«التذكارية».. أول مدرسة رسمية في الرياض طلابها أكبر أعمارا من معلميها

المدرسة حاليا شهدت قفزات تطويرية وبناء حديثا
المدرسة حاليا شهدت قفزات تطويرية وبناء حديثا
TT

«التذكارية».. أول مدرسة رسمية في الرياض طلابها أكبر أعمارا من معلميها

المدرسة حاليا شهدت قفزات تطويرية وبناء حديثا
المدرسة حاليا شهدت قفزات تطويرية وبناء حديثا

تعد المدرسة التذكارية في الرياض التي تأسست قبل 67 عاما أول مدرسة نظامية في العاصمة السعودية. وكانت في وقتها أشبه بجامعة في عاصمة الدولة الناشئة، حيث التحق بها مئات الطلاب وخرجت الكثير منهم تسنموا لاحقا مناصب قيادية في الدولة. ولعل من اللافت في المدرسة أن أغلب طلابها كانوا أكبر أعمارا من معلميها، بل إن بعض خريجي المدرسة عاد بعد سنتين من تخرجه فيها ليكون معلما بها، وربما أصبح معلما لطالب زامله ولم يحالفه الحظ في النجاح والتخرج.
وجاءت تسمية المدرسة بهذا الاسم تذكارا وابتهاجا بعودة الملك المؤسس عبد العزيز من زيارته التاريخية لمصر قبل 70 عاما، وكانت تعرف قبل ذلك بالمدرسة الأهلية. وتم تحول اسمها إلى المدرسة التذكارية بمقترح من الملك فيصل قبل نصف قرن تذكارا بزيارة والده إلى مصر.
وتعود قصة إنشاء مدرسة التي تعد محطة مهمة في تاريخ التعليم في السعودية بشكل عام وفي عاصمة الدولة بشكل خاص إلى عام 1944 ميلاديا، عندما عاد الملك عبد العزيز من زيارته إلى مصر، وكانت جدة هي محطته الأولى في عودته إلى بلاده بعد انتهاء الزيارة، وقبل أن يتوجه إلى العاصمة الرياض قرر أهاليها، وخصوصا تجارها، الاحتفاء بالملك بعد هذه الزيارة التاريخية لمصر، وأجمع الأهالي على أهمية إقامة احتفال خاص وكبير بمناسبة عودة الملك، وتم جمع مبلغ مالي لإتمام مراسم الحفل، وكان المبلغ في وقته يعد كبيرا في ظل الإمكانيات الصعبة والمتواضعة للدولة الناشئة، لكن الملك المؤسس لما علم بعزم سكان الرياض على إقامة هذا الحفل أبلغ المنظمين له بعدم اتخاذ أي إجراء يتعلق بذلك وعدم التصرف بالأموال التي تم جمعها لإقامة الاحتفال حتى يعود إلى الرياض. وعندما عاد الملك للعاصمة واستقبل من قبل الأهالي، أبلغوه برغبتهم بإقامة احتفال كبير بمناسبة عودته من زيارة مصر وطلبوا منه تحديد اليوم المناسب لإقامة الاحتفال. لكن الملك رأى أن يتم صرف النظر عن إقامة الاحتفال، مقترحا على ممثلي الأهالي الاستفادة من الأموال التي جمعت للحفل بإقامة مشروع خيري أو نفعي يستفيد منه سكان العاصمة، فاستحسن الأهالي مقترحه، وتركوا للملك تحديد نوع المشروع الذي يراه.
وقد أبلغ الملك الأهالي بأن يتم بالأموال التي جمعت بناء مدرسة، فكانت ميلاد المدرسة الأهلية أول مدرسة رسمية في الرياض التي تعد منطلقا للتعليم الرسمي في العاصمة السعودية، وقد افتتحت المدرسة بعد أن تم تشييدها خلال أقل من 3 سنوات، واتخذت موقعا لها في شارع البطحاء الذي يعد أحد أعرق الشوارع وأقدمها في الرياض، وقد تحول اسمها من المدرسة الأهلية إلى المدرسة التذكارية بمقترح من الملك فيصل قبل نصف قرن، وكان أول مدير لها الشيخ الراحل عبد الله بن إبراهيم السليم.
وكانت الرياض قبل افتتاح المدرسة الأهلية (التذكارية لاحقا) قد عرفت أشكالا من التعليم الخاص عبر نظام المدارس الحديثة أو الكتاتيب أو حلقات الدروس في المساجد، علما بأن مجموع الطلاب في عموم مناطق السعودية عام 1954، أي بعد سنوات قليلة من افتتاح المدرسة التذكارية بلغ 65 ألف طالب، وهو رقم متواضع جدا إذا قيس بعدد سكان البلاد الذين قدر عددهم في ذلك الوقت بنحو 6 ملايين نسمة، هذا مع ضرورة الإشارة إلى أن تعليم البنات في العاصمة السعودية قد تأخر كثيرا عن تعليم البنين فيها، حيث عرفت الرياض أول مدرسة للبنات عام 1961، وهي المدرسة الأولى للبنات، وقد اتخذت من شارع سلام مقرا لها، وتحولت المنطقة بما فيها المدرسة قبل سنوات إلى متنزه يعد الأكبر في الرياض ويحمل اسم «متنزه سلام» ومقابله من جهته الشمالية الشرقية المدرسة المحمدية للبنين التي تعد رابع مدرسة رسمية يتم افتتاحها في العاصمة الرياض.
وخلال رحلة الكفاح التي قادها من تولوا العمل في المدرسة من إداريين ومعلمين على مدى العقود الماضية يتضح مدى الجهد الذي بذل من قبلهم لتحقيق أهداف ورسالة المدرسة التعليمية والتربوية والمواقف والحالات النادرة والتاريخية التي فرضتها ظروف البدايات الصعبة في التعليم في عاصمة الدولة الناشئة، حيث إن التعليم الأساسي الأولي أو ما يعرف بالتعليم الابتدائي، عرفته مدن سعودية كثيرة وقد أدى هذا النوع من التعليم رسالته في أغلب المدن السعودية.
ولعل اللافت في موضوع المدرسة التذكارية أنها أول مدرسة تمثل بداية التعليم الرسمي في الرياض مع وجود مدارس أهلية قبلها ومدارس الكتاتيب ومدارس المساجد. وقد اتخذت المدرسة مبناها ولا يزال وسط العاصمة وفي حي البطحاء على شارعها العريق بتقاطعه مع شارع طارق بن زياد، وأمامها يقع مبنى بلدية الرياض القديم، وسوق الحلة الشهير الذي يعج بالمطاعم الشعبية وبسطات بائعات الخضراوات من النساء ذوات السحنة السمراء، وعلى امتداد شارع يرتاده الجنسان من الرجال والنساء راجلين.
ووفقا لأحاديث سجلها تربويون تولى بعضهم إدارة المدرسة أو التدريس فيها على مدى العقود الماضية فإن المدرسة تعد الأكبر في السعودية من ناحية عدد طلابها وفصولها، حيث وصل عدد الدارسين بها في إحدى الأعوام إلى 1500 طالب وعدد فصولها بمختلف الصفوف الدراسية 50 فصلا، وهو ما يوحي بأن الفصول متكدسة بالطلاب مما يصعب مهمة المعلمين ويتطلب منهم جهدا مضاعفا لإيصال المعلومة إلى الطلاب، وخصوصا أن أسلوب التعليم يعتمد على التلقين والشرح والحوار، إضافة إلى أن تقويم الطلاب يتم أربع مرات خلال الشهر الواحد، الأمر الذي يحتاج إلى جهد ووقت مضاعفين لضمان دقة التقويم، كما أن من اللافت في المدرسة أن طلابها كانت أعمارهم تفوق أعمار المعلمين، وربما أن بعض الطلاب متزوج ولديه أبناء، وقد يعود الطالب بعد تخرجه بسنتين إلى المدرسة ليصبح معلما وزميلا فيها لمعلميه الذين تولوا تدريسه.
ويتذكر معلمو وطلاب المدرسة زيارة وفد ثقافي أميركي ضمن زيارتهم للعاصمة الرياض، حيث تعد المدرسة محطة لزيارة الوفود الثقافية نظرا لأنها النموذج الوحيد للمدارس في الرياض، ففي مطلع السبعينات الميلادية زار وفد ثقافي أميركي المدرسة زيارة فجائية، حيث لم يتم إبلاغ إدارة المدرسة بهذه الزيارة إلى قبل ساعات مما أوقع الإدارة والمعلمين في حرج لعدم إلمامهم باللغة الإنجليزية، حيث إن جلهم يحمل الشهادة الابتدائية فقط، فقام بعض المعلمين من جنسيات عربية ضمن الهيئة التعليمية في المدرسة بإنقاذ الموقف وإعداد لوحات ولافتات ترحيبية للوفد باللغة الإنجليزية والقيام بدور الترجمة.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.