.
وقد تسعى النهضة، إثر فشل جلسات التفاوض في مرحلتها الأولى، إلى إقصاء كل من التيار الديمقراطي الذي يتزعمه محمد عبو (21 مقعداً برلمانياً) وحركة الشعب (16 مقعداً برلمانياً) بزعامة زهير المغزاوي، من المشاركة في الائتلاف الحاكم. وفي المقابل، فإن أبواب الحوار قد تفتح مع أطراف سياسية أخرى من بينها حزب «قلب تونس» (38 مقعداً) الذي يقوده نبيل القروي المرشح السابق للرئاسة. ويستند حزب النهضة على الدعم الكبير الذي يلقاه من ائتلاف الكرامة الذي يقوده سيف الدين مخلوف (21 مقعداً)، علاوة على المساندة التي قد يلقاها من حركة «تحيا تونس» (14 مقعداً) وهو ما يجعل الحكومة التي ستعرضها النهضة لنيل ثقة البرلمان تحصل على نحو 125 مقعداً برلمانياً، وهو عدد يفوق الأغلبية المطلقة المطلوبة، إذ تتطلب عملية نيل الثقة 109 أصوات من إجمالي 217 نائباً في البرلمان.
ولا يمنح الدستور التونسي حركة النهضة سوى أسبوع واحد ينتهي يوم الجمعة المقبلة، لتقديم من سيتولى رئاسة الحكومة وتكليفه رسمياً من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد. وقال خالد البارودي، المحلل السياسي، إن حركة النهضة باتت أمام 3 خيارات صعبة للخروج من المأزق السياسي، وهي: تمسكها برئاسة الحكومة باعتباره حقاً دستورياً ومواجهة احتمال العزلة السياسية، أو التنازل عن رئاسة الحكومة وترشيح أحد الوجوه السياسية التي عملت مع النهضة في السابق وتأمن لها، أو الخيار الثالث وهو أضعفها ويتمثل في اختيار مرشح من خارج حركة النهضة. وتشير تقارير وتسريبات إعلامية إلى أن حركة النهضة ستنتظر انعقاد الجلسة الافتتاحية لمجلس نواب الشعب (البرلمان) التي ستنعقد الأربعاء، لترشح راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان، وهو يحظى بفرصة كبيرة للفوز. وفي هذه الحالة فإن حركة النهضة قد تتنازل عن رئاسة الحكومة بشرط ترشيح شخصية لا تهدد مصالحها السياسية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.