عبور نادر لعطارد أمام الشمس اليوم

ظاهرة تحدث كل 13 عاماً

عبور عطارد أمام الشمس لن يتكرّر إلّا بعد 13 عاماً (ناسا)
عبور عطارد أمام الشمس لن يتكرّر إلّا بعد 13 عاماً (ناسا)
TT

عبور نادر لعطارد أمام الشمس اليوم

عبور عطارد أمام الشمس لن يتكرّر إلّا بعد 13 عاماً (ناسا)
عبور عطارد أمام الشمس لن يتكرّر إلّا بعد 13 عاماً (ناسا)

يقدم كوكب عطارد اليوم، عرضاً سماوياً نادراً لمدة خمس ساعات ونصف الساعة تقريبا، حيث يتجول أمام الشمس في معظم أنحاء العالم. وسيكون أصغر الكواكب في النظام الشمسي، أشبه بنقطة سوداء صغيرة في هذه الظاهرة، التي تبدأ في الساعة 12:35 صباحاً بتوقيت غرينيتش، وتصل إلى الذروة الساعة 3:19 مساء بنفس التوقيت، وتنتهي الساعة 06:04 مساءً.
وتقول «الجمعية الفلكية الملكية» في إنجلترا في بيان أصدرته في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، إنّ هذه الظاهرة تتكرّر كل 13 عاما، وكان عبور عطارد في 2006 الأطول خلال القرن الحالي بعد عبور عام 1970، حيث استغرقت كافة مراحله سبع ساعات، بينما ستستغرق مراحل العبور اليوم خمس ساعات ونصف الساعة تقريبا.
ويشير بيان الجمعية، إلى أنّ «هذا الحدث الفلكي المهم سيكون مرصودا في أميركا الجنوبية وأميركا الوسطى وأجزاء من أميركا الشمالية والمكسيك وأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، وستكون أفضل المواقع لرؤية كافة مراحل العبور في شرق الولايات المتحدة وأميركا الوسطى وأميركا الجنوبية، في حين أنّ غياب الشمس في جميع الدول العربية الواقعة بقارة آسيا، إضافة إلى مصر والسودان، قبل وصول العبور إلى ذروته، يجعلها ترصد المراحل الأولى للعبور فقط، وستكون موريتانيا الدولة العربية الوحيدة التي يمكنها مشاهدة العبور كاملا».
ويبدأ عبور عطارد بمرحلة التماس الأول، ويبدو قرص عطارد في هذا التوقيت متصلا مع قرص الشمس وهي الظاهرة التي تعرف بـ«تأثير الدمعة السوداء»، إذ يظهر شيء يشبه «دمعة» سوداء صغيرة يصل بين حافتي قرصي عطارد والشمس، ويختفي تأثير الدمعة السوداء، ويصبح عطارد بالكامل أمام قرص الشمس، وهذه علامة للحظة التماس الثاني، وتسمى مرحلتا التماس الأول والثاني مرحلة «الدخول».
وخلال الساعات التالية يتحرك عطارد ببطء أمام قرص الشمس، ويصل العبور ذروته العظمى عندما يكون الكوكب في أقرب نقطة من مركز الشمس، وهذه المرحلة لن تكون مرصودة في معظم الدول العربية.
وتستمر الظاهرة إلى أن يحدث التماس الثالث عند الساعة 6:02 مساء بتوقيت غرينيتش، حيث تلامس حافة قرص عطارد ظاهريا الحافة الداخلية لقرص الشمس، ويتكرّر من جديد ظاهرة «تأثير الدمعة السوداء»، وبعد ذلك ينتهي العبور بعد دقيقتين بالتماس الرابع، عندما يلامس قرص عطارد ظاهرياً الحافة الخارجية لقرص الشمس، ويسمى التماس الثالث والرابع مرحلة «الخروج».
ولا تحدث ظاهرة عبور الكواكب أمام الشمس، إلّا مع كوكبي عطارد والزهرة، ويحدث العبور عندما يمر الكوكب بين الأرض والشمس ويكون على نفس مستوى دوران الأرض حول الشمس، وعندها يبدو الكوكب كنقطة سوداء أمام قرص الشمس، وفي حين أنّه يمكن رؤية عبور كوكب الزهرة بالعين المجردة فإنّ عبور كوكب عطارد لا يمكن رؤيته إلّا باستخدام الأجهزة الفلكية لصغر حجمه، حيث يبلغ قطره 3000 ميل (4800 كيلومتر)، مقارنة مع الشمس 864000 ميل (1.4 مليون كيلومتر).
ويحذر الفلكيون من التحديق في الشمس بالعين المجردة خلال حدث العبور أو باستخدام المنظار أو التلسكوب من دون وجود فلتر مخصص للشمس، مؤكدين أنّ حجم عطارد صغير جداً ويحتاج لتلسكوبات بقوة تكبير مناسبة.
واستخدمت هذه الظاهرة في الماضي لتحديد المسافة بين الأرض والشمس، ولكن في الوقت الراهن ومع التطور التقني، أصبح الرادار يقوم بهذه المهمة لتحديد المسافة بين الأرض والشمس بشكل أكثر دقة.
ويقول الدكتور أشرف تادرس، الأستاذ في المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر، إنّ «هذه الظاهرة تبقى مفيدة في عده اتجاهات فهي دليل واضح على كيفية عبور الكواكب حول الشمس، وتسمح للعلماء بإجراء قياسات لفهم أفضل حول غلاف جوي من الغازات يحيط بعطارد يسمى (الأكسوسفير)، وذلك لمعرفة مكوناته وكثافة غازاته».
ويضيف أنّ الصويوم في الأكسوسفير، يمتص ويعيد إصدار اللون الأصفر البرتقالي من ضوء الشمس، وبقياس ذلك الامتصاص يمكن معرفة المزيد حول كثافة الغاز.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».