التجارة الإلكترونية في روسيا واحة نمو وسط انكماش اقتصادي

المسافات الطويلة والكثافة السكانية المنخفضة تجعلها الخيار الوحيد في بعض المناطق

التجارة الإلكترونية في روسيا واحة نمو وسط انكماش اقتصادي
TT

التجارة الإلكترونية في روسيا واحة نمو وسط انكماش اقتصادي

التجارة الإلكترونية في روسيا واحة نمو وسط انكماش اقتصادي

لم تدخل غالينا غوريوشينا إلى أي متجر منذ وقت طويل، إذ باتت هذه المصورة الروسية الثلاثينية تتسوق حصرا عبر الإنترنت، في الوقت الذي تسجل التجارة الإلكترونية نموا هائلا في بلد يواجه تحديات لوجيستية كبرى.
تقول غالينا مبررة انتقالها قبل عشر سنوات إلى شراء الملابس التي لم تعد تجدها في روسيا على مواقع إلكترونية أجنبية: «بات لدي مزيد من الوقت لنفسي. لم أعد أحمل أكياس التسوق الثقيلة، ولا أضيع المال على التفاهات الصغيرة التي يمكن أن تغريني بشرائها في المتاجر».
بدأت هذه الشابة بالتسوق عبر الإنترنت قبل عشر سنوات عندما كانت لا تجد الملابس التي تحبها متوافرة في روسيا، والآن تشتري معظم احتياجاتها على الإنترنت.
قد تكون روسيا تأخرت في دخول عالم التسوق الإلكتروني، إلا أن التجارة الإلكترونية تشهد نموا هائلاً في البلد رغم الاقتصاد الراكد بفعل العقوبات الغربية.
وسجل الاقتصاد الروسي نموا بنسبة لم تتعد 0.7 في المائة في الأشهر الستة الأولى من 2019.
وخلال الفترة نفسها، توسعت سوق التجارة الإلكترونية الروسية بنسبة 26 في المائة لتصل إلى 725 مليار روبل (11.3 مليار دولار)، وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة الأبحاث «داتا إنسايت» الروسية.
ويتطور هذا القطاع بسرعة على الرغم من التحديات اللوجيستية الكثيرة في أكبر دولة في العالم، بما في ذلك الخدمة البريدية غير الموثوق بها في كثير من الأحيان.
وتجعل المسافات الطويلة والكثافة السكانية المنخفضة، التجارة الإلكترونية خياراً جذاباً وأحياناً الخيار الوحيد في بعض مناطق روسيا.
وحتى في موسكو الغنية، حيث تقدم مراكز التسوق مجموعة كبيرة من السلع الاستهلاكية، يفضل كثيرون التسوق عبر الإنترنت لتجنب الاختناقات المرورية في كل مكان.
بدأ «أوزون»، أحد أكبر تجار التجزئة على الإنترنت في روسيا، موقعا لبيع الكتب على الإنترنت كحال عملاق الإنترنت العالمي أمازون، ثم توسع لاحقاً ليشمل أنواعاً أخرى من البضائع. في جولة قام بها مؤخراً في مكاتب أوزون في الحي التجاري في موسكو، قال الرئيس التنفيذي للشركة ألكسندر شولغين، إن إمكانات النمو في روسيا هائلة.
وقال: «أنا واثق تماماً بأن التجارة الإلكترونية ستكون ضخمة للغاية في روسيا، وستحدث تحولاً بالنسبة للبلد»، مشيراً إلى ارتفاع معدل انتشار الإنترنت في روسيا، حيث 95 مليون مستخدم.
وفي الأشهر الستة الأولى من هذا العام، ارتفع عدد الطلبات عبر الإنترنت بنسبة 44 في المائة ليصل إلى 191 مليون طلب.
وقد وصل إجمالي نمو «أوزون» وأكبر موقع للتجارة الإلكترونية في روسيا «وايلدبيريز» وصيدلية الإنترنت «إبتيكا آر يو»، إلى نسبة 107في المائة مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي.
وقال شولغين إن التسوق عبر الإنترنت يتيح للروس الذين يعيشون في مناطق نائية إمكانية الوصول إلى ملايين المنتجات بأسعار معقولة.
وأضاف «من المذهل كيف تحسّن التجارة الإلكترونية نوعية حياة الناس في القرى والبلدات الصغيرة».
كذلك، فإن الأحوال الجوية القاسية تجعل من روسيا أرضاً خصبة للتجارة الإلكترونية.
وقال: «عندما ينهمر المطر أو الثلج، أو يكون الجو بارداً في الخارج، يفضل الناس التسوق عبر الإنترنت، لذلك (روسيا) دولة مثالية» لهذه التجارة.
وقال شولغين إن سوق التجارة الإلكترونية كانت متشرذمة ولا تمثل سوى 6 في المائة فقط من إجمالي تجارة التجزئة «لذا فإن فرص النمو هائلة».
في مركز الخدمات اللوجيستية في بلدة تفير الواقعة على بعد نحو 180 كيلومتراً شمال غربي موسكو، ينشغل موظفو «أوزون» بدفع العربات في الممرات أثناء استعدادهم لشحن البضائع إلى العملاء عبر روسيا.
وقال إيفان بوبوف، نائب مدير الخدمات اللوجيستية في أوزون «يتعامل المركز مع أكثر من 100 ألف حزمة يومياً، ويعمل نحو 2000 شخص هنا يومياً».
وفي المدن، تعتمد الشركة على شركات الشحن، وخزنات التسليم الآلية، ومواقع التنزيل.
ولشحن الطرود إلى مواقع بعيدة، تتعاون أوزون مع البريد الروسي «لأن لديه فروعا في كل مكان، وهو مثالي للقرى الأصغر، ويمكنه التوصيل إلى أي مكان»، بحسب شولغين.
شهدت شركة وايلدبيريز، منافسة أوزون نمواً بسرعة مذهلة في السنوات الأخيرة، ما جعل مؤسستها من أغنى النساء في البلاد.
فهذا العام، أصبحت تتيانا باكالتشوك، وهي أم لأربعة أطفال تبلغ من العمر 44 عاماً، ثاني أكبر مليارديرة في روسيا، وفقاً لفوربس.
وأسست باكالتشوك، مدرسة اللغة الإنجليزية السابقة، الشركة في عام 2004 ولم يتعد عمرها 28 عاماً، في شقتها في موسكو أثناء إجازة الأمومة.
وابتكرت فكرة الموقع بعد محاولتها التسوق في المتاجر التقليدية وهي تحمل مولودها الجديد.
وركزت في البداية على الأحذية والملابس. ووسعت أعمالها الآن لتشمل المواد الغذائية، والكتب، والإلكترونيات، والمنتجات الصحية، حيث توفر 15 ألف علامة تجارية.
في مارس (آذار)، أصبح «وايلدبيريز» ثالث أكبر موقع أزياء إلكترونية من حيث عدد الزيارات في العالم بعد «إتش إن إم» و«ميسي» بحسب دراسة شركة «سي آي إم راش» لتحليل التسويق.
وتوجد الشركة في الجمهوريات السوفياتية السابقة بيلاروسيا، وكازاخستان، وقرغيزستان، وأرمينيا، وتهدف الآن إلى الوصول إلى وسط أوروبا، وتقوم ببناء مركز لوجيستيات في سلوفاكيا.



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.